ما بعد الموت

قاتل

العام العاشر , ولم تهدأ شعلة الحرب بعد .

 كان من أعداء تاداشي رجل ثري , سمعته السيئة ترافقه , كرائحة الدماء من ذئب أكل عشائه توًا . 

 كان تاداشي يطارده , لكن ذاك الأخير أجاد الاختباء  . 

جاء اليوم وعشرة من حاشيته , ركع أمام تاداشي يجهش البكاء , لكن ذاك الأخير أهانه وقال : 

_لا تخدعني دموع الذئاب , لن تنجُ من سيفي إن تذللت الآن . 

_ لم أعد مذئبًا صدقني رجاءً . 

_لست أحمق أصدق الهراءات .

_سأعطيك ثرواتي لتأنف حربك . 

_لست أطمع بما تمتلك , لست كالبشر . 

وقف الرجل يقهقه كالمجنون , قال : 

_لست هنا أرجوك بشيء , بل أني مللت الاختباء , وها أنا الآن , أمتثل قبالتك طالبًا سيفك . 

_حسن سأفعل , لكن سأشترط عليك . 

_لك ما شئت 

_برر حماقتك الآن , أوحقًا تبدلت ؟ ومن ثمة سأخبرك قصة هذه الحرب . 

_شرطك يسير , أنا كنت إنسان ظالم , أسرق من حاشيتي لملئ جيبي , لما بدأت الحرب هذه استغللت حقدهم عليك , طالبتهم بمالهم لأعد عتاد جيشي  وأقتلك , نعم , ليس لدي جيش أصلًا , سرقت مالهم وفررت , فازداد سخطهم . 

بعد أشهر من هذا جائني شاب عسير الحال , طالبني بمال يسد جوعه , فأبيت , دعا ربه دعوة أسرت قلبي ولم أنم الليل بعدها , دعا ربه بأن يسلط علي من هو أظلم مني , استحضرتك في خاطرتي , استجيبت نداءات الشاب وصرت أنت تلاحقني , اقترب مني الموت أكثر , أخشى لقاء الله ويدي مسودتان , فأرجوك اقطعهما لي بما عملتا !! 

_ما عملته أنت كان شيمة الأغنياء , هذا سلاح يثير الفساد في المرء , المال . 

صمت تاداشي برهة ثم آنف : 

_كنت أحب سماع القصص من جدتي , اعتدت هذا في صغري , حكت لي عن سوء ألدنا , والأيام ما تخبئ , حكت لي عن قاتل سمي بالدهر , حدثتني كراشد , لكني جهلت كل كلماتها , لما نضجت كانت في فراش الموت , جئت اسألها عما كانت تحكيني في الصغر فقالت : 

"بني أنت كبرت الآن , وصرت تعي أن البشر سوء خلق الله , ولو بدلت فيهم ما تبدلوا أبدًا , غرائزهم تحثهم على القتل , لن ترى إلا قلة شرفاء , ولن تجيد فراستهم , فالحمار اليوم صار ينعت نفسه بالجواد الكريم , بني , اسعى وراء آمالك , وتجاهل الوحوش كي لا تأكلك"

كانت جدتي خير من عرفت , لكني ما أصغيت لوصيتها ,  وحلمت بفناء البشرية عن الكون ,  ما أبغي العيش هنا ,  لأن الشريف لو أهديته سكين لقتلك . 

_إذًا كلانا يستأهل الموت ككل البشر . 

_اذهب أنت في حال سبيلك , اعرض عن خطاياك وأصلحها , ارج من الله العفو عما سلف , وتأكد من أني سأجدك وأقتلك .