الفصلُ السَابع: رحلةٌ إلى الريفِ.
عددُ الكلماتِ: 2134 كلمة
الجزءُ: الرجلُ الغامضْ.
___________________________________كانت ماريا تستعد لمغادرة القصر الذي أمضت فيه شهورًا طويلة، رحلة إلى الريف لزيارة عائلتها بعد غياب طال أكثر مما تخيلت. لكنها لم تكن مجرد رحلة عادية، حيث أنها كانت تحمل معها حقائب ثقيلة، ليس بالضرورة مليئة بالملابس، بل بالأفكار والمشاعر المتضاربة التي اجتاحت قلبها في تلك اللحظات.
في غرفة الخادمات الواسعة ذات الستائر المخملية والنافذة التي تطل على الحديقة الخلفية للقصر، جلست ماريا على طرف السرير الكبير، ويديها تعبثان بحواف حقيبة سفرها. كانت الأيام التي قضتها في القصر تمر أمام عينيها مثل شريط سينمائي، مليئة باللحظات العجيبة التي لم تجد لها تفسيرًا واضحًا. تذكرت اللقاءات الغامضة مع ذلك الرجل الذي كان يظهر فجأة في الممرات أو على شرفة القصر، وكأنه جزء من المكان نفسه، ثم يختفي بلا مقدمات.
لم يكن الرجل مجرد لغز في حياتها، بل كان يحمل في طياته نوعًا من الجاذبية التي لم تستطع مقاومتها، ونوعًا آخر من الغموض الذي كان يثير في نفسها القلق. ومع ذلك، لم تستطع التوقف عن التفكير فيه. لماذا كان يتصرف هكذا؟ وما الرسالة التي كان يحاول إيصالها من خلال ظهوره المفاجئ واختفائه المستمر؟
بينما كان صوت عقارب الساعة في الغرفة يكسر صمتها، شعرت ماريا بثقل أكبر في قلبها. كان القطار ينتظر، والزمن لا يتوقف. لكن هل ستتمكن من ترك كل هذه الذكريات خلفها؟ أم أنها ستبقى محاصرة بها، حتى وهي بعيدة عن القصر؟
"هل سأفتقدهن؟" تساءلت ماريا بصوتٍ خافت، يكاد لا يُسمع، بينما كانت عينيها تتنقلان ببطء بين الأشياء المألوفة في الغرفة الواسعة. تلك التفاصيل الصغيرة التي أحاطت بها خلال الأشهر الماضية أصبحت فجأة ثقيلة على قلبها. الستائر المخملية التي كانت تحجب الضوء أحيانًا وتدعوه يتسلل أحيانًا أخرى، السرير الكبير الذي طالما احتضن أفكارها المتشابكة، وحتى تلك المزهرية التي وجدتها فجأة صباح أحد الأيام فوق ملابسها بشكل غريب، كل شيء بدا وكأنه يروي حكاية خاصة به.
رغم كل المتاعب التي سببها لها، كان هناك شعور غريب يزحف إلى قلبها كلما فكرت فيه. لم يكن الأمر مجرد إعجاب عابر أو اهتمام بسيط؛ كان أعمق، وأكثر إرباكًا. ربما كان السبب هو الغموض الذي يحيط به، ذلك الغموض الذي جذبها كما يجذب الضوء الفراشة، أو ربما تلك اللحظات المرعبة التي جمعت بينهما رغم قصرها. كيف يمكن لشخص أن يترك أثرًا كهذا؟
أنت تقرأ
وعيونه وراء القبر
خيال (فانتازيا)هرباً من حياة الريف الفقيرة ورفضاً لقدرها كراعية أبقار، حزمت أمتعتها وقررت البحث عن فرص أفضل في المدينة. فماذا ينتظرها هناك؟ وهل ستستمر حياتها بهدوء؟