"يجبُ أن تنظر لهذا سيِّد قاتل، إنها نملة!" اقتربَ السيِّد قاتل من الصغير بهدوء ثمَّ جلسَ على الأريكة التي كان يجلس عليها، وحدَّق بالنملة التي تسحب معها فتات خبز، كانت تسير على النافذة خلف الأريكة، قال الفتى والحماس يغمره "لمَ لا نسحقها؟".
كان السيِّد قاتل كحيل العين شاحب اللون كثيف الشعر، هذا ما يميِّزه عن بقية الأشخاص الذين قد دخلوا حياة الفتى، لم يُجبِ السيِّد قاتل على سؤاله، لم ينتظر الفتى ذلك أصلًا، بل أسقط يده على النملة بسرعة وقوة "وهكذا، هي سترتاح من الاستماع إلى أوامر الملكة البغيضة"، وجَّه الفتى نظره نحو السيِّد قاتل بابتسامة "سأصبح مثلك، سيِّد قاتل!"، تكلَّم السيِّد قاتل أخيرًا، حيث سأل الفتى بصوتٍ هادئ مبحوح، لكثرة بكائه؟ ربما، فعينيه حمراوان "لمَ تريد أن تكون مثلي؟"، أجاب الفتى بحماس "أختي تقول إن الألم يطفئه الألم!، السيِّد قاتل يساعد الناس بقتلهم، صحيح؟ لهذا أنت رائع، أريد أن أكون بطلًا مثلك".
لم يستطع السيِّد قاتل التعليق على هذا، بل ضلَّ محدِّقًا بالفتى الذي بدأ بالبحث عن المزيد من النمل لينهي معاناتهم.
_.._
"تسعون" همس تِبر بابتسامةٍ مليئة بالحماس وهو ينزِل من الطائرة، إنه غريبٌ بعض الشيء، الحقد يثير حماسه، كلَّما اقترب من هدفه كلَّما ازداد حماسًا، سيتمهَّل، لا حاجة للاستعجال، سيستقرُّ في هذا المكان لفترة ثمَّ يبدأ عمله.
"تِبر" سمع صوتَ صديقه يناديه من الخلف، "ما الذي تريده يا أغيد؟ لقد استمريت في ازعاجي طوال الرحلة"، ضرب أغيد الأرض بقدمه غاضبًا "هذا لأنك استمريت في تجاهلي!"، التفت تِبر له "بل لكوني أعطيتكَ الجواب سابقًا، هذا ما أريده وكفى!، ولكنكَ استمريت في تكرار السؤال"، اقترب أغيد منه "بل لكونِ ما تريده غير منطقيٍّ أبدًا، نحن قد لعبنا لعبة، لعبة!، أنت تستمر في طلب أشياء لا تعقل!"، اقترب تِبر منه كذلك "كيف لا تعقل وأنا قد طلبت منكَ أن تسكب الماء المليء بالثلج على وجهه عندما نزوره، أنت تستمر فيما يدعى بالخوف دائمًا!"، صرخ أغيد "بل أنت من تستمر في أفعالكَ الصبيانية هذه!، انظر إلى عمرِك، أنت في الخامسة والثلاثين وما زلتَ تفعل هذا؟"، صرخ تِبرٌ جاعلًا صوته أعلى من أغيد "بل أنت من تستمر في إدخال نفسِك في ما لا يعنيها!"، أحس أغيد بحنجرته، وكأنها تتمزَّق من شدَّة الصراخ "أنت من تستمر في إدخالي بها، من سيجعلني أسكب الماء على شخصٍ هو يحقد عليه وليس أنا؟"، سأل تِبر بغضب ولا زال يرفع صوته "لمَ تستمر في حلقة الاستمرار هذه؟"، ولا زال أغيد يرفع صوته أيضًا "أنتَ من بدأها!!!"
بدت تعابير الاستغراب على وجه تِبر، من يراه لن يقول إن عروقه كادت تنفجر قبل قليل "حقًّا؟"، أجاب أغيد بنفس الهدوء "نعم"، رفع تِبرٌ حاجبيه متعجِّبًا "لقد ظننت أنه أنت حقًّا.
