حسنًا، مضى الكثير من الوقت على ذهابه إليها، المدرسة، أسبوعٌ وثلاثةُ أيام؟، هو الآن في سنته الأخيرة من المرحلة الثانوية، يجبُ عليه مراعاة هذا.
اتجه إلى فصله بخطواتٍ هادئة، هو لن يرتبك لشيء صغير كهذا، ولن يخاف من مقابلة أولئك الأشخاص أبدًا، فهذا مناقض لطبيعته، ولما أراد أن يكونَ عليه، هو قد دخل حياة هؤلاء الأشخاص كالهواء، وسيخرج منها كالهواء، سيتابع حياته وقد أخذ الهواء قدوة له، هذا ما أراده منه.
فتح الباب بهدوء، وكما توقَّع، الكثير من الضجيج، اتَّجه إلى مكانه في الزاوية، وضع حقيبته على الطاولة، وجلس على كرسيه، حدَّق بالطلاب من حوله، من يتحدَّث مع صديقه، ومن يتباهى أمام الكل، من يراجع الدروس، ومن يحلُّ الواجبات، من يأكل، هذا مثال على ما يحدث عند تأخر الأستاذ، لم يكن الأمر مزعجًا بالنسبة له، ولم يكن جميلًا أيضًا، اكتفى بإخراج بعض الأشياء من حقيبته استعدادًا ومن ثمَّ وضع رأسه على الطاولة وقد قابل وجهه الجدار، ثمَّ أغمض عينيه بهدوء، ولكنَّه أحس بيدٍ تربت على كتفه.
رفع رأسه وحدَّق بذلك الشخص، إنه بازي "مرحبًا" قال بابتسامة، ردَّ عليه بابتسامة أيضًا، ولكن ذابلة كالعادة "مرحبًا"، جلسَ بازي على الكرسي أمامه "كيف حالكَ بعد الحادث؟"، اتسعت ابتسامته "بخير"، يعلم أن هذا السؤال لم يكن إلا للسخرية، ولكنه جاراه، "لقد افتقدك الجميع حقًّا في هذا الأسبوع"، كان بسل سيتكلم لولا أن شخصًا ما قاطعه وهو يجلس القرفصاء بجانبه "ماذا؟، هل عاد بُسل؟" كان مبتسمًا، من الواضح أنه شخصٌ مرح، ردَّ عليه بازي "تراه أمامكَ يا باتل وتسأل" وجَّه نظراته إلى بُسل ومن ثمَّ وضع مرفقه على طاولته وأسند ذقنه على ظهر يده "حمدًا لله على سلامته".
وجود مثل هؤلاء الأشخاص حوله من الممكن أن يعارض رغبته، ولكن لا بأس، يستطيع المراهنة على كونهم لا يعرفون اسم عائلته حتى، وهذا جيِّد، هم لم ينتبهوا، يريدون الاستمتاع فقط "أوه، تفان قد أتى" قال باتل بحماس وهو يحدِّق بالشخص المتجه إليهم وهو يعبث بهاتفه، "لحظة، أليست الهواتف ممنوعة؟" سأل باتل وهو يحدِّق بتفان الذي يعلِّق حقيبته على الطاولة بجانب بُسل ويجلس على الكرسي "سيكون الأمر بخير ما لم يتحدث أحد" أجاب تفان، فسأل بتال مرة أخرى "ألا تخاف من كون أحدهم سيفشي أمرك؟"، تنهد تفان "يا أخي، يجب أن يخاف على نفسه من الموت"، ابتسم بتال "يا لكَ من مخيف"، سأل بازي "على كلِّ حال، تفان، أرأيت الرسالة التي أرسلتها لكَ الليل الماضية؟".
استمرَّ بُسل بالاستماع إلى أحاديثهم، لم تكن مملة، كانَ مستمتعًا، غير آبهٍ بما حدَث في السابق، أسيسعى للانتقام مثلًا؟، دقيقة مرت يتجه أيسر بعدها إليهم وقد وصل للتو، "مرحبًا"، ردَّ الجميع عليه التحية، "مرحبًا" وبُسل ردَّها كذلك مبتسمًا، علَّق أيسر عليه نظراتٍ ممزوجة بالارتباك، ثمَّ حاول تجاهله موجِّهًا نظراته إلى بازي "ظننت أن الدرس قد بدأ لكوني قد تأخرت كثيرًا، أين الأستاذ؟"، أجاب بازي "من الواضح أنه متغيِّب"، زفر أيسر براحة "حمدًا لله، كنت متأكدًا من كوني سأكتب النص خمس مرات"، ضحك الجميع عليه، وهو جلس على الكرسي أمام تفان وقد رمى حقيبته على الطاولة "بالمناسبة، أريد دعوتكم لمطعمٍ ما بعد المدرسة"، رفع بازي حاجبه مستغربًا "واو، من أين أتى هذا الكرم؟"، ضحك أيسر "من السماء"، قال باتل بحماس "سأذهب"، وقال تفان "وأنا أيضًا، ولكن تأكد من كونِ وجباتهم تليق بذوقي"، ضحك أيسر عليه "متأكدٌ من ذلك"، وجَّه نظراته إلى بازي "وأنت؟"، قال بازي وهو يعدِّل جلسته "بالطبع، لن أضيِّع الفرصة"، وجَّه أيسر نظراته إلى بُسل، ينتظر جوابه، فوجَّه الجميع نظراتهم إليه، قال بهدوء "أعتذر عن ذلك"، قطب بازي حاجبيه "لماذا؟، لا تفسد المتعة!"، ابتسم بُسل "أنا حقًّا آسف لذلك، ولكن لدي شيء أهم".
