•|| خطوات في الزقاق القديم||•

91 35 46
                                    

.
.
.
.
-------

في صباح دافئ، بعد الإفطار مباشرة، تلمع الشمس خجلاً على أسطح المنازل القديمة. ديهيا، ترتدي الحايك بمهارة وتثبت على وجهها العِجار ، تتجول بخطوات خفيفة في الأزقة الضيقة للمدينة. تشعر بلمسة الحايك الناعمة تغمرها بشعور مميز، وكأنها تستعيد ذكريات قديمة رغم صغر سنها.

بينما تتجه نحو بيت صديقتها سعاد، تستوقفها أصوات الحياة من حولها؛ بائع الخبز ينادي بصوته الجهور، وطفل صغير يلاحق الكرة بحماسة. تبتسم، تراقب المدينة وهي تنبض بتفاصيل يومية قديمة مألوفة، لكنها تحمل عمقًا خاصًا هذه المرة.

عندما تصل ديهيا إلى بيت سعاد، تجد صديقاتها زهرة ومريم بانتظارها أيضًا. بعد تبادل السلام والمزاح، تقرر الفتيات الخروج معًا والتجول في السوق القريب. في أثناء التجوال، تتحول الأحاديث إلى قصص عن العشاق والعرسان، ويتبادلن الضحكات والنكات، متذكرات حفل زفاف تينهينان وياسين قبل أيام قليلة، وكيف كانت ديهيا تبدو شاردة بنظراتها في تلك الليلة، مما يثير فضولهن حول من يشغل بالها.

زهرة تنظر إليها بابتسامة ماكرة وتقول:
"أخبريني، ديهيا، ما السر؟ كنّا نراقبك في الحفل، وكأنكِ كنتِ ترين شخصاً معيناً... هل من قصة لا نعرفها؟"

تحمرّ وجنتا ديهيا من الإحراج، لكنها تحاول أن تتماسك وتغير الموضوع.
"أوه زهرة، لا تُبالغي! كنت فقط أراقب العروسين وأفكر في تلك اللحظة السعيدة، هذا كل ما في الأمر!"

لكن زهرة ومريم تواصلان استفزازها، بينما تبتسم سعاد بحذر وتكتفي بالاستماع، مدركةً أن ديهيا لا تحب هذه الأحاديث. تشعر ديهيا بالضيق، لكنها تستمتع بأجواء المرح وسط أصدقائها، وتتعمد المراوغة والإفلات من محاولاتهن لكشف مشاعرها.

في نهاية جولتهن في السوق، بينما كانت الفتيات يتجولن بين الباعة وينظرن إلى الأقمشة الملونة والأواني النحاسية، تلتقط أذن ديهيا صوتًا عابرًا من مجموعة من النسوة اللواتي كنّ يتحدثن بحماس عن ماسينيسا.


"ماسينيسا؟ آه، إنه ابن المرحوم حاج مصطفى، أليس كذلك؟" تقول إحدى النسوة.

تجيبها أخرى بابتسامة إعجاب: "نعم، هو بذات . يقولون إنه رجل مثقف وذو موهبة في الخط والرسم، وكأن روحه تائهة في عالم الفن والأشعار. أمضى وقتًا طويلًا يتعلم الخطاطية، ويتقن الحروف العربية وكأنها جزء منه."

تُحاول ديهيا التركيز على ما حولها، لكن الكلمات تأخذها بعيدًا؛ فهذه الصفات تجذب فضولها، خاصة عندما تضيف سيدة أخرى، "يقال إنه يعشق الأدب ويكتب بيده أشعارًا جميلة، كأنه يبحث عن شيء أو شخص يلهمه."

|| LALA DZIRYA ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن