١

1.1K 45 8
                                    

-المقدمة -
ظلمة شديدة..
لا يُرى بفضلها شيء ..
وصوتُ خطواتٍ بطيئة ..
مليئة بالثقة ..
يترددُ صداها مشكلاً قرعاً ذا إيقاع متناغم ..
تتوقفُ الخطواتَ .. و تمتدُ يدٌ لـ تفتح الباب ..
يُصدرُ الباب صريراً مرتفعاً ..
يوحيَ لسامعهَ أنه قد عاش دهراً..
يَدخُل الرجلَ .. و يُغلقُ الباب المتهاويَ خلفهَ ..
جوَ بارد موحشَ .. و عتمهَ لا تطاق ..
يَنظر .. فإذا حجرة صغَيرة أشبه بِزنزانة ..
و سريرٌ حجري في إحدى الزوايا ..
يرقد عليه جسدَ طفلة متهالك ..
لا شيء يوحيَ بالحيّاة إلا صوتُ سُعالها الحاد ..
تَسعلّ مرهَ تلو الأخرى ..
بصوتٍ يوهمك أن روحها ستخرج في كل مره ..
لم يبد أن سعالها قدَ أثار شفقه صاحبنا
إذ تقدَم ببطئ .. حتى وصَل إليها ..
نظر إلى وجهها ..
آثار المرض نحتت عليه نحتاً ..
لم تكن ترتدي شيئاً غير خرقة بآلية
رغمَ الجو المثلج ..
أمسك بيدها الباردة كقطعة جليد ..
و سَحبها بِعُنف لِتقف ..
صرخَ بـ عدة كلمات لم تعي معنى أيٍ منها ..
فهو يتحدثُ بلغة ليسَت بلغتها ..
غضب لعدم تجاوبها .. فرفعَ كفاً كالحديد وهوى بها على خدها ..
نظرت إليهَ ببراءة .. و خدها يشتعل احمراراً
فجأة يشتدُ سعالها و تقعُ أرضاً متعبه..
ويخرجُ هو متمتماً بكلمات غير مسموعهَ ولا مفهومهَ ..
تُلمل اللحآف حولَ جسدهآ تطلبُ دفئاً .. ولسان حالها يقول : " ما الذي يحدث!"
.
.
في صباح يومِ جديد
تسلل ضوء الشمسَ إلى الزنزانة الصغيرة، فتحت الطفلة عينيها بتكاسل ، لتستقبل يومها بتثائب طويل
فتح البآبُ بقوة ودلف رجلان إلى الغرفة ..
نظرت إليهما بقلق وتسائلُ، بينما كانا يتحدثان تارة ويصمتان أخرى ..
لم تكنَ تفهم ما يقال، لكنها تدرك أنها محور الحديث..
صمتا فجأة وطال صمتهما .. وركزا نظرهما عليها بتمعن ..
قال أحدهما : لا فائدة تُرجى منها فهي لا تفهمُ ما نقول!
أجابه الآخر : لكنك تعلمُ مدى أهميتها..
رد الأول بأقتضاب : بالطبع أعلم .. هل تعرفُ أحداً يتحدثُ بلغتها ؟
فكر الآخر : نعم أعتقدُ أني أعرف أحدهم .. لكن .. تعرف ...
قاطعه الأول : لا عليك .. فقط أحضرهُ و أنا سأتكفلُ بالبقيه ..
أومأ الآخر وخرجا معاً و تركا الطفلة غارقة في حيرتها ..
****
مع بزوغ شمس صباح اليوم التالي .. عاد الرجلان ومعهما
رجل آخر ..
اقترب الرجل الغريب من الطفلة قائلا : مرحباً ..
اتسعتَ عينا الصغيرة بدهشه فاخيراً أتى من تستطيع فهمه ..
اجابته بهمس : مرحبا ..
إبتسم الرجل قائلاً : لماذا أنتِ خائفة هكذا لن نؤذيك ..
نقلت بصرها للرجلين الذين خلفه ..
وكأنها تخبره بأنهما فعلا ..
لكنه تجاهله حركة عينيها وأكمل : الآن أخبريني ما إسمكِ ؟
قالت ترددُ كلماته : ما إسمي ؟
نظر الرجلُ إليها بتعجب فأكملت ..
: عذراً سيدي لكنَ .. ما هو إسمي وأين أنا ومن تكون ؟
التفت إلى الرجلين خلفه وقال بلغتهم : أظنها فقدت ذاكرتها ..
زمجر احد الرجلين بغضب قائلا : تباً ..
فسارع صاحبنا بقول : هي بحاجة لطبيب ..
رد عليه : إن لم تكن تتذكر ما يحدث فسنخضعها لعملية نكتشف سبب نجاتها بأنفسنا ..
اقترح الذي يقف بجانبه : أخبرها بالقصة لربما تتذكر ..
أومأ صاحبنا وألتفت لها قائلا : سأخبرك بقصتك فأنصتي ..

طفلة بألف درهمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن