23_أوجاع بلا مفر .

1.9K 154 59
                                    

أوامر عُليا .
الفصل الثالث والعشرون .
_ أوجاع بلا مفر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كأن السماء انطبقت على صدري، كأن الرياح العاتية لا تتوقف عن الصراخ في أذني، وأنا... وحيد في مهبّها.
لا أستطيع تمييز من أين تأتي الصفعات، كأن الحياة قررت أن تضربني بكل قوتها من كل اتجاه، لا فرصة للتنفس، لا مهرب.
كلما ظننت أنني نجوت من عاصفة، تهجم أخرى بلا هوادة، وكأن الهدوء حُرم على روحي، وكأنني مرهون للألم.
ظهري لم يعد يعرف إلا الألم، ثقوب ملأت روحي قبل أن تخترق جلدي، لا مساحة بقيت لمزيد من الطعنات، لكن الطعنات تأتي.
إنها تأتي بلا دعوة، بلا هوادة، كأنني مُسَخر لهذا الألم الذي لا يتوقف.
يقولون "كن قوياً"، لكن القوة صارت وهماً، كأنها لعبة يديرها القدر، يختار من يمنحه النور ومن يحجب عنه حتى ضوء الأمل.
كل شيء حولي يتصدع، كل شيء بداخلي ينكسر، وأنا... أنا أقف في منتصف هذا الخراب، أراقب نفسي تتلاشى شيئًا فشيئًا، بلا قدرة على إيقاف هذا النزيف الذي يأكلني ببطء.
أتساءل، هل هناك مفر؟ هل يأتي يوم تلتئم فيه تلك الثقوب؟ أم أنني محكوم بالتيه، بالضياع في هذا العالم الذي لا يعرف سوى القسوة؟
ومع كل ثقب في ظهري، مع كل طعنة، أصبحت أحمل في داخلي جروحًا لا تُرى، وأوجاعًا لا تُشفى. كأنني اعتدت الألم، أصبح جزءًا من ملامحي، لا يفارقني حتى في لحظات الصمت. كلما حاولت أن أهرب منه، يلاحقني كظلي، يتسلل إلى كل زاوية في نفسي، يسرق مني القوة شيئًا فشيئًا.
الطريق طويل، والحمل ثقيل، والجروح عميقة، لكنني هنا، ما زلت في المعركة، لأن الاستسلام يعني أن أخسر نفسي للأبد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جالس في الردهة يحتسي مشروبه المعتاد ، باندماج ، يتابع بعينيه التلفاز .
يعرض التلفاز أحد قنوات الأفلام ،
يجلس على أريكة مريحة ،
بيده كأس من عصير المانجو ،
بجواره ببغاء و سلحفاء و ... أسد .

ربما هذا المشهد يوحي كم هو شخص مُسالم ، شخص هادئ للغاية ، حقـًا!

زاغت عيناه نحو تلك التي ظهرت أمامه فجأة ، تطالعه باستنكار شديد .
حدثت بعض المستجدات و أولهم رجوع «الكحيلة» _كيفما يطلق عليها_ حيث منزله من جديد .

عاد بنظره نحو التلفاز من جديد ليجدها تتقدم بحذر تلقي حديثها عليه بضيق شديد :
_ على فكرة أنا مش هعرف أنام في الغابة دي !

تراجعت الخطوة التي تقدمتها تلك ، تنكمش بذاتها حينما لمحت انتفاضة هذا الأسد يرمقها ، ليضع ما بيده جانباً ثم ابتسم وهو يضع يده يمسد به على ظهر «أسده» ثم أردف متسائلاً بنبرة جادة :
_ بتخافي من الأسود ؟

تعجبت من سؤاله ، هل من الطبيعي أن يسأل أحد هذا السؤال ، ولكن ما الطبيعي في الأمر الأن وهي تقف أمام أسد حر طليق!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 05 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أوامــر عُــليا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن