|| لقاءٌ في ظل القمر ||

60 29 60
                                    

كيف لي أن أتأمل القمر ؟
في حين أن عيناكِ أجمل...
.
.
.
.

.
------------

يُشاع أن أجمل وقت للقاء الأحبة هو تحت ضوء القمر، حيث يغمر الليلُ كل شيء بهدوءه العميق، وتصبح الكلمات همسات دافئة تحمل معها مشاعر لا تُقال. تحت ذلك الضوء الفضي، يختفي ضجيج النهار، وتُتاح للقلوب فرصة التعبير عن نفسها بصدق بعيدًا عن أعين الآخرين.

حين حل المساء، وكانت أضواء المقهى تتداخل مع الظلال الهادئة التي بدأ الليل ينسجها، قررت ديهيا أخيرًا مغادرة المكان. طوت كتابها، وألقت نظرة أخيرة على الزوايا الدافئة، وعلى الطاولات التي شهدت الكثير من الحكايات الصامتة.

وبينما كانت تتجه نحو الباب، ظهر أمامها فجأة ماسينيسا. كان يقف بهدوء، بهيبته المعتادة، يتأمل المقهى بنظرات تأملية. شعرها بقلبها يخفق بشدة، ولم تدرِ ماذا تفعل. حاولت التراجع بهدوء، تتفادى اللقاء المباشر، لكن قبل أن تخطو بعيدًا، سمعته ينادي بصوته العميق، بنبرة جمعت بين المرح والاحترام:

"يا لالّة ديهيا!"

توقفت في مكانها، وكأن كلماته جذبتها برفق. استدارت ببطء، محاولة أن تبدو هادئة رغم خفقان قلبها. كان ماسينيسا يبتسم برقة، ينظر إليها بنظرة دافئة واثقة، وكأنه كان ينتظر هذا اللقاء.

اقترب منها بخطوات ثابتة، وقال بصوت حازم وملؤه الاهتمام:

"لم أتوقع أن أراك هنا، تحت ضوء القمر وبين هذه الأضواء."

ابتسمت ديهيا بتوتر، محاولة أن تبدو طبيعية.

"جئت لأستمتع ببعض الهدوء... ولم أكن أتوقع أن ألتقيك هنا."

أومأ ماسينيسا، وأشار برفق إلى طاولة بالقرب من النافذة حيث يمكن رؤية القمر بوضوح.

"ربما يكون من الصعب أن نتجاهل هذا اللقاء. ألن تشاركينني فنجانًا آخر من القهوة قبل أن تغادري؟"

ترددت للحظة، لكنها وجدت نفسها توافق، وكأن شيئًا في داخلهما يدعوها للبقاء. جلست بصمت، تشعر بأنها على وشك الدخول في حديث عميق وغير معتاد.

جلس ماسينيسا قبالتها، نظر إليها بعمق وكأنه يرى في عينيها شيئًا جديدًا، ثم قال بنبرة هادئة:

"أحيانًا، هناك حكايات لا تُروى بسهولة. لكنها تبقى بداخلنا، نكتبها بصمت. هل تؤمنين بهذا، يا ديهيا؟"

ارتجفت ديهيا للحظة، تذكرت الورقة التي التقطتها من الطاولة قبل دقائق. شعرت وكأن كلماته تقرأ سرها. رفعت رأسها ببطء وقالت بصوت ناعم:

|| LALA DZIRYA ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن