الفصلُ الخامسُ: أسئلةٌ بدونِ إجاباتْ
عددُ الكلماتِ:1289 كلمة
الجزءُ: الرجلْ الغامضْ
___________________________________
مرت أيام قليلة منذ لقاء ماريا الأول مع الرجل الغامض في الحديقة، لكنها لم تستطع نسيان أي تفصيل من ذلك اللقاء الغريب. كلما أغمضت عينيها، عادت صورة وجهه إلى ذهنها: عيناه الشاحبتان، الباردة كالصقيع. كان في نظراته شيء غير عادي، شيء يتجاوز البشر.و تلك الابتسامة الغامضة التي رسمها على شفتيه لم تكن تقل غموضًا؛ لم تكن ساخرة ولا ودودة، بل مزيجًا محيرًا جعلها تتساءل: هل كان يستهزئ بها أم كان يخفي سرًا عظيمًا؟لم تكن قادرة على نسيان صوته أيضًا، ذلك الصوت العميق والمنخفض الذي حمل كلمات قليلة، لكنها بدت كأنها تحمل أثقالًا من المعاني. رنّ في أذنيها كصدى بعيد، يثير فيها قلقًا غير مبرر. كلما حاولت التركيز في عملها، وجدت نفسها مشدودة إلى ذكراه، وكأن عقله قد أسرها بطريقة لا يمكن تفسيرها.
بدأت تشك في كل شيء من حولها. هل هو شبح كما بدأت تخشى في أعماق قلبها، أم أنه مجرد رجل غامض يعيش في القصر دون أن تكشف له الستائر الغامضة عن هويته؟ كانت الأسئلة تتراكم في رأسها، وكل لحظة تمضي جعلت شوقها لمعرفة الحقيقة أكبر.
بينما كانت تواصل أعمالها اليومية في القصر، شعرت أن هناك شيئًا غريبًا يتسلل بهدوء إلى حياتها. في البداية، بدت التغييرات طفيفة عندما دخلت لتعمل، بالكاد تُلاحظ: كانت الغرف تبدو أكثر برودة من المعتاد، حتى في الأوقات التي تكون فيها الشمس مشرقة خارج النوافذ العالية. شعرت وكأن البرد يتغلغل في عظامها.
الأصوات الخافتة التي كانت تسمعها أحيانًا في الأروقة بدت وكأنها تزداد وضوحًا مع مرور الأيام. خطوات خفيفة تقترب ثم تختفي، حفيف أشبه بأنفاس تملأ الفراغ. حاولت إقناع نفسها بأنها تتخيل الأمور، لكن تلك الأصوات أصبحت جزءًا من يومياتها، تلاحقها في كل زاوية.
لم تكن ماريا وحدها من لاحظ تلك الأمور. حتى الفتيات الأخريات بدأن يشعرن بوجود شيء غير طبيعي. لوسي، التي كانت دائمًا مرحة ومستهترة، ضحكت في البداية عندما تحدثت ماريا عن الرجل الغامض الذي رأته في الحديقة. "ربما كنتِ تحلمين!" قالتها بابتسامة، لكن مع مرور الوقت، بدأت نبرة صوتها تتغير. شعرت ماريا أن لوسي أيضًا بدأت تلاحظ تلك التغييرات الغريبة في القصر، لكن لم تكن مستعدة للاعتراف بذلك.
كانت ماريا تتساءل في صمت، هل هذه التغييرات مرتبطة بالرجل الغامض؟.
حرصت ماريا عند إخبار لوسي وجين بالأمر بأن لاتخبرا أحداً وتجعلاه سراً بينهمم، و تفهمتا لوسي وجين ذلك.
"ماريا، هل رأيتِه مجددًا؟" سألت لوسي بصوت منخفض، بينما كانت تجلس بجانب ماريا في المطبخ المضاء بضوء الشموع الخافت، أثناء استراحة قصيرة من يوم طويل من العمل. وضعت كوب الشاي بين يديها ونظرت إلى ماريا بجدية، شيء لم تعتد ماريا رؤيته في وجه لوسي المعتاد على المزاح والمرح.
أنت تقرأ
وعيونه وراء القبر
Viễn tưởngهرباً من حياة الريف الفقيرة ورفضاً لقدرها كراعية أبقار، حزمت أمتعتها وقررت البحث عن فرص أفضل في المدينة. فماذا ينتظرها هناك؟ وهل ستستمر حياتها بهدوء؟