الفصل الثامن«نجاة»

14 1 0
                                    

الفصل الثامن
"رواية لَيتَنَا نَلتَقِي"
ملخص الفصل السابق:
1-خروج "زياد" للمسجد وعثوره علي "حاتم" ثم اسعفه إلي المستشفى.
2- خَوف "صباح"  بعدما لم تجد ابنها، لكن بعد وقت هاتفها بمساعدة صديق "سند" عندما ذهب للتحقيق مع "حاتم" و معرفة "نور" بمهايه "زياد" وأنه ابن صديقة امها.
3-صدمة" أية" بعائلتها بعدما قرر والدها زواجها من "عبدالقادر" لإنجاب الولد لأن  زوجته فقط لم تنجب له إلا بنات لذلك قررت الرحيل من البيت ولكن ابتلت عليها والدتها بأنها لديها علاقة مع شاب.
4- خروج "سند" من البيت حانقاً نتيجة أفعال زوجته بحجتها وهي النزول إلي العمل وعندما عادة من عمله قد طالبت منه  الطلاق.
---------------------------------------
«قليل البخت بس في حبك كسبان»
•بعد يومين من العمل قد أنُهك تماماً فكان أبسط أمانيه النوم والراحة ولكن هل ما نتمنها يتحقق؟
دَخل "سند"  إلي الشقة بوهنٍ لكنة تفاجأ من وقوف زوجته ولكن يبدو عليها التوتر وقد لاحظ حقيبة  سفر تجاورها، شك في الأمر ولكن تغاضي عن شكة وسألها بتريث: وقفة كدا ليه وإيه اللي جنبك ده؟
رحمة بشجاعة زائفة: أنا راحة بيت ابويا و ورقت طلاقي تجبيهالي هناك.
--ألقت القنبلة ولم تحسب مدي انفجارها، تُكاد تُجزم بأنها سَتُقتل اليوم، لعنت تهورها فمن سينقذها اليوم؟
•ترك ما في يده وتحدث بهدوء: طب ممكن تدخلي جوة دلوقتي لأني تعبان حالياً و معنديش صبر أتكلم معاكي في الوقت ده.
-ذُهلت هل هو يحدثها بتلكَ النبرة، لم يثور أو يغضب كما توقعت أو الأصح كما قِيل لها من أصدقائها، أشفقت عليه كما تمنت أن تقترب منه في هذه اللحظة ولكن كيف بعد كل تلكَ الأحداث التي دارت بينهم.
تحدثت بتوتر: تمام مفيش مشكله أدخل أرتاح أنتَ ولم تصحي هنبقي نتكلم.
غمغم بتعب: ماشي تصبحي على خير.
-------------------------------------
«عجيب حتي في غيابك لسه اللحظات بتجمعني بيكِ وكأن ذكرياتك محفورة صعب أنها تتمحي.»
-ذهب إلي البيت بعدما أنُهك تماماً فكان اليوم صعباً عليه وخصوصاً بعدما عاد إلي المنزل وثورة أمه عليه فكانت حانقة عليه  وبعد الكثير من المحايلة لعلها تشفع له بعد كل تلكَ الصدمات خَضعت له ففي الأخير هو لم يعمل هذا عمداً بل ما فعلة هو ما تَرَبَّي علية طوال عمرة؛ ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر ، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أيضاً ذلك ما يُسمي بالرجولة وهي تعني الشهامة والمروءة وغيرة من الصفات.
لذلك عفت عنه ولكن ما كان يقلقها هو خوفها عليه فهو ابنها الوحيد؛ تعلم أنه سيرى الكثير من تلكَ المعضلات كما كان يحدث في السابق ومازال يحدث لكنها ما في يدها غير الدعاة له ولمِثل هؤلاء الشباب الذين يضحون من أجل مساعدة غيرهم.
--------------------------------------
«صعب البُعاد بس سهل التعوَّد»
-حاولت بكُل الطرق إيجاد حل ولكن لم يكن معها أي فرصة لتحقيقه فَكُلهم أصعب من غيرة وخصوصاً أنها وحيدة في تلكَ العائلة ما يترأف بحالتها بعد موت عمتها "حسناء" فهي الوحيدة التي كانت تسعي لمحاربة الكُل لأجلها؛ فكانت دائمًا في صفها يَكفي بأنها مازالت حَية لحد الآن بفضلها.
