كان حسام جالسا عندما دخلت دارين فاستقبلها برحابه الصدر و أجلسها بقربه حينها بدأت بالبكاء على صدره فحضنها وقال لها : (( آه .. حبيبتي ما بكي اخبريني ؟؟ ))
دارين : أنا متعبه و أريد أن أخبرك لما أتيت إلى هنا
- اخبريني أنا اتووق لسماع قصتك !
مسح حسام دموعها اللاتي تسقط من عيونها العسلية واشربها قدحا من الماء
- كانت مدينتنا جميله مزدهرة بالحب والحنان إذ إن أهالي هذه المدينة رغم بساطتهم وفقرهم أناس طيبين بسيطين ... كان على رأس هذه المدينة بيتنا وحيدا وجميلا جدا ومن اكبر بيوت مدينتنا .. أبي كان طبيب هذه المنطقة .. نسكن جميعا فيه مع أمي وأخي
أبي قرر فتح مستشفى أهليه ودخل في شركه استثمار مع الدولة الجديدة ... صرف أبي كل ما نملك لبناء هذه المستشفى , ساعده عمي الذي يملك ولدين وابنه
انتهت شراكه الدولة مع أبي قبل انتهاء بناء المستشفى كان هذا الخبر قاسيا على أبي حيث انه خسر جميع ممتلكاته في هذه المستشفى ... وأمسينا لا نملك المال الكافي لشراء الطعام والملبس لذلك تدخل عمي وقال : (( زوج ابنتك من احد أبنائي ونحن سوف نتكفل بكل ديونكم ))
هنا حضنها بقوة ويهمس باسمها برقه وينادي حبيبتي صغيرتي
- كان قرار أبي صعبا يا حسام فهو لم يوافق بسرعة لأنني كنت في السابعة عشر وكنت أحب الدراسة و أحب أن أكون طبيبه كوالدي لكن هلاك الأسرة والديون الثقيلة حال دون ذلك لذلك وافق أبي , فجن جنوني ..
جلست بغرفتي مضربه عن الطعام والشراب باكية صباحا مساءا وأنادي لا أريد ابن عمي أريد مستقبلي في دراستي لذلك أبي كسر باب الغرفة ويريد إجباري على الزواج بابن أخيه .
في الليل جلست ابكي وهنا قررت القرار الحاسم والصعب جدا وهو الهروب من المنزل فأخذت جميع المال الذي ادخرته وبعض الملابس وخرجت في منتصف الليل عند بداية شروق الشمس وكتبت رسالة تركتها على سريري (( أسفه يا أبتي لا استطيع أن أتزوج الآن وبما انكم لا تسمعون كلامي وعندكم المال أهم مني لذا أنا ذاهبة بدون رجوع و تيقنوا إني لن اعمل ما يسيء به ظنكم ولن اغضب ربي ))
ركبت الحافلة وسافرت إلى هنا ونقلت ملفات مدرستي إلى المدرسة الجديدة و أخذت عهدا من مديرتي التي كانت تعزني وتريدني أن أصبح شيئا عظيما أن لا تخبر أحدا من عائلتي إني أخذت أوراق نقلي و إنها الوحيدة التي كانت تعلم إلى أي مدرسه نقلت .
- يا حبيبة قلبي الصغيرة كم عانيت ... قالها حسام وعيناه الخضراوان تملؤهما الأسى والحزن والخوف على دارين ..
- بدأت ادرس ولكني لا املك المال الكافي للطعام والمسكن لذلك بدأت اعمل في مطعم الوجبات السريعة ولكني لم أجد الوقت الكافي للدراسة ويقطعون مني أجرة المبيت و يسخرون مني لأني فتاة و يؤذوني بالكلام الجارح تركت هذا المحل وذهبت لأعمل كخادمه في هذا الفندق الكبير
- هل أنتي مرتاحة هنا ؟؟
- مرتاحة ؟ حسام أنت لا تعلم كل شيء أنا استيقظ في الصباح الباكر من غرفتي الموجودة في قبو الفندق أوزع الشراشف النظيفة على الغرف واخذ المتسخة إلى المغسل وامسح الممرات وبعدها انزل إلى القبو أساعد الطباخين بما يحتاجونه ثم البس واذهب إلى المدرسة وادفع بما أحصله من النقود أجور الباص والطعام وبما ادخره من المال اجمعه لشراء حقيبة جديدة أو ملابس وعندما ارجع اغسل الأواني مع الخادمات وأوزع مناديل الحمام على الغرف ثم ارجع إلى القبو لأغسل أواني العشاء وابدأ بالقراءة تحت كل هذه الظروف الصعبة لكن تعرف حسام ؟ كل هذه الصعوبات أفضل من ارتباطي بإبن عمي , لان أبي سيرجع مثلما كان غنيا خلال سنين قليله لكن زواجي سيتمر إلى طول العمر ... في الحقيقة أنا افتقد أهلي ..
