مِزاجُه متقلّب مثل الخَرِيف، لم أستطِع أن أواكِب تقلّباتِه إلّا بعُسرٍ، فصِرتُ أجارِيهِ بصُعوبَة عَلى قدمٍ وسَاق حتّى لا تغدِر بي عَواصِفه بِغتَة، وأغرَق فِي فيضَان سخطِه.
لكنّه فِي أحيانٍ كَثيرَة يلدَغنِي بكلَامٍ جارِح فيتوَارى خلفَ الأفعَال حتّى أبرَأ، كأنّ لا مخزُونَ لهُ من الكلِمَات الليّنة وبالعَكسٍ لهُ مخزونٌ وافِر بالخشِنة، على الرّغم مِن ذلِك أنَا أعِي أنّ ما يُكنّه لِي أجلّ.
هو ليسَ برجلٍ طالِح بل صالِح، لا يُمكنُه أن يبوحَ بالكَلمات جهارًا بل اللفّ حولَها، أعجَب كيفَ له القُدرَة على الاِختباءِ خلفَ الكِبرياء دونَ كلَل.
دُعيَ لحفلٍ هوَ ورِفقة بضعَة أبطالٍ كضيوفُ شرف ولأنني فِي حشاه رافقته، وِفقا لرِضاهُ ثوبِي أسوَد عدِيم الكَتفين وشرِيطُ أبيضٌ عرِيض على الصّدر يحتمِل جزءً مِن ساعِدَاي، واسِعٌ ومن وسَطي يقسّمه إلى جزئَين بشريطٍ أبيضٍ إلى الأسفل، رُغم أن كتفايَ عارِيان إذ رفعتُ شعرِي وافَق؛ لأنّني ألحَحت.
أحيَانًا أجِدهُ يمِيل إلى المُبالغَة في حٍمايَتي، كأنّني لًم أخرُج للدّنيا سِوى قبلَ بعضٍ من الوَقت، أو أنّ هناكَ أنيابًا مُستعِدّة لتفترِسَني، كأنّه لَا يُدرك أنني أجيدُ حِماية نفسِي!.
وضعَ يدَه على خِصِري بِغتة فاِنتشلَ عينايَ من عَلى اللّاشيءِ إليهِ، يدُه اِمتدّت حولِي فاِصطدَم صَدرُه بكتفِي.
- كنتِ تتثاءَبين، هل نعُود؟.
كممتُ ثٍغري بصدمَة وهمستُ إزاءَ كفّي.
- هَل بدَا مظهَرِي سيّئا؟.
اِعتنَق الصّمتَ لوَهلَة وشخّص عَينايَ بجفُونٍ شبهِ ناعِسة.
- لا.
أعدتُ بصَرِي إلَى أمامِي ثمّ تنهّدت، مِن المُفترَضِ أن أكُون متعوّدَة عَلى هكَذا أجوَاء، مرّرت بصَري على اللّاشيء قبلَ أن تقعَانِ على أدِيمٍ أعلَم هوّيّته، رمَشت بتعجّب ثمّ تفرّق جفناي آن اِستيعابي أنّ ما أرَاه ليسَ وهمًا .. ليو!.
وجهُه لَا يزالُ كمَا هوَ، لكنّ كتفاهُ قد اِنخفضتا عَن علوّهما المُعتاد، كأنّه يحمِل همًا، لطالَما اِمتلَك منكَبينِ عرِيضَين! كِدتُ أشيحُ ببصَري عنه وددتُ أن أرمِي بهما عندَ كاتسُوكِي فيُطبطِب على ذِكرياتِي بنظرَة، لكنّه سَبقنِي وتمسّك بخصرِي بقوّة فعصَره، أرعَد بالقُربِ من أذنِي فاِقشعرّ بدَني وجلًا.
- تمعّني فيهِ جيّدًا إن أحسَستُ أنّ مُقلتيكِ قد اِهتزّتا أو تهدّج جسَدك إثرَ مرآه سأقتُلك.
- إنّك تُؤلِمُنِي.
لم يستمِع لتوسّلي هذِه المرّة بل غرَس أنامِلهُ بخصرِي وفعّل ميزَته هناكَ، لم أستطِب الحَرارَة التّي اِنبعثَت مِن يدِه ولَا الغضبَ الذّي صارَ يُلقِيه عليّ كالودَق.
أنت تقرأ
اِعتنقتُك | MY NORTH STAR
أدب الهواةعندمَا ينبِض القلبُ يُلحَدُ العقل في مأدُبة الحبّ. 12/11/2024 21/11/2024