بعد عدة دقائق من انتظارها أمام قاعة الاجتماعات
فُتح الباب بهدوء فقفزت صبا واقفه على قدميها ..
كان الرئيس يلم بالخروج وخلفه البقيه،
نظر إليها بدون أن ينطق ثم سار مكملاً طريقه ..
خرج بعده جيان واقترب منها متذمراً : ( وافق على تأجيلها بعد عناء .. لكنه سيجعلها بعد أشهر.. لديه إرتباطات كثيرة .. )
همست صبا : ( هذا جيد )
صرخ بوجهها فجأة : ( مالجيد في الأمر !! .. ستتعطل مهامي وأعمالي .. لأجل طفلة عنيدة ! )
فتحت صبا فمها لتجيب لكنه لم يترك لها مجالا : ( إتبعيني .. )
سار بخطوات سريعة بالكاد استطاعت اللحاق به ..
عبرا عدة ممرات حتى وصل إلى أحد الغرف ..
فتحه قائلاً : ( هذه ستكون غرفتك )
اتسعت عينا صبا عند دخولها .. فالغرفة واسعة وفخمة للغاية ..
كذلك مزودة بدورة مياه و غرفة فرعية للجلوس مع شاشة تلفاز كبيرة ..
كان اللون الطاغي على الغرفة هو اللون الأحمر القاتم .. وخالطه الذهبي ..
اخذت صبا تتجول فيها بدهشة تكسو ملامحها ..
جيان : ( بالمناسبة سأبيت أنا في الغرفة الفرعية )
إلتفتت صبا قائلة : ( ماذا .. أليس لديك غرفة ! )
قال بتردد : ( لا .. الرئيس أسند إلي مهمة مراقبتك )
صبا بدهشة : ( مراقبتي ! )
تملل جيان : ( توقفي عن تكرار كلامي واذهبي لأخذ حمام دافئ .. ستجدين الكثير من الملابس في الدولاب .. أنا ذاهب لمراجعة بعض الأوراق وتعبئتها )
خرج بهدوء و أغلق الباب خلفه ..
_____
بعد حمام سريع .. خرجت صبا من غرفة الملابس وهي ترتدي فستاناً أحمر بأكمام قصيرة .. و تطريز أبيض خفيف
وقفت في الممر تائهه .. تتسائل إن كان يسمح لها بالتجوال أم لا ..
( أنتِ صبا ؟ )
إلتفتت صبا إلى مصدر الصوت ..
كان رجلاً كبيراً بالسن .. يرتدي نظآرة مدوره .. و قد اصطبغ شعر رأسه بالشيب ..
اجابته بصوت متشكك : ( نعم أنا هي .. )
واستغربت من إجادته للغتها ..
قال مبتسماً : ( ما الأمر ألا تتذكريني؟ )
لم تحتج إلى الكثير من العصف إذ هتفت فجأة : ( أنت مدرس اللغة .. آه كنت معنا في الطائرة )
أومأ برأسه بنعم ..
أمسكت بيده و سحبته إلى داخل الغرفة قائلة : ( لنبدأ .. لنبدأ .. رجاءًا )
ضحك قائلا : ( لدينا متسع من الوقت لا تقلقي )
أغلقت الباب و أدخلته إلى غرفة الجلوس ..
و بدأ درسه الأول ..
-----
بعد اسبوع ..
( سيدي .. أنت لا تبدو بخير )
قالت ذلك فتاة جميلة ببشرة بيضاء تقود سيارة رياضية بينما يجلس جيان بالمقعد المجاور لها ..
أجابها : ( لا شيء .. أنا قلق قليلاً فحسب )
قالت الفتاة وهي تدير المقود : ( أهي تلك الطفلة مجدداً )
نظر إليها جيان ثم قال : ( نعم .. انها تسبب بعض المشاكل )
قالت الفتاة بضيق : ( لا تشغل بالك بها )
إستدرك جيان وكأنها ذكرته بشيء نسيه : ( إيما .. )
كانوا قد وصلوا إلى أحد المقاهي فركنت سيارتها عند احد المواقف ثم التفتت اليه قائلة : ( ماذا ؟)
اجابها : ( غداً عند الساعة العاشرة صباحاً .. أريدك أن تكوني هناك .. بخدمتها )
دهشت إيما قائلة : ( سيدي .. لدي مهام كثيرة .. اهم من خدمة طفلة مدللة )
جيان بهدوء : ( هذا أمر .. )
اتسعت عينا إيما وقالت : ( سيدي .. )
لكن جيان أدار وجهه بعيداً ليراقب السماء ..
بينما أدارت إيما المحرك و انطلقت بالسيارة مجدداً تاركه المقهى خلفها ..
------
الساعة 7:30 مساء .. في البيت الأبيض ..
رمت صبا نفسها على السرير قائلة : ( إني لا افعل شيئاً سوى الدراسة.. سينفجر رأسي لا محاله )
لم تكن تبالغ إذ أن الدروس كانت مكثفه، ثلاث دروس يومياً.
طرق الباب فنهضت من مكانها لفتحه ..
كان جيان ..
دخل دون أي كلمة و اتجه إلى المجلس حيث قام بنزع معطفه و رمي جسده على الأريكه بإرهاق ..
بينما قامت صبا بإغلاق الباب الذي يفصل بين غرفتها و المجلس ..
وذهبت لتنام بعمق ..
_____
لم تستيقظ إلا عند الساعة الـ 11 صباحاً ..
قامت بـ غسل وجهها و أسنانها ..
