الفصل 1: عودة الى تضحية العربة

15 2 7
                                    

كانت السفينة الشبيهة بالصقر تشق طريقها عبر السماء المظلمة، محركاتها النفاثة تزأر بقوة هائلة. لقد فقد العالم أدناه نوره، وكأن كارثة قديمة انتزعت الشمس من الوجود، ولم يبق سوى غطاء من الظلام الدامس.

السحب كثيفة، تدور مثل الظلال المكسورة، وتحتها تقع مدينة منسية - هيكلها من المباني المهجورة منذ فترة طويلة، والتي اختنقت الآن بالطحالب التي زحفت على كل سطح، وهي شهادة على سنوات الهجران.

المركبة الجوية، المعروفة لدى بقايا البشرية باسم "القطار"، ملاذهم الأخير - سفينة ضخمة تضم آخر وميض من الحياة الواعية. داخل بطنها الكهفي، ارتفعت متاهة مترامية الأطراف من الهياكل المعدنية مثل المدن المصغرة. من نوافذها، كانت الأضواء الشاحبة تتوهج بشكل خافت، وكأن المباني نفسها بالكاد تتشبث بالحياة. في الأعلى، كانت المصابيح المعلقة تومض بينما كانت المراوح الاصطناعية تطن، تكافح للحفاظ على حركة الهواء الراكد. في قلب القطار، أصبحت المباني أطول وأكثر تعقيدًا، مما يشير إلى حدود المنطقة النبيلة - تذكير بارد بالعالم الهرمي الذي نجا من نهاية العالم.

تحرك الناس في الداخل مثل الأشباح، بعيون غائرة وخمول، وكأن إرادة الحياة قد استنزفت منذ فترة طويلة من عروقهم. ولكن وسط هذا البحر من البشرية البطيئة، شقت شخصية واحدة طريقها عبر الظلام بعزم شرس.

تحرك جندي، بزيه العسكري الأخضر المضغوط بقوة على جسده، مثل البرق عبر الأزقة. شعره، بني محمر غامق، يرفرف خلفه وهو يركض. تلمع عيناه الخضراوتان الليمونيتان بشدة، وتعبير وجهه قاسٍ ومركز. حول خصره، يلمع شعار أرنب فضي - شارة شرفه. كانت فريسته قريبة.

انطلق عبر الممرات الضيقة، قفز فوق العوائق برشاقة حيوان مفترس يطارده. كانت الشوارع عبارة عن ضباب من المعدن والظلال وهو يقترب، وكل خطوة تجذبه أقرب إلى هدفه - رجل يفر إلى الظلال.

ولكن بعد ذلك، كما لو أن الظلام نفسه ابتلعه، اختفى الرجل.

تباطأ الجندي، واشتعلت كل أعصاب جسده بالتوتر. كان هناك خطأ ما. صرخت غرائزه، وفي نبضة قلبه التالية، ومضت شفرة سوداء أمام عينيه - على بعد نفس واحد من تقسيمه إلى نصفين. بردّ فعل شبه خارق للطبيعة، انحنى الجندي إلى الخلف في حركة سلسة سينمائية، وشق النصل الهواء فوقه. استدار تحتها، وتجنب الموت بصعوبة، وانزلق حتى توقف.

كان الرجل يقف هناك - شخصية ذات بنية عادية، لكنها تتميز بالغرابة. من تحت ساقيه، امتد ظل يشبه الذنب، ملفوفًا مثل سلاح حي. كان يتلوى، صلبًا ومهددًا. "ذنب الظل" سيئ السمعة.

واجه الجندي العديد من الأشخاص بهذه القدرة، لكن شيئًا ما في هذا الرجل كان... غير طبيعي. كانت حدقتاه واسعتين وغير مركزتين. كان العرق يتصبب على وجهه، وأطرافه ترتجف ليس بسبب الجهد المبذول، بل كما لو كان مدفوعًا بشيء أكثر قتامة. مخدر؟ أو ما هو أسوأ.

Shadow Trainحيث تعيش القصص. اكتشف الآن