"سيدي القاتل، أأنتَ هنا؟" أطلَّ الفتى برأسه من الباب وهو يفتحه بهدوء، ارتسمت ابتسامة جميلة على شفتيه وهو يقول بفرح "حمدًا لله، ظننتك قد اختفيت كالعادة"، ذهب الفتى بخطواتٍ مسرعة إليه "ما الذي تفعله؟" كان السيِّد قاتل يبحث عن شيء ما في الانترنت عن طريق هاتفه الذكي، بدا جادًّا، ولكن ما إن رأى الفتى حتى ارتخت ملامحه وربتَ على رأسه "صغيري، ما الذي تفعله هنا؟ ألم أخبركَ عن كونِ هذا المكان ممنوعًا؟"، قالها بصوته الخافت، فاتسعت ابتسامة الطفل "ليس ممنوعًا، أنت تذهب إلى هنا أيضًا سيدي القاتل"، حمل السيِّد قاتل الطفل ووضعه في حضنه "إنه ممنوع على غيري وليس علي، سأسامحك هذه المرة لكونِكَ صديقيَ المفضل"، ضحك الفتى بسعادة، ثمَّ حدَّق بشاشة هاتف السيِّد، مع كونه قد تعلَّم القراءة إلا أنه لم يستطع، إنه صغيرٌ على استيعاب هذه الكلمات، نقل عينيه إلى الصور وفور أن لاحظ السيِّد قاتل ذلك غطَّاهما بيده، "لماذا؟ أريد أن أرى"، ابتسم السيِّد قاتل "إنها صورٌ للكبار فقط"، احتجَّ الفتى "أنا كبير!، أرِنِي!"، ضحك السيِّد قاتل "حقًّا؟"، قطب الفتى حاجبيه وهو يحاول نزع يدِ السيِّد قاتل العملاقة بالنسبة إلى يده "حقًّا!"
_.._
جلَس على كرسيِّ بازي أمام طاولته "بُسل"، رفع بُسلٌ عينيه لتقابل عيني أيسر، كان يحلُّ بعض الواجبات إلا أنَّ الآخر قاطعه، ابتسم "ماذا؟"، سأل أيسر "أأنت متفرغٌ اليوم؟"، قطب بُسلٌ حاجبيه محاولًا التذكُّر، ثمَّ أرخاهما "أعتقد ذلك"، ابتسم أيسر بحماس "جيِّد!، سأمرُّ منزلكَ هذا المساء"، بدت تعابير الاستغراب على وجه بُسل "إلى أين؟"، اتسعت ابتسامة أيسر "كلُّ مكان يخطر على بالك، سنتجول في الشوارع هنا وهناك حتى يصيبنا الإرهاق!"، شعَر بُسلٌ بالانزعاج، ندِم على قوله أنه متفرغ، هو لا يحبُّ هذه الأشياء، ومحاولات أيسر في تقوية صداقتهما تزعجه أيضًا، لا سيما أنه لم يرِد من أيِّ شخصٍ تذكُّره، وطبعًا، أخته استثناء.
اقترب باتل منهما "ما الذي تتحدثان عنه؟"، ابتسم أيسر "كنَّا نتحدَّث عن موقف بازي مع الأستاذ قبل قليل"، جذب الموضوع اهتمام باتل فقال بحماس "أرأيتماه عندما صرخ عليه وكأنه لا شيء؟"، علَّق أيسر "نعم، لم يعجبني ذلك قليلًا كونه يجب علينا احترام الأكبر"، زفر باتل بملل "أنت ستصبح عجوزًا قبل أن تصبح"، ضحك أيسر "أُفضِّل ذلك".
_.._
كانت الأخت تنظف المنزل وقد أصرَّ بُسلٌ على مساعدتها تعويضًا لكونه لن يتناول العشاء معها لإن أيسر سيأخذه، "بالمناسبة بُسل" قالت أسبار بينما تمسح الأرض بالمكنسة "لمَ وافقت على طلبه مع كونِكَ تكره الخروج من المنزل؟" سألت الأخت، أجاب بُسلٌ وهو يضع مزهريةً صغيرة فوق أحد الرفوف في الأعلى بعد أن قام بتنظيفها "لم يترك لي الفرصة للرفض"، لم تعلِّق الأخت، فقال بُسلٌ بعد دقائق "يريد أن يكون صديقي"، توقَّفت الأخت عن الكنس، ووجَّهت نظراتها إلى بُسل "صديق؟"، استغرب بُسلٌ تفاعلها "نعم، صديق"، شعرت الأخت بالانزعاج، وخاصة عندما تذكَّرت آخر صديقٍ لبُسل وكيف كان "إياك"، رفع حاجبيه مستغربًا، نبرة الغضب واضحة في صوتها "أعلم، أنا لا أخطط لذلك أصلًا"، اقتربت منه وربتت على رأسه وهي تبتسم برضى "جيِّد، أخي مطيع، وهذه إحدى روائعه"، تجاهل كونها تعامله كالطفل، وسمح للسعادة بالدخول إلى قلبه مع أنه لم يسمح لها بذلك منذ زمن، ولكن ماذا عساه أن يفعل وهو يرى أخته راضية عنه هكذا؟.
أنت تقرأ
هَوَاءْ، مَا أَرَادَ بُسْلٌ أَنْ يَكُونَه..
Aléatoireلم يستطع أيُّ شخصٍ فهم بُسْل أبدًا، حتَّى أخته التي كانت الشخصَ الوحيد الذي يتخلص من غلافه الشفَّاف أمامه، تمنَّى أن يكونَ هواءً مع كونها أمنيةٌ مكلفةٌ جدًّا، يالِبُسلٍ المثير للشفقة...