ثم نظرت إلى السرير قائلة : ( علي أن اعترف .. لا أريد مغادرتك )
غيرت ملابسها بعجل ..
وفتحت الباب لتخرج ولكنها إصدمت بجسد أحدهم ،
كانت فتاة جميلة .. بشعر أسود و عينان بلون الرماد ..قالت الفتاة بإبتسامة بالكاد استطاعت رسمها : ( أنا إيما .. الخادمة المسؤولة عنك )
صبا بعدم فهم : ( عذراً ؟ .. فهمت الشطر الأول فحسب)
دخل جيان الذي كان يقف خلف الفتاة قائلاً : ( هذه هي إيما الخادمة المسؤوله عنك )
قالت صبا : ( أوه ألم تكن أنت ! )
جيان مقاوما رغبته بصفعها : ( أنا لستُ خادماً ..)
تجاهلت صبا عبارته قائلة : ( تبدين لطيفة أنا أفضلك! )
في حين لم يكن يروق لـ إيما عملها الجديد .. لكنها أوامر سيدها ..
قال جيان مخاطباً إيما : ( سأذهب لإكمال الإجراءات نقلك إلى هنا .. )
أومأت إيما له .. فذهب .
نظرت صبا إلى الساعة قائلة : ( إنه موعد درسي .. )----
مضت ثلاثة أشهر على روتين ممل .. حيث كانت صبا تستيقظ من نومها فـ تتناول الإفطار ثم تأخذ درساً طويلاً ..
و بعدها تتناول الغداء و تذهب للتجول في الحديقة القريبة ..
وعند عودتها تأخذ درسا آخر مع مراجعه الدرس السابق! ، وبعد العشاء ينتظرها درس ثالث، لكنها لم تستطع التذمر فهذا ما طلبته هي..
لكن اليوم كان يوماً مميز ..
فقد أنهت دروسها جميعها و أتقنت المحادثه باللغة الإنجليزية بشكل مقبول .. كانت سعيدة وتتحدث مع جميع من تقابله .. ويفرج عن شفتيها ابتسامة واسعة حين تفهم اجابتهم.
كانت تجري وتقفز بالممرات خارج غرفتها بشكل جنوني .. اغمضت عينيها ودارت حول نفسها بسعادة ..
حتى اصطدمت بـ أحدهم .. ( اوتش ) .. قالتها وهي تدلك مكان الصدمة على رأسها ، ثم رفعت نظرها لتبصر من يكون ..
كان جيان ..
أخبرته صبا بالخبر .. لكنه قال بإختصار دون تفاعل : ( هذا جيد .. )
صبا بانزعاج : ( ألن تقول أكثر من هذا ؟ )
لكنه تجاهلها وغادر ..
انزعجت لتصرفه لكن سرعان ما حلت فكرة رائعة برأسها انستها تصرفه
قالت لنفسها : (لقد سئمت من البقاء في هذا المنزل .. يمكنني الآن أخذ جولة في شوارع المدينة )
لم يكن ذلك سهلاً .. لكنها تسللت بهدوء حتى تجاوزت أسواره ..
كانت الشوارع مزدحمة و الناس يسيرون بعجلة ..
سارت ببطء شديد .. تتأمل كل ما يوجد حولها ..
حتى قادتها قدماها إلى أحدى الحانات ..
دخلتها بفضول ..
تسائل الرجال بالداخل عن سبب تواجد طفلة هنا ..
أتت إليها أحد العاملات قائلة : ( مالذي تبحثين عنه يا صغيرة .. )
صبا بصراحة : ( لا شيء .. )
قالت لها العاملة بلطف : ( يمنع دخول الأطفال عزيزتي )
لكن صبا تابعت تجولها غير ابهه بكلامها ..
كانت مندهشة من الملابس التي ترتدينها العاملات ..
و تسائلت إن كن يشعرن بالخجل حيال ذلك ..
كذلك الرجال هنا غريبوا الأطوار .. انهم يضحكون بطريقة غريبة !
رأت كأس نبيذ فأخذته قائلة : ( أي نوع من العصائر هذا ؟ )
صرخت العاملة : ( لا تشربيه ! )
صبا بدهشة : ( لماذا ؟ .. سأدفع ثمنه ! )
العاملة بإحباط : ( لا اتحدث عن الثمن .. ذلك ممنوع )
تجاهلتها صبا مجدداً ورفعت الكأس إلى فمها ..
لكن ما إن رفعته حتى اخترق الكأس رصاصة هشمته ..
اتسعت عينا صبا وهي ترى الكأس قد تحطم بيدها ..
إقتحمت مجموعة مسلحة يرتدون الأسود المكان .. و يرفعون أسلحتهم ..
صرخت النساء و سقطت الكؤوس من أيدي الزبائن ..
و أختبأ البعض تحت الطاولات ..
صرخت العاملة بتوسل : ( سأعطيكم ما تريدون لا تؤذوا أحداً رجاءاً )
بينما لا تزال صبا تحدق بزجاج الكأس غير مصدقه.
أنت تقرأ
طفلة بألف درهم
Mystery / Thrillerظلمة شديدة.. لا يُرى بفضلها شيء .. وصوتُ خطواتٍ بطيئة .. مليئة بالثقة .. يترددُ صداها مشكلاً قرعاً ذا إيقاع متناغم .. تتوقفُ الخطواتَ .. و تمتدُ يدٌ لـ تفتح الباب .. يُصدرُ الباب صريراً مرتفعاً .. يوحيَ لسامعهَ أنه قد عاش دهراً.. يَدخُل الرجلَ...