في مساء ذلك اليوم توجهنا إلى منزل مايكل ليفتح لنا الباب مستعجباً لأقول له " لدينا أمرٌ بالقبض عليك "
قال بانفعال " لمَ ؟! "
قالت سارا " سوف توضع في السجن على أنك الجاني في قضية فقدان جوليان حتى يبحث مركز الـتحقيق في القضية ويُدلي بعكس ذلك "
قال بانفعال مدافعاً عن نفسه " ولكنني بريء ! أنا لم أفعل شيئاً ! كيف تتوقعون مني أن أفعل هذا بابني ؟! "
قالت سارا وأنا أضع يديه في الأصفاد " آسفة يا سيد مايكل ، ولكن كل الشهود والأدلة تشهد ضدك "
قال وقد بدأت الدموع تتراكم في زوايا عينيه " ابني ليس ميتاً ! "
قُلت بتساؤل " وما أدراك ؟ "
قال " قلبي يقول لي .. إنه حي .. إنه حيٌ في مكانٍ ما " وانهمرت دموعه على خديه مُقطّعةً قلوبنا أثناء قبضنا عليه ..
وبعد أن عرضناه على ناتاشا والمسؤولين ، قال لهم " قبل أن تزجو بي في السجن ، لدي طلبٌ أخير .. "
قالت ناتاشا " ما هو ؟ "
قال " أعلم أن ابني حي .. لذا .. أريد إلقاء كلمة على التلفاز تُبث على نطاقٍ واسع كي تصل لابني أينما كان ، فأنا أعلم أنه حيٌ وأنه سيسمع الكلمة ! "
تشاور المسؤولون معاً ثم وافقوا على طلبه وحددوا له يوم غدٍ ظهراً ليُلقي كلمته ..
منظور الكاتبة
في ظهر اليوم التالي ، اجتمع الصحفيون والناس ليسمعوا كلمة مايكل الذي عُرف بينهم بذو الدم البارد بعد أن انتشر خبره ..
وصل مايكل مُصفّداً في سيارة الشرطة لينقض عليه الصحفيون محاولين إقامة لقاءٍ معه حول جريمته إلّا أن الشرطة صدّتهم ..
اعتلى مايكل المنصّة لتُحلّ أصفاده بينما أقام العُمال مُكبّرات الصوت ونصب المصوّرون كاميراتهم ..
أخذ مايكل نفساً عميقاً ثم قال " عزيزي جوليان .. أعلم أنك حي ، ادعو الله أن تكون سالماً ، تم اتّهامي بأنني سبب فُقدانك وأنا وأنت نعلم أنني بريء .. أنا لستُ هُنا كي أدافع عن نفسي بل بالعكس ، لقد جئت هنا لأعترف .. لأنني أعلم أن هذا تريده .. سأعترف بأنني كُنت أعنّف جوليان جسدياً ولفظياً دون أن تهتز في جسدي شعرة ! " لترتفع شهقات الجمهور ، تابع " سأعترف بأنني في هذه الخمس أيامٍ الأخيرة بدأت أشياء عن ابني تظهر لي لم أعلمها قبلاً ، سأعترف بأنه وصلت بي القسوة لدرجة أنني عندما كنت أخرج من المنزل كنت أغلق جميع المنافذ من مداخل ومخارج على جوليان بمفاتيح لا يملكها أحدٌ سواي فقط لأتأكد من أن قدمه لن تلمس الأرض دوت إذني ، أعترف بأنني تكاسلت في الإنفاق عليه ، أعترف بأنني أهملته نفسياً وجسدياً بل أنا مُتأكدٌ من أنه كان يُفضل أن يكون يتيماً على أن يملك أباً مثلي " تعالت أصوات الجمهور وهمساتهم ، أكمل " أعترف أنني زير نساء ، كنت أحضر كل ليلة امرأة من لونٍ وشكلٍ مختلفين عن التي تسبقها إلى المنزل وكنت أحبس جوليان في غُرفته لأتأكد من أنه لن يُفسد علي مُتعتي مُجبراً إياه على أن يسمع صوتي وأنا أخون والدته المتوفاة في سريرها " بدأ الجمهور بالسب والشتم والتوبيخ ولكن مايكل تابع متجاهلاً " لم أعرف إن كان جائعاً أو عطشاناً ، لم أعرف إن كان يشعر بالبرد أم دافئاً ، بل وصل بي الحال أنني كنت أصرخ في وجهه إن جاء مشتكياً لي من مرضٍ أو علّة .. كنت أصرخ فيه دائماً أنني أتمنى لو أنه لم يولد ، كنت غير مبالٍ بمشاعره حد أنني أذكر في ليلةٍ ما صرخت فيه قائلاً " أتمنى لو أن القدر شاء وقبض روحك في نفس اللحظة التي قُبضت فيها روح أمّك " وأذكر تلك الليلة أنني سمعت نحيبه من غرفته إلى الطابق السفلي ولكنني تجاهلته وتابعت شرب خمري الذي لم يكُن يفارق يدي في كُل مرةٍ أتواجد بها في المنزل ، اِعترافاتي أكبر وأكثر من أن أعدّها أمامكم هنا ، لقد كنت إنساناً سيّئاً ، أدمنت على الشرب بعد وفاة زوجتي وأخرجت ضغطي النفسي في ابني الوحيد الذي حُرِم من حضن أمه عندما كان في الخامسة وخسر كرامته عندما أدرك أنه أصبح تحت رعايتي أنا .. أنا آسف جوليان ، نعم .. لقد اعتذرت تواً ، أعرف أنني تكبّرت دوماً عن الاعتذار لك ولكن ها أنا أنزل عن ظهر جوادي العالي وأعتذر لك وكُلي أسفٌ وحسرة وندم ، أعرف أنني كنت وغداً بالنسبة لك ولكن آمُل أن تقبل اعتذاري وتعود إلي .. " وما أن أنهى كلامه حتى بدأ بعض الأشخاص بالتصفيق داعمين لشجاعته على اعترافه بذنبه في حق ابنه وآخرون أخذوا يصرخون فيه مُعبرين عن أن كلامه لن ينفع ولن يضر ولن يؤخر ولن يُقدم ..
أنت تقرأ
ما بين الضحية والمجرم | Between The Victim And The Criminal
Mystery / Thrillerكما تُدين تُدان B3