"ما هو؟" سأل تفان، أجاب بُسل "اممم، أختي تريدُ الذهاب معي إلى مكانٍ ما، وهكذا"، حدَّق باتل به "لديكَ أخت"، ضحك بازي "حسبته وحيدًا"، قال أيسر "حسنًا، لا بأس، في مرات قادمة إذًا"، أومأ بُسل برأسه.
_.._
"يآآآه، لو ترين كم بدى لطيفًا عندما تحدَّث معي عمَّا يحزنه يا آراب"، حدَّقت آراب بصديقتها أسبار وهي تتحدث عن أخيها الصغير بحماس، هي بكل تأكيد ليست طبيعية، وفتاة عاديَّة كآراب لن تستطيع فهمها، هذا ما فكَّرت به وهي تقول "تتحدثين عنه وكأنه طفل صغير، سيتخرج يا أسبار"، قالت أسبار وهي تضع رأسها على مكتبها "وهذا ما يحزنني، تمنيت لو يبقى صغيرًا للأبد"، تنهدت آراب وهي تفتح حاسبها المكتبي لتبدأ بالعمل، من ينظر إليكِ يقول أنكِ تتحدثين عن طفلك"، ضحكت أسبار على تعليقها.
اقتربت آزال منهن وجلست على كرسيِّ مكتبها "دعنني أخمِّن موضوع حديثكن، الأخ الأصغر اللطيف لأسبار صحيح؟"، أشارت أسبار بأصبعها السبابة إليها وكأنها تطلق من مسدس "أصبتِ!"، ضحكت آزال "هذا هو الموضوع الوحيد الذي يشغل بال أسبار"، أرجعت أسبار شعر رأسها للوراء وهي تقول بنبرة غرور "يحقُّ لي، لكونِ هذا اللطيف أخًا لي"، همست آراب في أذن آزال "أعان الله ذلك الأخ عليها"، هزَّت آزال رأسها موافقة.
_.._
"بُسل" نادا تفان بصوتٍ هادئ، كان الفصل خاليًا، وقت الدراسة قد انتهى، والكلُّ قد عاد إلى البيت، وبُسل كان ينوي ذلك أيضًا، لولا أن مناداة تفان قد استوقفته، "ماذا؟" سأل بابتسامته المعتادة.
"أتذكر السيِّد قاتل؟" أجاب تفان على سؤال بُسل بسؤالٍ آخر جعل جفون بُسل تبتعد عن بعضها البعض بسرعة "هاه؟".
تبادر إلى أسماع بُسلْ، صوتٌ قديم، صوتٌ من ذكرياته البعيدة، صوتُ ذلك الطفل الصغير وهو يصفِّق بحماس، "أنتَ رائع، سيدي القاتل!"...
._._._._._._._._._._._._._._._._._._._.
حسنًا، أظن أن هذه الفصول الخمسة مناسبةٌ لمرحلة ما قَبلَ البداية، حيثُ تعتبر كمقدمة للأحداث، أحتاج المزيد من التعليقات للإكمال، آراؤكم عن الشخصيات مثلًا.. :)
الرواية لم تبدأ بعد، فما هي توقعاتكم؟..
![](https://img.wattpad.com/cover/69683176-288-k32451.jpg)
أنت تقرأ
هَوَاءْ، مَا أَرَادَ بُسْلٌ أَنْ يَكُونَه..
Diversosلم يستطع أيُّ شخصٍ فهم بُسْل أبدًا، حتَّى أخته التي كانت الشخصَ الوحيد الذي يتخلص من غلافه الشفَّاف أمامه، تمنَّى أن يكونَ هواءً مع كونها أمنيةٌ مكلفةٌ جدًّا، يالِبُسلٍ المثير للشفقة...