_.._
اقترب أيسر من بُسل بنية دعوته هذه المرة، ولكنَّه لاحظَ شيئًا على الجزء الخلفي من رقبته، حدَّق به للحظات كان جرحًا على شكل قلب، من الواضح أنه حديث، زفرَ بضيق، ثمَّ جلس على كرسيه أمام طاولة تفان والتي تكون بجانب بُسل "كيف حالكُ يا بُسل بعد ما حدث" يمكنه التحدُّث براحة معه الآن، فتفان وباتل وأيضًا بازي منشغلون بالمشروع الذي كلَّفهم أحد الأساتذة به مع طلبة آخرين، أجاب بُسل "بخيرٍ ولله الحمد، أشكرك"، أمسك أيسر بالجزء الخلفي من رقبته بيده اليمنى، لابد وأنكم قد لاحظتم أنه يفعل ذلك كلَّما توتَّر "لا يوجد أيُّ داعٍ للشكر"، اتسعت ابتسامة بُسل "ولكنكَ ساعدتني، بل وبقيت معي طوال ذلك الأسبوع عندما كنتُ وحدي، أنا حقًّا أشكرك"، احمرَّت وجنتا أيسر، هذه هي المرة الأولى التي يشكره فيها أحدهم بصدق -كما يظن-، تذكَّر كونه قد تركه لأربعة أيَّام لسببٍ سخيف، وتذكَّر الجرح الجديد الذي وجده في يده، ندِم على ذلك، لو أنَّه لم يتركه، لكان بوسعه معرفة ذلك الحقير الذي يؤذيه، هو يريد مساعدته بالفعل، وبصدق، إنه يرى بُسل وللمرة الأولى كصديق، كلُّ هذا لكونه قد بقي معه مدَّة طويلة أكثر من السابقِ دون وجودِ بازي وتفان.
جلس أيسر على كرسيِّ بازي أمام طاولة بُسل، وقال بصوتٍ منخفض "بُسل، أتمنى أن تخبرني بالحقيقة"، بدت تعابير الاستغراب على وجه بُسل فأكمل "أنا متأكدٌ من كونِ أحدهم يؤذيك"، لم يعلِّق بُسل، فقال أيسر "لا تخف، أنا لن أخبر أحدًا، لن تكون هناك أيُّ طريقة ليعرف ذلك الشخص أنك قد أخبرتني!"، لم يعلِّق بُسل كذلك، بل لم يستطع التعليق، أكمل أيسر "سأحاول تخليصكَ منه بأي طريقة، سأنهي معاناتك".
"اهتمَّ بشؤونِكَ فقط، أيها القبيح" قال بُسل ذلك عندما تذكَّر ما قالته أخته "بُسلي، إذا تحدَّثَ ذلك القبيح عن هذا الموضوع مرة أخرى فقل له أن يهتمَّ بشؤونه فقط".
علَّق أيسر نظراته عليه بصدمه، لم يتوقَّع أن كلامًا كهذا قد يصدر من فمِ بُسلٍ طيِّب القلب، تدارك بُسلٌ الموقفَ بحكِّ شعر رأسه بأطراف أصابعه "أنا... أعتذر، أعتذر حقًّا يا أيسر، ولكنني..."، "لا بأس"، قاطعه أيسر وهو ينهض من كرسيِّ بازي "أتفهم موقفك، ولكن لا تظنَّ أني سأترك الموضوع يمرُّ بهذه السهولة، فما رأيته في جسدِكَ ليس بالأمر السهل، ربما ينتهي الأمر بي إلى التحدُّثِ مع الشرطة".
._._._._._._._._._._._._._._._._._._._.
إلى هنا وينتهي الفصل :)
بانتظار تعليقاتكم وآرائكم وتوقعاتِكم،،

أنت تقرأ
هَوَاءْ، مَا أَرَادَ بُسْلٌ أَنْ يَكُونَه..
Diversosلم يستطع أيُّ شخصٍ فهم بُسْل أبدًا، حتَّى أخته التي كانت الشخصَ الوحيد الذي يتخلص من غلافه الشفَّاف أمامه، تمنَّى أن يكونَ هواءً مع كونها أمنيةٌ مكلفةٌ جدًّا، يالِبُسلٍ المثير للشفقة...