و في ذلك القارب جلس و من تلك الضفاف انطلق .. انطلق في ذلك البحر الهائج من الذكريات .. بحر و أي بحر كلما تقدم فيه .. كلما ابصر ذكرى سالت دموعه منها .. و اختنقت انفاسه غير قادره على الهرب من بين اضلاعه لعلها تبلغ حريتها ..
ذكرى محبوبته و بسمتها التي لا تنسى .. والده و حاجباه المعقودان دائما .. اخواه اللذان لا يكفان عن زجره .. امه تلك السيدة التي لا يجد غير الجنون عنوان لوصفها فهي تارة لطيفة واخرى وحشا لا يعرف غير الضرب تعبيرا عما يشعر به ..
مسح دموعه وعدل غطاءه و راح يتذكر احداث هذان اليومان .. من بيع والده له وحتى طلب ليث ان يبقى تحت رعايته وبالطبع لن ينسى زمرد ..
ابتسم لمجرد تذكرها و كيف لا يبتسم و فيها يرى رباب .. هو للان لم يتأكد من ذلك فبمجرد وصولهم غطى الجميع في نوما عميق ..
الليل قد خيم بظلامه و ارسل صغاره ليوزعوا دعوات الى اولئك الذين ارهقهم النهار .. يدعوهم ليرقدوا ساكنين امنين تحت جناحيه ..
قبل سراج الدعوة بعد تفكيرا طويل .. و اختبئ تحت جناحي الليل في نوما طويل .. هاربا من واقعا مرير ..
و في الصباح استيقظ على صوت رجل غاضب و كم كره الاستيقاظ على هذه الاصوات فهي تذكره بمنزله اللعين .. بقى في سريره و هذه عادته في كل مرة يستيقظ على صوت صراخ .. يبقى في سريره حتى تهدأ الاوضاع و لا يصيبه شيء من قذائف تلك الحروب ..
ميز صوت صراخ ليث قائلا " كم مرة اخبرتكي ان تنسيهم و تكفي عن السؤال عنهم و لكنكي وبكل غباء تذهبين للسؤال عنهم كلما اتيحت لكي الفرصة " و من بين صرخاته سمع ذلك الصوت الباكي " انا اسفة لكن لا استطيع نسيانهم ارجوك تفهم هذا ليث " و زجر بها و كان سراج متأكدا ان زمرد ترتجف الان كما هو يرتجف من ذلك الصوت المخيف " استمعي الي زمرد انسيهم فرؤيتهم مستحيلة هل فهمتي "
و بعد تلك الجملة بثواني سمع صوت اغلاق الباب .. ترك سريره والى الخارج توجه .. ليرى قمرا حزينا باكيا و كم ألمه رؤية القمر يبكي .. انكسار القمر كسر قلبه .. لكن ذلك القمر و بمجرد رؤيته مسح دموعه و عاد ليبتسم مخبأ حزنه خلف طيات ابتسامته ..
حياها و بادلته التحية سألته ان كان جائعا و بخجل اخبرها انه كذلك .. و الى المطبخ توجها معا لتسكت جوعه .. سئلته عن قصته و بدوره حكى لها كل شيء و هو كان في امس الحاجة ليدمر جبال تكاد توقف نبض قلبه ..
لمحت السوار بيده و من الصدمة توقفت و اليه توجهت و بيده امسكت و على السوار اصابعها مررت و بالسؤال بادرت " من اين هذا جلبت ؟" ..
اخبرها كل شيء عن رباب و كيف التقى بها و عن فراقهما حكى لها .. و بدورها لم تستطع كتم دموعها .. لكن لم تنكر ان الفرح مسح هموم قلبها .. اخبرها وهو يبتسم " حتى لو لم التقي بها ففي النهاية نحن تحت سماء واحدة وهذا كافي بالنسبة لي "