أغلق أيسر باب سيارته وراءه، وعلَّق نظراته على بُسلٍ الذي كان يحدِّق بالنافذة، وأخيرًا خرج من المستشفى، لقد استطاع إقناع بُسل بصعوبة لإيصاله إلى بيته بنفسه "مبارك، بُسل"، بقي بُسل صامتًا، وأمَّا أيسر، فانطلق بالسيارة وقد شغَّل المذياع.
ربع ساعة مرت وهما في الطريق، تتوقف سيارته بعدها في منزلٍ صغير، كان منظر المنزل جميلًا يوحي بذوقٍ رفيع، نزل بُسل من السيارة شاكرًا أيسر، ثم مضى في طريقه.
عندما فَتَحَ الباب، نادا بهدوء "أختي" ولكنَّه لم يلتمس أي رد، اقترب من الدرج "أسبار"، ما هي إلَّا ثوانٍ ويسمع صوتَ فتح باب غرفتها، ثمَّ صوتَ خطواتها وهي تركض بسرعة وتطلُّ برأسها من الأعلى "بُسل؟"، ابتسم "عدت".
نزلت بخطواتٍ سريعة متخطيةً درجتان في كل مرة "بُسل!"، ما كان منه عندما رآها إلا أن قام بحضنها "أنا حقًّا، حقًّا اشتقت إليكِ"، ربتت على رأسه "وأنا كذلك، بُسل"، لم يفترقا عن بعضهما البعض هذه المدة الطويلة أبدًا.
_.._
كان يتجوَّل مع زوجته الجديدة في الأسواق، يختار لها الفساتين، ويشتري المجوهرات، يتناول بعض الطعام معها في إحدى المطاعم، إنه في نعيمٍ الآن، "تالد، سمعت عن كونكَ تملك ابنًا من زوجتك السابقة"، ارتبك تالد، هو ليس ابنًا من زوجته السابقة بل زوجته التي تكون قبل سابقتها، "نعم، انه ابنٌ لطيفٌ حقًّا"، سألت الزوجة بغيرة وهي تدور بالشوكة يمينًا ويسارًا "ما اسمه؟" أجاب بابتسامة "بُسل"، عضَّت شفتها بغيض "يملك اسمًا جميلًا"
_.._
في تلكَ الغرفة ذات الضوء الخافت، كانت أسبار جالسة على الأريكة، وبجانبها بُسل وقد وضع رأسه في حضنها، كانت تقحم أصابعها بين خصلات شعره وتقول بصوتٍ خافت "والآن، عزيزي بُسل، ما الذي يؤلمك؟"، أجابَ بهدوء "كان تقبُّل إساءة أيسر أمرًا مؤلمًا"، سألت بابتسامة "وأيضًا؟"، أغمض عينيه وهو يتذكَّر "بازي يحاول إمتاع نفسه بإيذائي، هذا أيضًا كان مؤلمًا"... "و؟" سألته أخته مرة أخرى، فأكمل "تفان كان يراقبني بسخرية، وأيسر كان ينظر إليَّ بشفقة، ساعدني لشعوره بالذنب، تخيلي!"، اتسعت ابتسامتها "يا له من أمرٍ يثير الغضب والحزن، كيف ستتخلص من الألم؟" ابتلع ريقه، ثمَّ أجاب بخوف "ألمٌ أكبر".
أبعد رأسه عن حضنها، وهي بدورها أخذت إحدى الإبر من الطاولة أمامها "أرني رقبتك، بُسل" ضمَّ شفتيه، ثمَّ أعطاها ظهره لتمسك بثيابه وتنزلها قليلًا لتظهر رقبته، بدأت تغرز الإبرة كنقاط في عدة أماكن مشكِّلة بذلك شكل (قلب)، أحسَّ بُسلٌ بسائل ينساب على ظهره جاعلًا إياه يقشعر، كان يتألم مع كلِّ غرزة، ولكنه في نفس الوقت يشعر بالارتياح، هذه الطريقة تنسيه ما حصل.
بعد أن انتهت، سألت بهدوء وقد فشلت في إخفاء ابتسامتها التي توحي بأنها كانت مستمتعة "كيف هو حالكَ الآن يا بُسل؟"، ابتسم وهو لا يستطيع رفع رأسه من الألم "أفضل، أشكركِ حقًا، أختي"
أنت تقرأ
هَوَاءْ، مَا أَرَادَ بُسْلٌ أَنْ يَكُونَه..
Diversosلم يستطع أيُّ شخصٍ فهم بُسْل أبدًا، حتَّى أخته التي كانت الشخصَ الوحيد الذي يتخلص من غلافه الشفَّاف أمامه، تمنَّى أن يكونَ هواءً مع كونها أمنيةٌ مكلفةٌ جدًّا، يالِبُسلٍ المثير للشفقة...