1

167 18 52
                                    

[ القدر... ]

< كلمة تقال حين يوقن المرء ان حاله لن يتغير ، و يستخدمها البعض لتبرير ما قد حدث ، القدر شيء مكتوب لك لا تقوى على تعديله ، ما كتب لك هو واقع لا محالة ، القدر لعبة مضللة ، تقف الى صفك مرة و ضدك آلف مرة ، تراك ملك قرارك ، و في النهاية انت لا تكون سوى عبد مسير مسلوب الحرية .
هل سيتغير هذا المفهوم يوما ؟ ، و هل سيوجد من يقوى على كتابة قدره و التحكم بقراراته ؟ >

.

.

.

واقفان بتلك الجنازة ، أحدهما يناظر المراسم ببرود و دون ادنى تعبيرات تظهر على وجهه ، و الأخرى هادئة تماما  مجرد ان دموعها تهطل كشلال غير راغب بالتوقف .

هدوءهما يثير الدهشة و العجب ، فلا يظهر عليهما اي مما يروه من مظاهر الحزن التي تتجلى في عائلة المتوفي ، لربما كانت السماء الباكية هي اشد حزنا منهما في هذه اللحظة .

انتهت مراسيم العزاء بعد تسبيب بعض الضيقة للبعض ، رؤيت الشفقة في أعينهم مثير للسخرية بالنسبة له ، و أما الاخرى فكانت تقابل مواساتهم بابتسامة باهتة ؛ في محاولة لطمأنة من هم قِراب لقلبها ، عاد الجميع لمنزله حاملا همه معه ، هموم تتراكم على كيان أحدهم ، و الأخرى لا تقوى على حمل همّ اخر ، فما حدث كان ثقيلا جدا عليها ان تتقبله .

.

.

منزل كساه البرد و العتمة ، ولج إليه مالكه ملقيا بمعطفه المبتل على الأريكة ، ليأتي اخر دون اصدار صوت و يأخذه .

عاد المالك لغرفة جلوسه بعد ان جلب كوب قهوته الداكنة ، مد يده إلى الطاولة الصغيرة و التقط حاسوبه المحمول ، من النظرة في عينيه دلّ ان ما ينوي القيام به لا ينذر سوى بقدوم الشر .

فور ان فتح حاسوبه تلقى العديد مِن الرسائل على بريده الالكتروني ، محتواها عزاء و كلمات مواساة ، لم يكلف نفسه عناء الرد و قام بحذفهم جميعا ، عدا رسالة واحدة أثارت اهتمامه قليلا بسبب مرسلها ، كانت من محامي عائلته .

قرأ محتواها سريعا بينما ظهر على وجهه إمارات عدم الرضا ، كتب الرد سريعا متوعدا لذلك المحامي في نهايته
[ غدا ، الساعة الحادية عشر صباحا ، تعلم ما سأقوم به إن كان ما تملكه غير مفيدا او مهما ]
و هكذا ارسل رده ثم عاد ليقوم بما اراد القيام به سابقا .

دلف الى المتصفح و ادخل كلماته المفتاحية ، تلاها ظهور عدة صور و مقالات ، ما جذبه لم يكن سوى قطعة قماشية كانت على الأرض الجرداء في إحدى الصور ، ضحكة مكتومة مليئة بالسخرية و القهر صدرت عنه ، ثم اقفل جهازه أثناء ارتشاف آخر قطرة من قهوته .

زوجي المزيف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن