مرت أربعة أيامٍ على ذهاب أيسر، لم يعد فيها أبدًا، لم يهتم بُسلٌ بذلك، بل بالعكس، لقد ارتاح، فهذا يعني أنه لن يضطر لكبت نفسه حتى يدفع جسده ثمن ذلك، لقد استطاع بطريقة ما إقناع الممرضة أن الجرح في يده كان عن خطأ منه لكونه أراد تقطيع التفاح، تم التضميد، ولكنه لن يستطيع إمساك شيء فيها، بقي يومين ويخرج من هذا المستشفى، سيذهب بعدها إلى بيته، ثمَّ يرى أخته، لقد اشتاق إليها حقًّا.
بينما كان يخوض في ذكرياته، سُحِب الستار، دخل أيسر بعد أن أغلقه وراءه، كان ممسكًا بكيسٍ فيه أطعمة من نفس المطعم السابق، ولكن هذه المرة كانت لبُسل فقط، وضعها على الطاولة الصغيرة ثمَّ جلس على الكرسي "كيف حالك؟" سأل بهدوء "بخير" أجاب بُسلٌ بابتسامته المعتادة، حدَّق أيسر به لوهلة، ثمَّ زفر بضيق "أعتذر على ما بدر منِّي في المرة السابقة"، ابتسم بُسل "لا داعِ لذلك".
بعد هدوء دامَ كثيرًا، أمسك أيسر بكيس الطعام "أحظرت هذا لك، ستأكله هذه المرة"، اتسعت ابتسامة بُسلٍ وهو يمدُّ يده ليمسك بالكيس "حسنًا"، حاول جعل أصابعه تضمُّ طرف الكيس حتى تمسكه، ولم يستطع، كان يريد أن يمسكه بيده الأخرى لولا أنها كانت مليئة بالكدمات التي تجعل من قبضها أمرًا صعبًا، لقد استعملها في جرح الأخرى سابقًا لكونه أراد أن يشعر بالألم، أبعد أيسر الكيس عنه "ما بها يدك؟"، ندِم بُسل على كونه جرح نفسه في مكان ملحوظ "أردت تقطيع التفاح، وهذا ما حصل"، حدَّق أيسر بها، كان سيصدق ما قاله لولا أنه تذكَّر كون يدِ بُسلٍ الأخرى مليئة بالكدمات، أي أنه أمسك بالسكين بيده تلك، كيف تُجرَح مع كونها ممسكة بها؟ أهذا يعني أنَّ بُسل يكذب؟ "أقام أي شخص من أهلك بزيارتك؟" هزَّ بُسل رأسه نافيًا "لم أخبرهم حتَّى الآن"، أيكذب بشأن هذا أيضًا؟ قطب أيسر حاجبيه، ندِم على تركِ بُسلٍ كلَّ هذه المدة، لقد أضاع فرصة معرفة ذلك الشخص الذي فعل ذلك.
"كيف ستأكل؟" سأل أيسر، فأجاب بُسل "أستطيع تدبُّر الأمر فيما بعد"، نهض أيسر "سأنادي الممرضة"، سأل بُسلٌ بسرعة وقد تنبأ بما يبتغيه أيسر من ذلك "لماذا؟"، أجاب أيسر بهدوء "كي تطعمك"، قطب بُسل حاجبيه "بالله عليك"، سأل أيسر "كيف ستأكل إذًا؟" أجاب بُسل "أخبرتك، سأتدبر الأمر فيما بعد".
_.._
بعد خروج أيسر من المستشفى، فتح باب سيارته، وكان سيركب، ولكنه فوجئ بصوتٍ من خلفه "كنت أتساءل أين تختفي طوال تلك الأيام، في المستشفى؟" التفت، فارتبك عندما رأى بازي متكتفًا وقد بدى عليه الغضب، خشي أن يكون قد رآه مع بُسل "أهلًا بازي"، اقترب بازي منه وربت على كتفه "أخبرني فقط عن كونِكَ ستغيب لفترة ولا تقلقني هكذا، لست أنا من قلق فقط بل الجميع"، ارتاح أيسر، يبدو أن بازي لم يره "أعتذر، لقد انشغلتُ مع مريض أعرفه، ولم تتسنى لي الفرصة لإخباركم"، زفر بازي بضيق "هناك ما يدعى بالهاتف هنا" لم يعلِّق أيسر، وعندما لاحظ بازي ذلك، سأل "أهو شخصٌ عزيزٌ عليك؟"، ابتسم أيسر "قليلًا، على كلٍّ، ما الذي تفعله هنا؟"، أجاب بازي "تخيَّل، استيقظت صباحًا على ألمٍ لا يطاق في الرقبة، اتضح بعدها أنه لكوني قد نمت بوضعية غريبة فقط!" ضحك أيسر "كعادتك، تكبِّر كلَّ موضوع يتعلَّق بنفسك"، عبس بازي "ليس هكذا!".
تابع أيسر التحدث مع بازي مع كونه مستغربًا من عدم وضع بازي لاحتمال أن هذا المريض الذي يزوره هو بُسل، مع أنه قد رآه بنفسه وهو ينقله إلى المستشفى!، ألهذه الدرجة يظن أن بُسل لا يشكِّل أي أهمية؟
![](https://img.wattpad.com/cover/69683176-288-k32451.jpg)
أنت تقرأ
هَوَاءْ، مَا أَرَادَ بُسْلٌ أَنْ يَكُونَه..
Randomلم يستطع أيُّ شخصٍ فهم بُسْل أبدًا، حتَّى أخته التي كانت الشخصَ الوحيد الذي يتخلص من غلافه الشفَّاف أمامه، تمنَّى أن يكونَ هواءً مع كونها أمنيةٌ مكلفةٌ جدًّا، يالِبُسلٍ المثير للشفقة...