- أيتها الصغيرة المشاغبة القوية كم احبك ! هل تتصورين أن يأخذك مني أي رجل أخر أنتي ألان ملك لي وحدي عاجلا أم أجلا سيرضون عليك ولكن إن لم أتعرف عليك سوف أكون وحيدا للأبد لان فتاة أحلامي لم أكن لأتعرف عليها إن لم تهربي
ابتسمت دارين فرحه فحضنها حسام وادخل يده بخصلاتها الذهبية يحاول أن يهون عليها ما تمر به من مصاعب
- أنا يجب أن ارحل ألان علي الاستيقاظ مبكرة
- سأشتاق إليك حبيبتي لماذا لا تتركين كل هذا وتعيشين معي ؟ لن تحتاجي أي شيء
- لا أنا مرتاحة أحب أن اعتمد على نفسي
- كم أنتي عنيده وتريدين أن تفعلي كلما يدور في رأسك أنا متأكد مهما حاولت لن أقنعك هيا ارحلي وسأراك في الصباح
- تصبح على خير
في الصباح استيقظت في الخامسة ووزعت الشراشف النظيفة على الغرف وأخذت المتسخة إلى المغسل وفي الخامسة والنصف بدأت تنظف الممرات عند السادسة والنصف نزلت تساعد الطباخين هذا يقول لها اجلبي الأواني من هناك وهذا يقول قطعي البطاطا وتلك تقول افرمي اللحم وهذه حمصي هذا الخبز حتى السابعة صعدت تستحم ثم ارتدت ملابسها وذهبت مسافة طويلة تمشي إلى مكان الحافلة وصلت إلى المدرسة في الثامنة إلا ربع وبعد المدرسة رجعت قال لها الطباخ :(( لماذا تأخرتي ؟؟ هيا اغسلي الأواني جيدا )) وعندما أكملتها صعدت توزع مناديل الحمام على الغرف ثم وصلت إلى أخر غرفه طرقت الباب كثيرا تأخر حسام في فتح الباب أنه قضي الوقت كله غير موجود في غرفته وتاركا المفتاح عند الاستعلامات .
ابتسمت ثم تذكرت كيف تعرفت عليه عند أول مره فتح لها باب الغرفة وادخلها وأعطته مناديل الحمام
قال لها حينها :(( أنا أريد تناول العشاء اليوم بغرفتي ارجوا أن تجلبيه لي ))
قالت : (( لماذا لا تنزل إلى المطعم وتجلبه بنفسك ؟ ))
- إن المسافة طويلة أرجو أن تجلبيه أنت
- لا استطيع لدي الكثير من الأعمال ... أنا أسفه ليس لدي الوقت الكافي لأخدمك
بعد محاولات وافقت دارين و قالت له : حسنا
تذكرت كيف كانت مشغولة حينها ونست إحضار الطعام له
في هذا الوقت فتح باب الغرفة حسام ورآها مبتسمة فسال عن السبب ؟ قالت كنت أتذكر أول لقاء بيننا ؟
- عندما نسيتي إحضار الطعام لي
- قلت حينها لنفسي ليس من المعقول أن تبقى إلى هذا الوقت المتأخر من دون عشاء وقلت سأحضر لك الفطور في اليوم التالي ثم بدأت بالدراسة لان كان لدي امتحان
- فتحت لك الباب في اليوم الثاني إذ بقيت مستيقظا ولم استطع النوم لأنني لم أتناول العشاء وكنت أشعر بالجوع والثلاجة فارغة لماذا لم تف بوعدك حينها ؟
-يالك من كسول تعتمد على غيرك لانجاز أعمالك لماذا لم تنزل بنفسك لإحضار العشاء
-خلت إن الفتيات يفين بوعودهن وسوف تحضرين لي العشاء .. وظننت انك لم تكملي أعمالك .. إلى أن فقدت الأمل ونزلت فوجدت المطعم فارغا