-نفضت تلكَ الأفكار سريعاً عندما تذكرت تلكَ المرأة القريبة لعمتها التي كانت تتحدث دوماً عنها؛ بالتأكيد سوف تساعدها في محنتها فهي تعلم كل شيء نظراً لكثرة تحدث عمتها معها. حسمت أمرها علي الفور فتلكَ المرأة تعتبر آخر أمل لها.
'عَجيب حتي في غيابها مازالت تساعدها فيبدو أنها ستظل مُمتنة لعمتها طوال عمرها.
---------------------------------------
«مشاعر تحمل في طياتها حزن خفي؛ وكأن الذكريات ستظل محاوطة عقلي لمدي بعيد.»
-مازالت تخفي الكثير من وجعها للآن، لكنها سئمت أصبح الحزن يتراكم ولكن تلكَ المرة الألم ذَرِيع، ظلت تبكي بحرقة وكأن الحياة ستظل تصفعها كلما حاولت التأقلم.
-دخلت أمها بعدما اشتد صوت بكائها، ذُهلت من حالتها؛ فكانت تبكي بحرقة وكأن لتوهٍ فقدت أعز ما تملك.
نهلة بريبة: في إيه يا "نور" إيه اللي حصل يا حبيبتي؟
-نظرت نور بتوهان وكأنها غير مدركه لما تفعل: ماما هو... هو جه وقالي أنو هيقتلني مش هيسبني غير لما أموت.
أمسكت بيد أمها وكأنها تستنجد بها: أنتِ مش هتسبيني صح، هو لو جه تاني هتكوني معايا صح 
بُصي تعالي نمشي من هنا ونرجع تاني بيتنا هو اكيد مش هيعرف يعمل حاجه يلا نقوم بسرعة قبل أما يجي.
-فقدت والدتها النطق لوهلة بما تنطق ابنتها لا تعلم عن ماذا تتحدث حاولت التحدث بتريث ولكنها فشلت.
فقالت بتشوش: حبيبتي اهدي وبطلي عياط الأول وقوليلي هو من ده اللي جه وقالك كدا.
نور بضياع ومازالت تغمغم  ببعض الكلمات الغير مُبهمة: هنمشي صح يا ماما يلا نقوم ممكن يجي في أي وقت.
حزنت نهلة لأجل ابنتها ولكن حاولت التحدث معها بتريث لكي تستعلم عن حالتها : ماشي يا حبيبتي هنمشي بس قوليلي الأول من ده اللي خايفة منه؟
نور وهي تنظر برهبة قائلة بتردد: با.. بابا.
--------------------------------------
«ياليل اندهلي دا اللي سابني مش راجع منتاني
حبيتهم استنتهم بس محدش استناني
يا ليل زود ف بردك انت ادفي من الي مني
كل الي مشيو قالو اصلااً انهم حابني»
-خَرج من بيته لتوجه نحو وجهته بعدم أخذ قسط من الراحة، وأثناء خروجه رن هاتفة أخرجة لكي يستعلم عن هوايته فقد ظنا بأنه شخص من المشفي لكن خاب ظنة بعدما علم هواية المتصل.
زياد بتعجل: إيه يابني عاوز إيه؟
سمع حديثة الطرف الأخر  وأضاف: ماشي أنا هركب العربية اهو و رايح علي المستشفى، هبعتلك عنوانها وتعالى.
سمع حديث الطرف الأخر وأكمل بضجر: أخلص يا "رامي" أركب أي مواصلة وتعالي وهبقي اروحك أنا ، ماشي يلا سلام. أنهي حديثة ثم ركب سيارته وتوجه نحو المشفى.
"بعد مرور نص ساعه"
وصل "زياد" إلي واجهته وأثناء دخوله، سمع شخص ينادي عليه بصوتٍ عالي وكما أيقن من صاحب هذا الصوت بأنه لِ "رامي" ألتف للوراء وكما توقع .
رامي بنهج: إيه يا عم من الصبح وبندة عليك وأنتَ ولا هنا ده المستشفى كلها سمعتنا ده حتي" حاتم " صاحبك سِمعني .
نظر له "زياد" بجمود ولم يتحدث فقط ظل صامتٍ
-حمحم "رامي" واضاف بتوتر بعد ملاحظته نظرات "زياد": قصدي يعني نديت مرة واحدة بس وعشان صوتي كان عالي فالكل سِمعني.
زياد بضجر: أنا ماشي يالا هنتأخر علي الواد الغلبان عشان حضرتك فاضي للدلع .
رامي بتذكر: صحيح أنا مجبتش حاجه معايا لا كيلو موز ولا تفاح هيزعل صح بس أنا ملحقتش.
