دوامة في قلب البلورة

1.5K 80 3
                                    

#دوامة_في_قلب_البلورة
الفصل الأول
كانت تحبه كما لم تحب أحداً من قبل.. عشقه كان يجري في عروقها مجرى الدم. كان كالماء و الهواء.. كان..
جلست شاهندا أمام المرآة تحاول أن تخفي بالمكياج أثار الكدمات في وجهها.. يداها ترتعش، و معصمها يؤلمها بشده.. ستضطر لارتداء ثوب سهرة بأكمام طويلة جداً لتخفي تلك الزرقة التي أحدثتها أصابعه. بدأت دموعها في التساقط لتهدم ما حاولت إخفائه لبرهة ليست بالقصيرة. نظرت بعينيها العسليتين لإنعكاس صورتها في المرآة، لينفجر بعدها سد الدموع المنهمرة بلا توقف، و تخرج أشباح الذكريات من مكمنها.

منذ خمس سنوات إلتقيا في أحد الأفراح التي جمعت بين عائلتيهما.. بينما كانت عند مائدة البوفية تحضر طبقاً لها، و تستدير فجأة لتصطدم به، و يلتصق كعك الشيكولاتة بقميصه الأبيض الناصع. لم ينطق أي منهما بكلمة، لكن عيونهما كان لها حوار أخر دعونا نستمع إليه:
هو: خرقاء و حمقاء
هي: آسفة
هو: ماذا أفعل بأسفك الأن يا غبية! أنظري ماذا فعلت بقميصي الجديد.
هي: كان يجب عليك ألا تقف خلفي مباشرة. كيف لي أن أعرف أنك كنت ورائي؟
هو: تباً لمنطق النساء!

بعد لحظات تداركت الأمر و قالت،" آسفة حقاً." فرد، " لا داعي للأسف. لا تشغلي بالك ليس بالأمر الهام. بعض الماء و سيعود كل شيء كما كان." بإبتسامات و إيماءات مهذبة، ذهب كل منهم لمكان جلوسه. إلى أن قامت صديقة مشتركة بتعريف كل منهما للأخر. " علاء عزام هذه صديقتي شاهندا وصفي.. شاهندا أعتقد أنك سمعت عن علاء، أليس كذلك؟" أحمر وجهها خجلاً و لم تستطع الكذب، فأجابت بالنفي. مما دعا صديقتها للأسهاب في تعريف كل منهما بالأخر بشكل تفصيلي أكثر.

كان مخرجاً مسرحياً في طريقه للشهرة و يصعد سلم النجاح بثقة.. طويلاً أسمراً ذا عيون سوداء لامعة برموش كثيفة سوداء.. لم يكن وسيماً بالمعني الحرفي للكلمة، لكن سحراً خاصا يخرج من شفتيه ليأسر أعتى القلوب.. متحدث لبق بارع، له من الثقافة ما ينم عن نبوغ و ذكاء. في منتصف الثلاثينيات من عمره، و لم يسبق له الزواج.

أما هي فقد كانت رسامة موهوبة، تدل حركات أصابع يدها عن رشاقة و إحتراف في مسكتها للفرشاة. طويلة القامة نحيفة الجسد.. قسماتها تحمل جمالاً هادئاً مريحاً.. يحس من يراها أنه يعرفها منذ سنين. ذات شعر بني داكن، و عينين بلون العسل الذهبي و الشيكولاتة. عندما تبتسم، تصعد بسمتها إلى عينيها.

بعد التعارف، إنسحبت الصديقة لإن أحدهم قد نادى عليها. في البداية كان كلامهما قليلاً.. عن صخب الأفراح، و كثرة المعازيم، و نميمة النساء الكبيرة السن. ثم بدأ هو الضحك حينما أشار للبقع التي تسببت بها على قميصه.. فعاودت التأسف و إزداد وجهها خجلاً، لكنه استمر بالإبتسام و الضحك حتى بدأت هي الأخرى في مشاركته الضحكات.

تكلما طويلاً و كان الإعجاب بينهما متبادلاً.. و بعد إنتهاء حفلة الزفاف، تبادلا أرقام هاتفيهما على وعد بالإتصال.. و تحادثا هاتفياً لعدة مرات، بعدها صارحها برغبته بالإرتباط بها، و أجابت بالقبول. تم الإتفاق بين العائلتين، ليتزوج كل من علاء و شاهندا في حفل هادئ أسري.. بدون ضجة و لا صخب.

كان شهر العسل حلماً لم ترد شاهندا الإستيقاظ منه.. كم كان زوجها حنوناً محباً! عادا بعد إنتهاء الشهر إلى شقتهما.. كان كل شيء على ما يرام حتى أكتشفت شاهندا الوطاويط التي عاشت في الأركان المظلمة في حياتها مع علاء.

ترى مالذي أكتشفته شاهندا؟ و كيف إختلف علاء عن ذلك الشخص الذي أحبته و تزوجته؟

دوامة في قلب البلورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن