٠٥| بينَ كفّيكَ ضرِيحِي.

77 16 4
                                    

الذاكرة أشبَه بِحربٍ طاغية، فيها تتخبّط صورٌ شائبة وأخرَى جميلة، ولفرطِ دناءتها نظنّ أنّ الجميل منها محظُ وهمٍ شكّلته نفسُنا الضّعيفة لإعالة نفسِها على مُواجهة الحاضِر. الزّمن مليءٌ بالمُفاجئَات وَالحَياة حبلَى بالوَيلَات، محفوفَة بالمُخاطَر والمُغامرَة، شِعابُها دومًا ما كَانت موبوءَة بالحُفر وخطوَة خاطئة سَترمِي بنا في هوّة العدَم.

لَم أكُ أعتقِد أنّ حيَاتي سَتسيرُ نحوَ الأحسَنِ، رُبّما صَلحَت حيَاتي عقِب الهُدنة التّي طلَبتها قبلَ سنَة ونِصف؛ صِرتُ موقِنة أنّ لَا رادِعات أمَامنا إلّا تملّكه!.

لم تُسطّر الرّادعات إلّا لتجاوُزها كأنّ خلفها كنزًا، غالِبًا هو كنزُ الرّغبة، فكلّ ممنوعٍ مَرغُوب، لكنّ ذلِك لَا يعنِي أنّ الأمرَ ينطَبق عليّ، رأيتُ غضَبه آن تمرّدِي بالبِداية إن عصَيتُه لذَا اعتكَفت سَبيل الطّاعَة لأقِي علَاقتنا مِن البَتر.

أخذتُ نفسًا عميقًا أحدّق بشبيهَتي بالمِرآة في غرفة تغييِر الملابِس، اِختارَت صدِيقتي تسُوزو-صَديقة رصّها القدَر بطَريقي أيّان الجامِعة- فستانًا غير محتشِم كأنّها تبارِز كاتسوكي فهوَ عكسُ ذوقِه تمامًا، كاتسُوكِي لن يُحِب هذا قط.

رمَيتُ بيدِي إلى السّحاب من الجَانب فجأة فُتح السّتار قليلًا ومن خلفِه أطلّ جثمان رجلٍ، شهِقت فزعًا فلانت خطوَاتي للخلفِ متقهقِرة حتّى اِصطدمت بالجِدار، حلّق حاجباي كذَا جفناي توسّعا صَدمة وبصعُوبة نطقت.

- لِيو؟ ما الذّي تفعله هنا؟.

- لِم من الصّعب مقابلتك؟ علَينا الحديث.

لقفَ رِسغِي بدماثة ثمّ تنهّد، شخّصتنِي عيونُه الزّرقاء بحنوّ وطبطبت نظرَاتهُ عليّ.

- لِنهرُب.

- هل جُننت؟ تقتحِم الغرفة هكذا؟ وتطلُب الهرَب؟.

جذبتُ يدِي منهُ بقوّة فأعتقنِي عن قرارَة نفسِه، رفعَ يداهُ بالسّماء ثمّ قام بحجزي بهمَا بينهُ والجِدار وترجّاني.

- عَليكِ أن تستمِعي إليّ، أحدهُم حاكَ مكيدَة بيننا فلَا تلبسِيها.

دفعتهُ بوهنٍ والذِكريات ومَضت كشرِيطٍ بعقلِي صبّبت قوّتي إلى بيداء التقهقر.

- إن رآك كاتسُوكي سَيقتلنَا.

- إن كان ذلِك سَيأخذكِ معي فأنا بخيرٍ مع هذا، أعلم أنّهم زوّجوكِ غِصبًا، لنهرُب.

عندمَا أبى الحرَاك ضربتُه بقبضتايَ على كتفِيه.

- أهرُب؟ سيقلّب الدّنيا رأسًا عَلى عقبٍ فقط ليجدَني، أنت من خانني أوّلًا لذلكَ أغرب.

دفعتُه بكلتا يدَاي وحدّقت به بعيونٍ ناتئة في حِين أن عيناهُ تضرّعت المغفِرة.

- هناكَ رجلٌ لن يُجرّعني من الكأسِ التّي جعلتنِي أنجرّع منها، طلبُك للغفرَان لا جدوَى مِنه.

اِعتنقتُك | MY NORTH STARحيث تعيش القصص. اكتشف الآن