الفصل السادس

680 110 12
                                    


الفصل السادس

زعزعــة هيبته، والتقليل من شأنه أمام أهــالي المنطقة، ناهيك عن حدوث ذلك في تواجد عماله بالمخبر، جعله في أوج غضبه وحنقه. لم تهدأ مُهـــاج الحاج "درويش"، وظل على حالته المنفعلة، فأمسك بهاتفه المحمول، وخـــابر من يقع تحت سطوة قوته ونفوذه، للقيــام بمهمة رد اعتباره أمام الجميع، وتلقين من تجرأ عليه درسًا لا ينســاه أبدًا.

ارتفعت نبرته المحتدة وهو يخبره بما يزيد من تأجيج نيران الفـــتنة بين الأطراف المتناحـــرة:

-والله يا ريس "العِترة" لو فوتنا اللي حصل ده، هتلاقي الكل عملنا مُسخته، الصغير قبل الكبير، مش معقول ده يرضيك.

ظل صوته متأرجحًا ما بين الغضب والغل وهو لا يزال يكلمه:

-وأني لازم أعلم على الواد ده علشان يعرف هو غلط في مين.

غامت نظرته أكثر حينما أضاف كذلك:

-وبعدين دي بقت عداوة صريحة مع "فهيم"، وأنا عايزه يتربى.

أتاه صوت "العِترة" هادئًا وناصحًا:

-اصبر عليا كده، وخليني أشوف هتصرف إزاي.

ألح عليه بتصميمٍ:

-اعمل أي حاجة تخليني أخد حقي على طول.

بنفس الصوت الهادئ خاطبه:

-هيحصل، بس سبني أدورها صح في دماغي، علشان لما نضرب ضربتنا، تسمع عند الكل.

بالكاد تمكن من كبح غضبه المستعر، وقال، ووجهه يسوده تجهمًا شديدًا:

-ماشي الكلام.

......................................

كلماتها وإن كانت عفوية، نابعة من طبيعة الموقف الذي تعرضت له مع شقيقتها، إلا أنها كانت كسهمٍ نافــــذ، رشــق في صدر أحدهم وأصابه في مقتل. التفتت "خضرة" ناظرة من موضعها إلى الشابتين اللاتين كانتا تقفان في الخلف، وعاودت النظر إلى "زهير" لتكلمه في صوتٍ قلق، محفزٍ للنزعة الذكـــورية الانتقــــامية بداخله:

-يا وقعة سودة يا سيد الناس!

اشتدت عضلات وجهه، وكذلك كتفيه بشكلٍ ملحوظ، خاصة وهي لا تزال تهتف بنفس الطريقة المستثيرة للأعصـــاب:

-مين اللي اتجرأت عليك كده يا سي "زهير"؟ هي متعرفش إنت مين؟!

مصمصت شفتيها، وأكملت بتحفزٍ مزعج أكثر:

-نهارها مش فايت أكيد.

نفد صبره من أسلوبها الذي يستفزه أكثر من أي شيء، وهدر بها بنبرة أخرستها على الفور:

-ولا كلمة.

انتفضت "مروة" فزعًا من نبرته التي أجفلت بدنها، وانكمشت على نفسها، في حين هزت "خضرة" رأسها في طاعة، وتابعته بعينين متوجستين وهو يترجل من السيارة ليذهب إليهما، متوقعة حدوث الأســــوأ. مالت بعدها على تلك الملتصقة بها لتلكزها في جانب ذراعها، مرددة بشيءٍ من الحماس المريب، وكأنها تُبدي استمتاعها ونشوتها العارمة لرؤية جانبه المُوحــش حينما يظهره للجميع علنًا:

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: a day ago ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

فوق جبال الهوان - قيد الكتابةWhere stories live. Discover now