عذرًا على التأخير ♥
الفصل الرابع
لم تشفع لها عنده رجاواتها ولا توسلاتها ليكف أذاه عنها، بل إنه تمادى في اللعب على أعصابها، وإرهاقها معنويًا حتى نجح في استنزاف طاقات مقاومتها، إلى أن قرر التوقف عن إضاعة وقته باللهو الفارغ، واقتحـــام أراضيها بكل عنفوانٍ وجموح، وبلا هوادة.
صرخت "مروة" مستغيثة بمن ينجدها من براثنه، فكانت نبرتها بمثابة معزوفة تطرب لها الآذان، تركها تظن أنها على وشك نيل المساعدة، فأطلقت صيحة عالية:
-يا خلق هوو، الحقــــوني.
منحها ابتسامة مستمتعة، قبل أن يتحفز فجأة، وينقض على شفتيها كاتمًا صوتها بقبلة نهمة جائعة، جعلت معدتها تتقلص، ورغبتها في الذود عن نفسها تتضاعف. ضربت بقســـوة صدره بكلتا قبضتيها، وحاولت دفعه عنها لتتمكن من الابتعاد عنه أو حتى التنفس. ظل "أكرم" لبرهةٍ على تلك الحالة حتى أبعد رأسه عنها، وهذه الابتسامة اللئيمة تحتل وجهه.
حملقت فيه مذهولة، ومرعوبة، رأت كيف يبتسم لها، فارتعدت دواخلها بالكامل.
لم يرغب في انقضاء لعبة الفريسة التي وقعت في عرين الأسد بسرعة، لذلك أرخى ذراعيه عنها لتظن أنها قادرة على الفكاك منه، وتركها تركض هنا وهناك بداخل الغرفة باحثة عن المهرب المناسب، إلى أن تأهب لملاحقتها، وياليته لم يفعل!
لم يحتج إلى الكثير من المجهود ليعاود الإمساك بها ببساطةٍ، فقبض على رسغها، وجذبها إليه، ثم انحنى قليلًا للأسفل ليتمكن من رفعها على كتفه، صرخت في هلعٍ، فأخبرها بتسليةٍ:
-ده احنا لسه بنبتدي يا "سمارة".
اسم عجيب، ووضع أعجب معه، ركلت بساقيها في الهواء، وواصلت الصراخ، لتجده يتجه بها نحو فراشه الذي يتوسط الغرفة، طرحها بقوةٍ عليه، لتهتز جوانبه الأربع، وقبل أن تستفيق من الصدمة، وجدته يعتليها، ويطبق بكله على كلها، وهو يحاول الظفر بما لا تسمح له بالمساس به.
وما هي إلا لحظاتٍ، واِنزاح ستر الروح ومن قبله غطاء الجسد، لتُرفع رايات الاستسلام قهرًا وظلمًا، ورغم التوسلات والأنين إلا أنه لم يعبأ للحظة بشأن تهشيم روحها أو حتى يندم على ما اقترف في حقها. اعتبر كل ما فيها مُحللًا له، فراح يستبيح بجراءةٍ ما لا يجوز، حتى انقضت الرغبة، وخبت الشهوة، فأصبح وجودها لا يهم.
متعة أن تكون الأول في حياة أحدهم كانت لا توصف، وهذا ما عزز شعور التفرد والانفراد لديه. تركها أقرب بجُــــثةٍ تنازع للبقاء على قيد الحياة على فراشه، تبكي في صمتٍ عاجز على فقدان أغلى ما تملك في دنياها الفانية، والتقط ثيابه المُلقاة على الأرضية ليرتديها في شموخٍ وزهو، وكأنه انتصر في معركة معروف منذ بدايتها أنه الفائز فيها، ليخرج من غرفته وبين شفتيه سيجارة أخرجها من علبة السجائر المفضلة لديه، أشعل طرفها بالولاعة، وتابع سيره في الردهة وهو يسحب نفسًا عميقًا منها، حبسه لعدةٍ لحظاتٍ في صدره قبل أن يحرر دخانها الكثيف ببطءٍ. الهدية كانت ثمينة، وتستحق صاحبتها الثناء والتقدير، فقلما مُنح ما يرضي نفسه الطامعة.
YOU ARE READING
فوق جبال الهوان - قيد الكتابة
Non-Fictionرواية تدور أحداثها في الضواحي والأحياء الشعبية