الفصل الخامس
بعد مراقبةٍ حثيثة لعدةٍ دقائق في محيط هذه المنطقة المزدحمة بالمركبات المختلفة والمــــارة، وقع الاختيار على أحد بعينه، للقيام ضده بهذه الخطوة الجريئة، فالأخير كان مشغولًا بالحديث في هاتفه المحمول، وهو جالس في المقعد الأخير الملاصق للنافذة بالحافلة الصغيرة. تأهب "شيكاغو" في جلسته على محرك دراجته البخـــارية، غطى وجهه بطرف وشاحه، ثم حركها ببطءٍ إلى أن أصبح على مسافةٍ قريبة منه.
لسوء حظ هذا الفتى، كان يشعر بالاختناق من الزحام، فتعمد طرح جانبه الأيمن عبر النافذة، ليصبح ذراعه الممسك بهاتفه بارزًا لمن بالخارج، وانشغل في الحديث مع الطرف الآخر، دون أن ينتبه لزوج الأعين المراقبة له.
أعاد "شيكاغو" من جديد تقييم الموقف في رأسه، وحدد وجهته التي سينطلق ناحيتها بمجرد أن يتم مهمته، فالأجواء تقريبًا مهيأة للشروع في إتمــام ســــرقته.. حينما حانت اللحظة المناسبة، زاد من سرعة الدراجة، وفي غمضة عين اختطف من بين أصابع الفتى الصغير هاتفه الجديد ليزيد من سرعته، ويهرب في الحال.
استطاع سماع صراخه ينادي مستغيثًا:
-حــــرامي يا ناس، موبايلي اتســــرق.
في التو انحرف بدراجته عبر زقاقٍ جانبي، ومنه إلى آخر ليتجنب بحرفيةٍ أي محاولة لإلقاء القبض عليه. أصبح بعد برهةٍ بعيدًا عن الخطر، فأبطأ من سرعة دراجته، ونظر بتفحصٍ إلى غنيمته التي ظفر بها، راح يقلبها يمينًا ويسارًا وهو يحادث نفسه متسائلًا في تحير:
-يجيبله كام البتاع ده؟
لم يحاول التخمين كثيرًا، ووضعه في جيبه، ليعود إلى مقر إقامته، من أجل الترتيب مع شريكه لبيعه، والاستفادة من المبلغ الذي سيجنيه من ورائه في الترويح عن نفسه.
.........................................
أتـــاه أخيرًا التكليف الرسمي بحضور ذلك التدريب الهام، والذي سيعقد في إحدى قاعات المؤتمرات بواحدٍ من الفنادق الشهيرة في العاصمة. تحمس كغيره للتواجد هناك، وجلس مع باقي زملائه يتفقون فيما بينهم على ما يجب فعله للاستفادة بكل المنح المصاحبة لذلك. قال أحدهم كنوعٍ من الاقتراح:
-احنا نخلص تدريب الصبح، ونقضيها سهر بالليل.
رد عليه "راغب" ممازحًا:
-هو هيكون فينا حيل؟
لكزه في كتفه قائلًا بزهوٍ:
-يا ابني احنا بنتعامل معاملة VIP .. فرصة نستفيد بكل حاجة في الفندق.
سأله آخر في فضولٍ:
-على كده هتقول إيه لمراتك؟
التفت "راغب" تجاهه، وأجابه بملامحٍ جادة:
YOU ARE READING
فوق جبال الهوان - قيد الكتابة
Non-Fictionرواية تدور أحداثها في الضواحي والأحياء الشعبية