تمهل عند اختيار الصديق ، وتمهل أكثر عند تغييره
.
.
.
---تُشبه الحياة موجات البحر؛ متتاليةٌ تارةً هادئة، وتارةً عاتية، لكن بينها دائمًا لحظات صافية تجمعنا بطرق غير متوقعة. لحظات لا يمكننا التخطيط لها أو حتى توقع حدوثها، ولكنها تتسلل إلى أعماقنا كما تتسلل المياه إلى شقوق الصخور، تشكّلنا وتترك في أرواحنا بصمات لا تُمحى.
كثيرون يقولون إن الحب يأتي مع مرور الوقت، لكن ماذا لو كانت النظرة الأولى كافية ليُشعل القلب بنارٍ دافئة لم يشعر بها من قبل؟ تلك النظرة، التي تلتقي فيها العيون لأول مرة، كأن الأرواح قد عرفت بعضها منذ الأزل، تجعل القلب ينبض وكأنه لأول مرة يدرك معنى الحياة، معنى أن يكون الشخص هنا، الآن، في اللحظة ذاتها.
كان الصباحُ الباكر يحمل في طياته سكوناً يُضفي هيبةً خاصة على المدينة النائمة. شمس الخريف تسللت برفق عبر زوايا الأزقة الضيقة، مُغلفةً البيوت بحنان دافئ، وكأنها تبارك ساعات اليوم الأولى. صوت الأذان من الجامع العتيق أخذ يُدوي، مُنهياً هدأة الليل، ومبشراً بيوم جديد.
تحت تلك الأجواء الهادئة، كان ماسينيسا يقف عند شرفة بيته، بملامح صارمة وتعبير ثابت، يراقب المدينة من بعيد وكأن شيئاً ما يشغله. تتأرجح عينيه من بيت إلى بيت، ومن شارع إلى آخر، وكأن عينه تلتقط أدق تفاصيل الحياة التي يعشقها رغم الصرامة التي تطبع شخصيته.
داخل عائلته، هو معروفٌ بشخصيته الهادئة والجديّة، وقلما تجد من يحاول تجاوز مساحته الخاصة. لا يميل إلى الأحاديث المطوّلة أو الخوض في الأجواء الاحتفالية، ولكنه يظهر حين تشتد الحاجة، بإحساسه العميق بالمسؤولية.
وبينما كان يستعد للذهاب إلى عمله، تذكر لحظات من حفل زفاف شقيقته. تلك النظرات التي شعر بها تجاه ديهيا . لم يكن من النوع الذي يسمح لمشاعره بأن تسيطر عليه، ولكن لحظة ديهيا ما تزال تتردد في ذهنه......
حينما كان ماسينيسا يجهز نفسه، انتبه لصوت الطيور التي تعلو مناديات النهار، وكأنها تشجعه على الاستمتاع باللحظة. تذكر أنه لديه مواعيد عمل في المكتبة، حيث يحيط به عالم الكتب والقصائد الذي يُعدّ ملاذه الخاص.
ماسينيسا هو خطاط بارع، يملك موهبة فريدة في تخطيط وزخرفة الكلمات. يضيع في تفاصيل الحروف، ويجد في كل خط مسارًا يجسد أفكاره وأحاسيسه. مكتبته، التي أسسها بجهد وعناية، ليست مجرد مكان لبيع الكتب، بل هي مساحة يستقطب فيها عشاق الأدب والفن، حيث يجتمعون تحت ظلال الرفوف المحملة بالمعرفة.
عندما وصل إلى المكتبة، استقبلته رائحة الكتب القديمة، وهي رائحة تملأ قلبه بالطمأنينة. كان يمر بين الرفوف متأملاً، ويضع لمسات حنونة على أرفف الألفية. ثم توقف لحظة أمام عمله الجديد، لوحة خطية تحمل أبيات شعرية عن الحب والفراق، كأنها تعبر عن مشاعره الدفينة تجاه إحداهن.
أنت تقرأ
|| LALA DZIRYA ||
Romantikالصُدفة... كل شيءٍ يبدأ بمحض الصدفه...حتى لقائهما كان صدفة ويا محاسن الصدف.