خيم الصمت على المكان بعدما عادوا منهكين من المواجهة التي كادت أن تكلفهم حياتهم. كانت الغرفة الكبيرة مليئة بالتوتر المكتوم، وكايل بدا كبركان على وشك الانفجار. فجأة، صرخ بصوت مرتجف من الغضب:
"كل هذا الجهد ذهب سدى! لم نقترب حتى من معرفة أي شيء! مجرد عبث فارغ!"
ودون انتظار أي تعليق، توجه بخطوات ثقيلة إلى غرفته وأغلق الباب بعنف. صوت تحطم الأشياء من الداخل كان صادمًا، لكنه لم يكن مفاجئًا.
ريما كانت يديها تعبثان بتوتر بالخريطة التي لم تعد ذات فائدة. مشاعر الذنب تسللت إلى قلبها. "إنه غاضب... وأنا السبب. ربما لو كنت أكثر وضوحًا بشأن تلك المرأة..."
بعدها ذهبت ريما تجلس بصمت في الغرفة الأخرى، تساعد آيدن على تضميد جروحه.
آيدن جلس على الأريكة، يراقب ريما التي كانت تحاول التركيز على عملها، لكنها فشلت في إخفاء ارتباكها. همس بخفوت:
"ريما، ما بكِ؟ تبدين متوترة."
لاحظ آيدن اضطرابها. اقترب منها ببطء،رفعت عينيها نحوه، لكنها لم تستطع الرد. قبل أن تقول شيئًا، كانت يدها ترتجف وهي تلف الضمادة حول يده ، حتى أن قطعة صغيرة من الشاش سقطت على الأرض. انحنت لتلتقطها، وعندما رفعت رأسها،
التقت أعينهما للمرة الأولى عن قرب. عينيه المجوفتان باللون الأزرق الفاتح بدتا وكأنهما تخفيان عالماً بأكمله، بينما بشرته البيضاء المغطاة بالغبار جعلته يبدو وكأنه خرج من غياهب المستقبل سلبتها الكلمات للحظة..توقفت ريما فجأة وقالت بدهشة وهي تنفض الغبار عن شعره الأبيض:
"ملامحك غريبة جدًا، وكأنك من زمن آخر... أو أنك مريض. لكن حقًا... عليك أن تستحم."آيدن ابتسم بمرارة، لكنه لم يعلق. استمر في التحديق بها بينما كانت تنفض الغبار من شعره الأبيض المتسخ. كانت لمسة يدها دافئة على رأسه، وكأنها تشعل شيئًا في أعماقه. همس لنفسه دون أن يدرك:
"لماذا تشبهين الذكريات؟"ريما شعرت بارتباكه، لكنها لم تسأله. أنهت تضميد جروحه وساعدته على الوقوف.
آيدن، الذي كان يحاول الحفاظ على رباطة جأشه، شعر بدقات قلبه تتسارع بشكل غير معتاد عندما لمست يدها شعره برفق واهتمت به. ومضت في ذهنه صور متلاشية: شروق شمس باهر، ضحكات ناعمة، ويد صغيرة تسحبه بلطف.قبل أن يتمكن من استيعاب الذكريات، ساعدته ريما على الوقوف وقالت بحزم:
"اذهب واسترح. تحتاج إلى استعادة طاقتك."بينما كان آيدن يذهب إلى غرفته، بقيت ريما واقفة للحظة، تستمع لصوت التحطم القادم من غرفة كايل. التوتر كان يعصر قلبها.جعلها تتردد في مواجهته الآن.
قررت أن تستحم وتنظف نفسها من غبار النفق المتراكم على جسدها، محاولة تهدئة أفكارها.قبل أن تواجه كايل. ارتدت فستانًا خريفيًا بني اللون وجاكتًا مصنوعًا يدويًا، يزيد مظهرها دفئًا وأناقة.
كانت تستعد لطرق باب كايل، لكن فجأة... رن جرس الباب.
توقفت في مكانها، أصابعها ما زالت تمسك بمقبض باب كايل. التفتت نحو الباب الرئيسي.
"من يمكن أن يكون الآن؟"
خطواتها كانت بطيئة ومترددة وهي تتجه نحو الباب. فتحته بحذر، ليظهر أمامها شخص ما لم تتوقعه أبدًا.
نكمل ؟؟؟

أنت تقرأ
ما بين الماضي والمستقبل
Misterio / Suspenso"ما بين الماضي والمستقبل" هي رواية تجمع بين الغموض، الرومانسية، والأكشن، تدور حول ريما، امرأة بسيطة تجد نفسها في رحلة محفوفة بالمخاطر لفهم الماضي وإنقاذ المستقبل. بعد أن تكتشف أن زوجها آيدن يمتلك القدرة على السفر عبر الزمن، تواجه أحداثًا غامضة وأسرا...