أربعة أيام مضت وكأنها أربعة عقود .. كانت قد انتقلت إلى غرفة أخرى أصغر من سابقتها .. لم يكن صغرها هو ما يزعجها بل عدم وجود حمام خاص بها واضطرارها لاستعمال الحمام المتواجد فى منتصف الممر والقريب من حجرة حسام .. يصيبها التوتر كلما رأته مصادفة وإن كانت ترد تحيته باقتضاب وأحياناً تتجاهله وكأنها لا تراه .. ربما يتعمد الخروج من حجرته كلما سمع صرير بابها يفتح ويغلق
طفلها أيضاً أخذوه إلى حجرة خاصة به .. لم تنجح محاولاتها فى إقناعه بالبقاء معها فى حجرتها كما كانا دائماً .. فشلت من جديد أمام إغراء والده خاصة عندما رأى الحجرة التى أعدها خصيصاً من أجله وجهزها بكل ما يسحر طفل فى مثل عمره .. أثاثها عالم من الألعاب الجميلة التى يعشقها .. كم كان سعيداً عندما قضى ليلته الأولى فى سريره الجديد على شكل سيارته المحببة .. ساعدها بنفسه فى وضع ملابسه فى خزانته بشكل الدب الكبير .. مكتبته المتفرقة فى الحجرة أخذت أيضاً أشكالاً متنوعة للحيوانات واللعب التى يراها فى برامج الأطفال وامتلأت بالقصص الجميلة باهظة الثمن التى لم تسمح لها ميزانيتها بتوفيرها له سابقاً .. الصور التى تناثرت فوق الجدران والسجادة التى غطت أرضية الغرفة وحتى المصابيح والوان الطلاء ....... كل شئ بدا وكأنه عالم كان بعيداً جداً حتى عن أحلامها ... بذلت الكثير لتجعل طفلها سعيدًا وكانت تظنه أسعد طفل فى الوجود ... نعم كان سعيداً بالفعل .. لكن السعادة التى تراها تتراقص فوق ملامحه الآن شيء آخر
طرقات على باب حجرتها نبهتها من شرودها .. دلفت إلى الحجرة خادمة أصغر سناً من دلال كانت تدعى سعاد كما علمت بالأمس .. أخبرتها سعاد بحلول موعد العشاء .. كل شئ هنا له قواعد ولوائح ومواعيد محددة .. شعرت برغبة ملحة فى تحطيم لوائحهم وعاداتهم .. هتفت فى الخادمة
- اخبريهم بأننى متعبة ولا رغبة لى فى تناول العشاء .. سوف أنام مبكراً
ذهبت الفتاة استجابة لها .. ولكنها ما لبثت أن عادت بعد قليل تحمل صينية صغيرة فوقها كوب كبير من اللبن وبعض الشطائر قائلة
- حسام بك طلب منى أن أتيك بالعشاء هنا
هزت رأسها صامتة .. يبدو أنها لا تمثل فارقاً بالنسبة لهم .. لاحظت أن اهتمامهم جميعاً بما فيهم الخدم منصب على طفلها لا عليها .. حسناً .. ربما كان هذا أفضل .. وجودها فى حجرتها يجنبها كثيراً من نظرات السخط والتهكم التى تراها فى عيونهم كلما تطلعوا لملابسها .. يجنبها أيضاً بعض التعليقات اللاذعة التى يوجها لها حماها من حين لأخر .. هذا الرجل لا يطاق
فى صباح اليوم التالى اعتذرت أيضاً عن تناول الفطور معهم وكذلك فعلت فى موعد الغداء .. دق بابها بعد قليل .. ها هى الخادمة قد أحضرت لها الطعام كما فعلت من قبل .. لم تنهض من فراشها لكنها ما أن رأت الرجل الذى دلف للداخل حتى هبت واقفة .. كان حماها وعلى محياه السخط واضحاً .. تأملها قليلاً قبل أن يقول
![](https://img.wattpad.com/cover/52532906-288-k508515.jpg)
أنت تقرأ
وعاد ينبض من جديد _ كاملة( قريبًا في جميع المكتبات)
Romanceصغيرة .. جميلة .. ووحيدة .. وكأنها وردة برية قد نبتت فجأة في صحراء قاحلة جرداء .. هكذا كانت أعماقي قبل أن تسكنها .. حتى الوحوش تخشاها .... لم يكن في مخيلتى تلك الليلة سوى أن أبقيها معي .. لم أفكر كثيرًا .. بل ربما لم أفكر أبدًا .. وكيف أتركها تذهب...