part 4

439 28 64
                                    

الحزن يعزف الحانه الكئيبة القاتلة و اليأس يرقص على الحانه  يحرك جسده هنا و هناك ناثرا غباره على قلوب هولاء الاطفال ..

وجوه خلت من نفحة الطفولة .. فارقت روح الحياة .. عانقت جسد الموت .. لا تجد فيهم شيئا من الامل .. فشموع املهم الصغيرة اطفئها القدر ..

ذاك يبكي و ذاك سئم البكاء .. واخر يحتضن نفسه وهو يتمتم بكلمات لم يفهمها من حوله لكن على ما يبدو انه يستنجد بأمه المتوفاة لعلها تأخذه معها .. كلهم الدموع نقشت نفسها على وجناتهم ..

اما سراج ففي تلك الزاويه جلس وعلى نفسه تكور و دموعه اطلق لها العنان و قلبه الجبان ارتجف وسط اضلاعه .. الحياة لعبت به لعبة قذرة جدا و رمته هنا في بحر اليأس هذا ...

حل الصباح و اشرقت الشمس لتملئ الدنيا بضياءها و لتذكر البشر ما زال هناك امل في هذه الحياة لكن هل هناك امل لهذا المراهق الجبان ..

قادوه مع الاطفال لذلك السوق الذي عرف بين الناس بسوق العبيد .. في ذلك السوق يباع الناس و يشترون كما لو انهم احجار لا حياة لها ..

بعيونه الصفراء بحث في المكان ليرى ابشع المناظر .. اناس في الاقفاص حبست و من الحياة ابعدت .. مكبلين بتلك الاقفال التي تشهد على سلبهم كل شيء .. و اصحاب الكروش الكبيرة و الثياب الفاخرة و الايادي المملوءة بالجواهر  يحومون حولهم كالضباع  باحثين عما يعحبهم ..

و حاله لم تكن افضل من حالهم ففي القفص وضعوه و بالقيود كبلوه .. مضت ساعة وهو على هذه الحاله و من تنزل من عينه دمعه منهم يتلقى السياط على ظهره .. و هو قد ضرب بها مرتان حتى تركت اثارها على ظهره و بسببها ترك دموعه حبيسة عيونه ..

يراقب اولئك الاغنياء الذين يبدون كما لو انهم من عالم اخر عالم لم يتعود عليه ثيابهم من افخر الاقمشة و الزمرد و الياقوت تملئ اصابعهم و كروشهم تشهد على كثرة ما يأكلوه اشتروا الكثير من العبيد ...

في كل مرة يأتي احد ليشتري قلبه يكاد يخرج من صدره من قوة خفقانه .. و اطرافه لا تكف عن الارتجاف .. و ها قد مضت ساعتان و للان لم يشترى هو و مجموعة من الاطفال ..

تقدمت امرأة في الخمسينيات من عمرها محموله على ذاك الكرسي الذي رفعه العبيد .. مقززة المنظر بتلك الثياب الفاضحه و الجسد القبيح المترهل ..

لاحظ نظرات العبيد الخائفة وهم يحدقون بها .. كيف ارتسم الرعب على وجوههم .. كيف اختفت انفاس كل من وقفت امامه تتفحصه بعيونها القذرة ..

وها قد وصلت اليه و ها قد احتفى الهواء من حوله .. انزل رأسه خائفا مرتجفا يدعوا الا تشتريه .. مدت يدها الممتلئة بأغلى الجواهر لترفع وجهه و تتقابل عيونهما .. ابتسامة حقيرة رسمت على شفتيها ...

" لديك وجه جميل جدا و بريء تبدو كطفل لم يقترف ذنبا .. ستكون عبدا لذيذا " ... اقشعر بدن سراج من كلماتها رغم انه لم يفهم ماذا تعني .. تجمعت الدموع بعيناها ولم يستطع منعها فأطلق لها العنان .. لكن هذه المرة لم يضربه احد فحتى السيد مالك ينظر له بشفقة ..

الراقصة و الخباز حيث تعيش القصص. اكتشف الآن