زياد بتأفف: كويس أنك مجبتش أصلا قال موز وتفاح قال .
رامي بردح: نعم يا عنيا أنتِ هتعملي فيه من  Egypt ولا إيه فوق ده أنت يالا من مصر.
-ألتف" زياد " حوله بسبب صوتة العالى وكما توقع بعض الاشخاص ينظرون لهم باستغراب والأخرون بضحك، نظر لِ "رامي" بتحذير وتركة وتوجه إلي الداخل فيكفي إلي هذا الحد من تصرفات  ذلك الغبي .
----------------------------------------
"لا أعلم لما وحيد،
رغم أني محاط بالبشر،
هل يعقل أنهم غرباء،
أم يعقل أنني الغريب،
لا أعلم، ولكني بحاجه لشخص،
شخص يحاوطني...
لا أريد الكثير ولكن أريد فقط الحياه معهم.. "
انتبه علي طرقات الباب فأذن للخارج ظننا من أنه الطبيب، ولكن خاب ظنه أو الأصح دُهش من تواجده فكان في ذِهنه بأنه سوف يرحل ولا يأتي مرة أخري فلماذا  يساعده للآن أو هذا ما ظنة أنه سوف يساعده مرة واحده  ويتخلي عنه كما نري في حياتنا اليومية.
حاتم باستغراب: أنتَ إيه اللي جابك تاني؟
زياد بدهشة: ارجع  تاني يعني في إيه ياعم هو أنا مش قولتلك همشي اروح البيت اغير هدومي و اطمن علي أمي واجيلك، ثم اكمل بحرج: أي نعم أنا نمت شويه بس عشان كنت مطبق والله حقك عليا.
هل هو يعتذر عن سبب تأخره بالفعل أم أنه يتوهم، لكن نظراته تبدو أنه قالقٍ عليه بالفعل؛ الأمر قد يبدو مألوف للبعض لكنة غريب له، فهو لم يعتاد علي خوفٍ أحد عليه؛ كان وحيداً رغم تعدد البشر حوله، لكنه دومًا كان يشعر بالغُرب.
-نفض من افكاره عندما دَخل "رامي" كعادته دون أن يُطرق الباب.
تحدث "زياد" بحرج من فعل أخوه: يابني أنتَ مش هتعقل في حد يدخل كدا!
نفي "رامي" ثم توجه لِ "حاتم" وكأنه لم يُسمع أخوه بالمرة فتعمد تجاهله، مدا يده لكي يصافح حاتم وتحدث بمرح: معاك "رامي جمال الدين " محاسب؛ بشتغل في شركة الشافعي جروب، أبيض وعيوني سودة.
نهي حديثة بمرح كما ألقاه وفقط دهشة من "حاتم" ذلك الشاب الذي ظنا بأنه في مسرح وليس مشفي بالمرة، وايضاً نظرات "زياد" لكنها مختلفة، فكان ينظر له بنظرة حانقة لو الملامة وأنه في مكان يجب احترامه لكان أسقطه أرضاً، لكنه تحدث ساخراً: إيه يا بيضة ناقص تقولي سنك عشان نحجزلك  العروسة.
ثم أستدار إلي "حاتم" واوضح له سريعاً علاقتهم ببعض ودار بينهم عدة أحاديث سعد من أجلها "حاتم" رغم أن معرفتهم قاصرة فقط إلا إنه رحب بصداقتهم علي الفور فيبدو أن حياته ستتغير للأفضل.
---------------------------------------

"وفي سَكن الليل اصغَ إلي واقعي 
وفي عمق الظلام تعلو صرخات قلبي بألم وحزن...
اصغَ في صَمت وعيوني اصبحت مَليئة بالدموع تكاد أن تصبح دمًا.. "
-لم تكن دهشة أكثر من كونها صدمة، فابنتها تبدو قد تلفت بالفعل؛ دار في ذِهنها الكثير من الأسئلة ولكن لم تعثر علي إجابة واحدة، ارجحت بأن ابنتها تُمازحها، ولكن صوت بكائها ونظرة عينيها الضائعه؛ جسدها المُرتعش بين يدها، كلها علامات تؤكد لها بأنها تقول الحقيقة ولكن كيف؟ اغمضت عينيها بضياع لعلها تهدأ من صداع رأسها، ثم فتحت عينية ببطأ؛ امسكت بيد ابنتها وتحدثت بهدوء زائف: حبيبتي إنتِ بتقولي إيه بابا جه إزاي هنا وبعدين حتي لو جه إزاي اصلا هيقتلك ده هو كان بيحبك أوي فاعمره ما يفكر يإذيكي.
