Part 25

331 21 23
                                    



القاعة كانت تضجّ بالأصوات، موسيقى متناغمة مع ضجيج حديث الضيوف وضحكاتهم، لكن كل هذا بدا وكأنه في عالم آخر بعيد عني. كل ما شعرت به هو أنفاسي التي باتت ثقيلة، وأن قلبي يتسارع بخطى جنونية منذ أن التقت عيناي بعينيه.

كان يقف هناك، على بعد أمتار فقط. نفس الملامح التي عرفتها يومًا، لكنها الآن أكثر قسوة، وأكثر برودًا وربما اكثر وسامة و اقول ربما عوضًا عن بالتاكيد لأن الاعتراف باني اظنه اوسم من السابق مبتذل بالنسبة لكبريائي بعد الخمس سنوات التي مرت وانا افر منه، صحيح كانت سنوات كثيره لكنها لم تُطفئ النيران التي اشتعلت داخلي فور رؤيته. حدّقتُ به بلا إرادة، وعيناي تلاحقان تفاصيل وجهه، كأنني أبحث عن شيء مألوف يعيدني إلى ذكريات كانت من المفترض أن تموت.

أحاول أن أُبعد نظراتي، أن أسيطر على نفسي، لكنني عاجزة. لماذا لا يتحرك؟ لماذا لا يفعل شيئًا؟

وفي وسط هذه الحرب داخلي، أدركت أن الوقت قد تجمّد. للحظة، شعرت أن كل من في القاعة اختفوا، وأنه لم يبقَ أحد سوى أنا وهو. حاولت أن أتمالك نفسي، لكن التوتر كان أقوى. أصابعي بدأت ترتعش، ورأسي ممتلئ بأفكار متضاربة: ماذا أقول إن اقترب؟ هل القي التحية؟ أم أُبقي على صمتي؟ هل ادعي الانشغال او اتحدث مباشرة بامر العقد؟

أنفاسي كانت ثقيلة، وكأن كل خطوة قمت بها للوصول إلى هذا الحفل تحولت الآن إلى عبء. رأيته ينظر إليّ، مباشرة. لم يكن هناك أي انكسار في نظرته، ولا أي تردد. كأنه كان ينتظرني، أو ربما يختبرني.

مرّت لحظات، لكنها بدت كأبدية. أردت أن أقول شيئًا، أي شيء. أن أبتسم على الأقل أو أن أحرك يدي للإشارة له. لكن جسدي كان يخونني. كنت مشدوهة، متجمدة، وكأن الماضي الذي حاولت الهروب منه عاد ليقتص مني أمام الجميع.

قلبي كان يضرب صدره بجنون. لم أعد أميز إن كنت أتنفس أم لا. شيء ما بدا وكأنه يتحطم داخلي، لكنه لم يكن واضحًا. لماذا لا يتحرك؟ لماذا لا أتحرك أنا؟

ثم، عندما أستجمعت شجاعتي، حدث شيء لم أكن مستعدة له. رأيته يتحرك. خطوة واحدة. خطوة أخرى. أصبح أقرب... كنت على وشك أن أنطق، أن أقول أي شيء يكسر هذا الجمود كنت أرتجف من الداخل، متوقعة أن يقف أمامي أو أن ينطق بشيء. لكنه لم يفعل.

مرّ بجانبي قريبًا بما يكفي لأشم رائحة عطره، تلك الرائحة التي لم أنساها لثانية واحدة من حياتي تلك الرائحة التي شممتها في اول لقاء لنا في البار و فوق سريره وعندما اصبحت زوجته و في آخر لحظة لي معه لكنها تخنقني الآن
مر و تخطاني باردًا، متجاهلًا، وكأنني لست واقفة أمامه. وكأنني لست الشخص الذي تقاطع طريقه معه يومًا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 11 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

endless night | ليلة لا تنتهيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن