الفصل السادس: بيت الظل مجددا

5 0 0
                                    

رسالة من القرآن:
﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾.
سورة التوبة|الآية46

-----------------------------------------------------------------
زهرة

المدينة لم تخلو من الآريس. كان التحرك صعبًا في وسط أشلاء البشر و تراب مصاصون الدماء.
مررنا عبر الممرات المهجورة والمظلمة هاربين من تلك الوحوش المرعبة، ولكن كيف نهرب و المدينة كلها متوحشة. كان الوضع كارثي ولكن مثلما ذكرت، بيت الظل هو المكان الآمن الوحيد حتى الآن.
     كانت الجدران المغطاة بالغبار تبدو كأنها شاهدة على قرون من الأسرار، والأصوات الخافتة القادمة من الأعماق تضيف جوًا من الغموض. كان الهواء خانقًا، ورائحة العفن والحديد الصدئ تعبق المكان. كنت أشعر بتسارع أنفاسي، بينما كانت مرام تمسك بيدي، وكأنها تحاول أن تمنحني بعض الأمان الذي لم تشعر به هي.

" هنا..." قلتها بصوت خافت، وأنا أشير  بيدي إلى باب معدني صدئ كان يقف وحيدًا في نهاية الممر.

دفعنا الباب بصعوبة، وصوت صريره صدح في المكان كصرخة طويلة. وما إن خطونا إلى الداخل، حتى انفتح أمامنا عالم آخر تمامًا.

كان بيت الظل كما هو، لم يختلف كثيرا عن أول مره خطت قدمي هذا المكان - اعتقدت أنها المرة الآخيرة ولكن شاء القدر العكس-. الأنفاق كانت ممتدة في كل اتجاه، مضاءة بمصابيح شاحبة، والجدران مغطاة بنباتات زاحفة وكأنها تحاول استعادة المكان من ساكنيه. في الزوايا، رأينا مجموعات من مصاصي الدماء، كل منهم مشغول بشيء: البعض يتحدث بصوت خافت، وآخرون يتفقدون أسلحتهم أو يحرسون الممرات.

"ايه المكان ده؟" همست مرام، وقد اتسعت عيناها دهشة.

"بيت الظل" أجبن، وأنا أنظر حولي بحذر. "مصاصين الدماء الي منضموش  لالأحزاب لجأوا لهنا. هربانين، لغاية ما يتحولوا... يبقوا زي البرا"

بينما كنا نستكشف المكان، ظهرت خديجة من أحد الممرات، يتبعها شخص آخر. كان طويل القامة، بملامح صارمة وشعر بني داكن، وعينين تلمعان بلون يشبه النحاس تحت الضوء الخافت. كانت خطواته واثقة، وكأن الأرض نفسها تفسح له المجال. بجانبها، كان يسير آريان كان يبدو أكثر هدوءًا من تلك المرة التي قابلته بها، لكن عيناه كانتا تراقبان كل شيء بحذر.

"آريان" ناديت دون أن أتمالك نفسي.

توقف ونظر إلينا بدهشة، لكن سرعان ما تلاشت تلك الدهشة ليحل محلها الغضب. "بتعملوا ايه هنا؟"

مقيَّد بالدَمِ Where stories live. Discover now