نفت "نور" ببكاء وهي تتذكر لحظات من الماضي كانت كفيلة جعلها تبكي بهستيريا مرة أخري وكأن كل ما يقال من والدتها فقط كذب.
تحدثت بنبرة واهنة: يا ماما احنا هنمشي من هنا صح عشان ميجيش تاني أنا المرادي مش هعرف اوقفه وأنتِ دايمًا مبتكونيش موجوده فمش هتلحقيني.
-صُعقت تلكَ المرة التي لم تعلم عددها هل بنتها بالفعل اصابة لعقلها شيء ولكن كلامها يبدو بأنها يحتمل علي الغاز كثير، توقفت عن التحدث معها فهي تبدو غير مدركة؛ اخذتها في حضنها لعها تستكين وأخذت تتلو لها بعض السور القصيرة لكي تهدأ وتغفي.
---------------------------------------
يومًا جديد بعد ليل كان للبعض استغراب ودهشة وآخر صدمة.
«حَزين لِغيابك بس مازال القلب ينبض»
-يلا يا بطل الدكتور كاتبلك خروج الحمدلله.
•كان هذا قول "زياد" بعدما نام معه طوال الليل حتي لا يتركه بمفردة وقد اخبره الطبيب بتحسين حالته وامكان اخرجه.
رد عليه حاتم بابتسامة: الله يسلمك يا "زياد" ، أنا لو قعدت سنين عمري ما هقدر ارد ليك جميلك والله.
-استغفر "زياد" بحنق زائف: يابني إيه من امبارح وأنتَ عمال تقول نفس الكلمتين وبعدين فين الجميل ده اللي أنا عملته معاك، حقيقي أنا بعاملك كأن بعامل أخويا أنا من ساعة أما شوفتك وأنتَ مرمي علي الطريق اخدت عهد علي نفسي أنك خلاص بيقت زيك زي "رامي"  وكمان "سند" هبقي اعرفك عليه بس لما تفوق شويه كدا.
-هز "حاتم" رأسه بيأس مع بسمة تُزين وجه، ولكن بداخلة كان هناك فرحة عارمة؛ لا يستطيع التصديق فكان أمساً خُسر كل ما يملك ولكن اليوم يُجزم بانه قد حصل علي كل ما فقدة.
---------------------------------------
«طويل الشوق يبقيٰ في اغتراب
فقيرٌ من الحياة من الصحاب
ومن يأمنك يا دنيا الدواهي
تدوسين المصاحب في التراب
واعجب من مريدك وهو يدري»

خَرجت من البيت سراً دونا أن يراها احد وبالأخص عائلتها فهي تعلم تمام العلم بأنهم لو عثروا عليها فهي في المحال سوف يتم دفنها
أخذت تنظر في الطرقات بتشتت وكأنها مُجرمة واليوم قد هربت من سجنها
وأخيراً وصلت لمحطة القطار بعد ما يُقارب الساعة نظراً لبُعد بيتها عن المحطة.
تنفست بعمقٍ وتحدثت بتوتر بالغ وكأنها أجُرمت: لو سمحت انا عاوزه اروح القاهر اي قطار؟
-نظر لها بائع التذاكر نظرة عابرة، ثم اعطها التذكرة وطلب منها ثمنها، بعدما اخذ حقه شاور علي القطار المُرسل إلي القاهر.
"بعد مرور نصف ساعه "
•أطمئنت بأنها خَرجت من قريتها وأصبحت غير مُقيدة
هاتفت صديقه عمتها لكي تُعلمها بخروجها.
أية بفرحة: أنا خرجت فعلا من القرية خلاص وراحة القاهر أهو، كنت خايفة حد يشوفني بس الحمدلله محدش شافني.
أخذت تسمع لها وقلبها يتراقص فرحاً وكأن همًا قد أُزِاحة من عليها،
-أيوه الحمدلله؛ تماما ماشي يا طنط "خضرة" لما اوصل هتصل عليكِ علطول ان شاءالله، يلا سلام
"لا أحد يعلم خبايا القدر ولكن في يوم سوف تنكشف كل تلكَ الخبايا ويُعيد الماضي من جديد" كنجاة"

توقعاتكم
بقلم: ملك عبدالله أحمد.

لَيتَنَا نَلتَقِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن