8

129 12 0
                                    

[ روح الطفل ]

.

.

.

بدايات ديسمبر و نهايات الخريف ، الرياح تداعب بويصلات شعرهم الداكن ، نسمات هواء باردة، تلاها دموع السحاب المنهمر ، حزنا و شفقة على حال من يقبع اسفلها ، بينما هي اشد حزنا على احدهم .

تعابير وجه الأكبر مضحكة بعض الشيء ، فالصدمة المتجلية عليه تجعله يبدوا كالمهرج ، يرفع حاجبيه ضامّا إياهما في عقدة ، و فمه يكاد يسقط من هول الصدمة ، يبدوا كالمهرج الظريف .

أمّا الأخرى فعضلة عينها اليسرى تنقبض و تنبسط بانزعاج ، بينما عقلها يعمل على طريقة لتعذيبه ، ثم قتله ، و تشريحه ، و اخيرا دفنه كاحترام للجثة ،فبالرغم من كل شيء يظل لديها ضمير و احساس .

انتبه الآخر لتلك النظرات ، و التي ان كانت تقتل ، فجسده سيمتلىء بالرصاص من رأسه و حتى اخمص قدميه ، ظلّ يدور بعينيه في الأرجاء مبتعدا عن خاصتيها ، فحتى هو يعلم حجم فعلته ، فلو تكرر الأمر معه لاقتلع أعين من يفكر فقط .

قاطع هطول المطر تلك الأجواء المشحونة، و جذب الأنظار إلى مصدره ، راسما طيف ابتسامة على من يقبع اسفله ، لم يكن مجرد قطرات كما ظن الآخر ، بل إنها تمطر بغزارة الآن ، اتسعت ابتسامة الأكبر لصدق تنبوئها، بينما ابتسامة الأخرى اضمحلت تدريجيا ، ذكريات والديها التي تعصف برأسها كانت أقوى منها ، تتذكر كل شيء كما لو حدث بالأمس ! و ما الغريب ؟ فبعض الذكريات يصعب نسيانها .

خفض تايهيونغ رأسه بعد مدة وجيزة و بقي يتأمل الملاك القابع أمامه، لا يصدق أنها تقف بالقرب من شيطان حقا ! هل كسرت قواعد الكون و التقى ملاك و شيطان ؟ ألن يكون أذىً لها ؟

عاودت الرياح قدومها بقوة هذه المرة ، و تغيرت الأجواء الدافئة إلى ما يقارب الزمهرير، مدّ تايهيونغ ذراعيه يشد ملاكه اليه و يغطيها جيدا بسترتها الجلدية ، ثم عانقها من الخلف لمنحها بعض الدفء بجسده ، و كم ان وضعيتهما محببة اليه .

توقف عقلهما عن التفكير ، و محي كل ما به ، توقف تدفق الذكريات ، كما توقف الشعور بكل شيء داخلي كان أو خارجي ، كل ما يجول بداخلهما هو رغبة ملحة بترجمة ما ينبض به خافقهما ، لا يستطيعان فهم لغته بعد ، صوته خفيض للغاية فلا يستطيعان لا السمع و لا الفهم ، كل ما يفقهانه أنهما يجب عليهما الخضوع و التسليم ، دون السؤال عن التالي .

...

اسفل قطرات المطر المنهمرة ، و وضعيتهما الحميمة ، توحي للناظر بانهما عاشقان بموعد غرامي ، كـروح واحدة سكنت جسديهما ، تقربهما القلوب و يبعدهما القدر ، نزاع عصيب ، وضحيته شابين عاش كل منهما من المعاناة ما يكفيه .

زوجي المزيف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن