1: حين إلتقت أعيُننا

1.1K 59 28
                                    

" عن ماذا أحكي ؟ عن دفتر ذكرياتي الذي أنسكب فوقه الحبر فملئهُ السواد ، أو عن غصني المكسورة المرمي بعيداً .. لأحكي عن الخطأ الذي اقترفته ، عن أعظم اخطائي " .

في ليلة شتاء قارس 7 مساءاً ، هممتُ بالخروج بعد انتهائي من مشروعي مع مجموعة زملائي في المدرسة , توقفت أمام باب المدرسة انظر للمارة وأعود أنظر الى ساعتي .. من سيُعديني الى منزلي ؟ الوقت تأخر ! لقد نسيت هاتفي في المنزل ماهذا اليوم البائس .. تنهدت بعد أن جلست بضجر  .

: هيه أيامي الا تريدين أن اعيدك للمنزل ؟ تبدين خائفة من العودة سيراً . قالها بسخرية .

رفعت رأسي اليه ارمقه بنظرات الحقد .. فهو أحدى زملائي اللذين يفصل بيننا جدار الكُره والعداوة .

أيامي: لا شكراً ، ولست خائفة سأعود سيراً .
قلتها بعد أن نهضت بكبرياء لاسير بضجر .

: أأنتِ متأكدة ؟ .
قالها بخوف فتجاهلته .. قد تتسألون لما لاذهب سيراً ؟ مدرستي في منطقة بعيده ، بين منطقة مدرستي و منطقة منزلي منطقة مهجورة أو ربما مهملة من قبل الجميع .

سرت حتى وصلت لتلك المنطقة المهجورة .. أصبحت أسير بخُطى سريعة ويدب في قلبي الخوف حتى شعرت أن كل خلية في جسدي تتنافر من الاخرى لشدة خوفها .. تباً له بل تباً لي كان من الأفضل أن أصعد معه ! كنت سأتحمل ثرثرته وسخريته .. تأفأفت لازلت كالحمقاء اخطأ في كل مرة من أجل أن ابدو قوية .. فقد مللت من شخصيتي الضعيفة والخائفة طوال الوقت ! .

لحظه ! هناك أصوات اخرى ليست بـ أصوات دقات قلبي .. أنها أصوت سير أقدام .. وربما !! هي خـلـفـي تـمـامـاً !!! .. لا أعلم كيف أتتني الشجاعة في ذلك الوقت لاستدير للخلف .. ثم اتراجع للوراء لشدة المنظر المقرف .

فقد كان رجلاً سكير .. ملابس ممزقة ، شعر مهمل ، رائحة الكحول !! ، بدأت بالركض والبكاء معاً ويال حظي السيئ فقد وصلت الى طريقاً مسدود .. أهذه النهاية المأساوية لبطلات القصص المصورة ؟ .

أغمضت عيناي بعد أن شعرت به قريباً مني ، صمت وسكون طويلان .. فتحت عيناي ببطئ بعد دقائق طويلة من الهدوء ، ورأيت السكير غارقاً في بركة الدماء ! رفعت رأسي لاجد رجلاً الغريب  يمسك سكيناً يبدو أنهُ قتله ؟ ، هذا الرجل الغريب أنقذني ؟ ، حينها خلع نظاراته الشمسيه وإلتقت أعيننا لأول مرة العينان التي أسرتني منذ أول لقاء .

أنها ليست النهاية المأساوية لبطلات القصص المصورة بل أنه أول لقاء مع أبطالهم ، هذا مافكرت به ! وماعتقدته بتلك اللحظة ظننتك بطلي ومنقذي وأني ساعيش تحت قصة حُب وربما سأحكي لأبنائنا لقائنا الأول .. تباً لتلك الافكار الخرقاء التي حكمتني وقتها ، لم أتوقع يوماً أن يحصل خلاف ذلك .

نظرت اليه كان واقفاً يحمل بيده سكين مغطاه بالدماء .. ملامح ساكنة وشعر ازرق داكن وعينان زرقاء كلون المحيط في الصباح الباكر .. عندها أنقسم عقلي الى نصفان .. النصف الاول كان غارقاً في ملامح بطلي اللذي انقذني كما كنت اتوهم حينها .. والنصف الاخر يتسأل بعقلانية .. لما قتله ؟ كان يجب أن يفقده وعيه فقط !! في النهاية كان سكيراً .

قطع حبل أفكاري بل زحزح عقلي صوته الجهوري حين قال : هل أنتِ بخير يا أنسة ؟ .
أيامي: ب.. بخيراً بخ..ير .
صمت لدقائق ثم قُلت بتأتأة: أت..صل بالشرطة ! .

1920حيث تعيش القصص. اكتشف الآن