---
عندمـا تتخاطب العيون، تكون أبلغ من أي كلام...
.
.
.
---كانت الشمس قد بدأت تميل نحو الغروب، تلقي بأشعتها الذهبية على حجارة الأزقة القديمة، مغطيةً المدينة بلمسة من السحر الدافئ. في تلك الأزقة المتعرجة، ترددت ضحكات الأطفال وهم يلعبون بحماس، يتقاذفون كرة مصنوعة من القماش المتين، ويمرون بجانب النساء اللواتي يرتدين الحايك، ذلك الثوب الأبيض الأنيق الذي يغطيهن من الرأس إلى أخمص القدمين، تاركاً فقط أعينهن تلمعان من وراء الحجاب الشفاف.
أصداء خطواتهن الهادئة كانت تندمج مع صوت بائع "المسمن" وهو ينادي على بضاعته من زاوية الشارع، تنبعث منه رائحة الزبدة الساخنة والدقيق. هنا، كانت الحياة تتحرك برتابة جميلة، حيث كان كل شيء ينبض بتقاليد قديمة صاغت هوية هذا المكان.
و بينما كانت النسوة يسرن بهدوء، اقتربت ديهيا من صديقاتها، تتبع خطواتها بحذر كي لا تثير الأنظار. ابتسمت وقالت بصوت خافت:
"سعاد، ألم تلاحظي كيف كان الحاج رشيد ينظر إلينا في السوق صباح اليوم؟ يبدو أنه يبحث عن عروس لابنه يوسف!"
ضحكت سعاد بخفة، تخبئ وجهها بنهاية الحايك: "ربما كان ينظر إليك أنت يا ديهيا ! يقولون إنك أصبحتِ في سن الزواج الآن."
قاطعتهم زهرة، التي كانت تنظر حولها لتتأكد أن لا أحد يسمعهن:
"أتركن الحديث عن الزواج، لقد تعبت من سماع هذه الأحاديث في البيت كل يوم! دعونا نتحدث عن شيء آخر، كحفلة الزفاف التي ستقام بعد يومين في الحي."انطلقت ضحكاتهن في الأفق، خفيفة كنسيم الربيع، بينما مررن بجانب أطفال يتراكضون ونساء يجلسن أمام البيوت يطرزن الحايك والقفاطين مع بعض الألبسة تقليدية الأخرى ويستمعن إلى أخبار الحي.
مع ضحكاتهن المستمرة، قطعت مريم خطواتها لتصبح بجانبهن وقالت بشيء من الفضول:
"لكن هل سمعتن عن العروس؟ يقولون إنها ابنة الحاج مصطفى رحمه الله ، كما أن كل المدينة تتحدث عن جمالها وحيائها."
نظرت زهرة نحوها بعينين تلمعان بالحماس:
"نعم، ويقال إنها ستظهر لأول مرة في قفطان مطرز بالذهب ! تصورتن كم ستكون جميلة وسط الزغاريد والطبول؟"
ثم أضافت سعاد، بابتسامة خفيفة تخفي بعض الحزن:
"أحياناً، أتساءل متى يأتي دوري؟ كم هو جميل أن تتوج أحلام المرء بزواج يكون مثل زفاف تلك الليلة."
أنت تقرأ
|| LALA DZIRYA ||
Romanceالصُدفة... كل شيءٍ يبدأ بمحض الصدفه...حتى لقائهما كان صدفة ويا محاسن الصدف.