- ( ضاحكه ) في صباح اليوم الثاني استيقظت مبكرة وأحضرت لك الفطور ووعدتك بإحضار العشاء وكنت خجله جدا
- أتتذكرين عندما وجدتك في باب الفندق وعرفتك بنفسي .. أنا تحججت بقصه العشاء لأني انعجبت بك منذ البداية
- نعم وعندما حزنت علي لأنني اذهب إلى مسافة طويلة للحصول على باص يصلني إلى المدرسة وفي ذلك اليوم أنت أخذتني إلى هناك وأوصلتني بسيارتك الخاصة
- وعندما رجعت من المدرسة وأعطيتني ورق الحمام وذكرتك بوعدك
- لحد ألان طعم الشوكلا التي أعطيتها لي في فمي كم أحببتها وقتها
- أيتها الغليظة كم كنت منعجب بك كم كنت ولا زلت أجمل فتاة انتي وشعرك الذهبي وخصلاتك التي تسقط على عينيك عندما تخجلين اعشق كل شيء فيك تعالي يا صغيرتي ...
حضنها بقوة وشغف ونسيا بعضهما سويا بتلك الحضنه التي كانت تشعرها بالقوة
-هيا أنا ذاهبة ألان إلى المدرسة .. انتظري سأوصلك قالها حسام ولحق بها
- أنا ذاهبة لتغير ملابسي
- حسنا سأنتظرك في الأسفل
أوصلها حسام إلى المدرسة
عندما رجعت في الظهيرة استقبلها احد الموظفين : اليوم هو عطلتك الشهرية لذا افعلي ما تشائين وتفضلي مصروفك .. ويقول المدير أنت أفضل عامله جاءت إلى هذا الفندق ونتمنى لو كل العاملات ملتزمات مثلك
دارين : شكرا لك يا سيدي أتمنى أن أكون عند حسن ظنه .
نزلت دارين إلى غرفتها وارتدت جينز ازرق مع قميص ذو أكمام قصيرة زهري اللون ورفعت شعرها على شكل ذيل الفرس وأنزلت خصلة من شعرها وضعت قليلا من مساحيق التجميل نظرت إلى المرآة نظره فاحصه راضيه عن مظهرها ثم خرجت وصعدت إلى غرفه حسام
طرقت الباب فتح حسام لها الباب بسرعة كأنه واقف ينتظرها خلف الباب
- أهلا حبيبتي هل أنهيتي أعمالك ؟
- أنهيت أعمال الصباح ( مبتسمة )
- إنني أحسدك على قوتك تستيقظين صباحا تعملين تذهبين إلى المدرسة ثم تعملين مرة أخرى .. ألا تشعرين بالتعب ؟
- طبعا .. أحيانا اشعر بالتعب الشديد لكل إنسان لحد أقصى لكن أنا اقنع نفسي ما هو إلا متعه لي
- صغيرتي القوية قالها وداعب خصلة شعرها
- اليوم المدير أعطاني أجازتي الشهرية لذلك ليس لدي الكثير من الأعمال
- أوه جيد كم يوم
- ثلاثة أيام ومن ضمنها هذا اليوم
حسام ضغط على شفتيه وظل صامتا ثم قال : هل بإمكاننا الخروج والتنزه معا ؟
- حسنا .... لا ادري لدي الكثير من الفروض المدرسية وان الامتحانات على الأبواب
- صغيرتي يجب عليك أن ترتاحي ليس كل الوقت تدرسين سأخذك في العصر للتنزه
- ليس اليوم .... سأدرس في هذا اليوم ونذهب للتنزه غدا
-حسنا مثلما تريدين
أنا ذاهبة الآن لأكمل ما تبقى لدي من الفروض ... قالتها دارين وخرجت من الغرفة
ظل حسام جالسا على الأريكة يفكر بها ويتذكر كيف دخلت دارين وغيرت مجرى حياته بعد أن اختار ألعزله رفيق دربه وترك ألجامعه و بقى وحيدا أثناء غياب والديه وسفرهما وخبر اختفائهما