الجزء الثالث

161 6 2
                                    


___________
علمتني كيف "أصغي " لإشاراته ...تماما كالموسيقى .. أتذكرين يا ملك ؟ ..حين ذهبنا للسينما لمشاهدة فيلم " أوغست راش " ...أذكر أنك علقت على جملة في آخر الفيلم تقول " الموسيقى في كل مكان كل ما عليك فعله هو الإصغاء" :
-تماما كالقدر
- عذرا ؟
- الموسيقى ..تشبه القدر
- تتفلسفين كثيرا يا ملك
- اووفف يا جواد .. أنت الذي لا تفهم " حابس في طلعة "
- و ما الذي لم أفهمه يا خليفة ديكارت ... أنيريني
- القدر في كل مكان أيضا يا جواد .. كل ما علينا فعله هو الإصغاء لإشاراته
ضحكت كثيرا يومها .. لكن أنظري إلي الآن .. كل آذان صاغية .. أبحث عن أبسط الإشارات ...
________

دائما ما أتساءل كيف جمعنا القدر...نحن متناقضان بإفراط.. كالموجب و السالب.. انت تشبهين الموجب في عفويتك.. في تفاءلك. في سذاجتك.. و أنا أشبه السالب في صرامتي.. في غروري ...في انغلاقي على نفسي ... نحن متناقضان كثيرا.. لكننا متجاذبين بكثرة.. حتى مع نفسك تتناقضين يا ملك... تحبين الموسيقى الهادئة رغم حيويتك.... تميلين للأفلام الرومنسية رغم حدة طباعك... تعشقين المأكولات الإيطالية رغم رشاقتك...خليفة ميريلن مونرو في الأناقةو قائدة عصابات الغانغستر ... انت مليئة بالتفاصيل .. لو تعرفين يا ملك .. كم ان تفاصيلك ترهقني.. ترهق قلبي الضرير. .. تفاصيلك جميلة.. تصنعيها بعفوية مفرطة... حين تتكلمين.. حين تمشين.. حين تبتسمين. . حين تضحكين.. حين تعزفين.. انت واقعية جداا... لكن في نفس الوقت فريدة من نوعك... احيانا اتسائل ان كنت حقا من البشر.. ان كان اسمك ينطبق عليك
اتذكرين لقاءنا الثاني... كان مفعما بالدراما... أشياء كثيرة تغيرت يومها .. كانت نهاية كل شيء. لبداية كل شيء. .. ألست انت من قلت أن المعجزات تظهر حين نظن اننا خسرنا كل شيء ؟ .. كنت انت معجزتي يا ملك.. لا أعرف ما الذي فعلته لأستحقك. لكني كنت مسرورا جدا بك ...
__________

كنت مسرورا جدا دلك اليوم... فقد اتصلو بي من العيادة... بعد أعوام كثيرة.. كنت أظن الأمر مستحيل.. لكنه حدث.. كانوا قد وجدوا متبرعا بقلبه.. أتتصورين يا ملك ؟ ... كنت سأشفى.. من أجلك.. من أجلنا.. كنت سأتخلص أخيرا من عجزي .. لأحبك كما تستحقين .. كنت سأراك تشيخين و تكبرين على مدى العمر يا ملك
____________

وصلت إلى باب العيادة.. و فجأة رأيتك... بجانب كراسي الانتظار ... تلمليمين أوراقك من الأرض.. بسروالك الجينز.. و حذاءك الرياضي... و سترتك الجلدية الحمراء . كنت تحبين الأحمر كثيرا.. و أنا كنت أحبه عليك أكثر.. كنت تتكلمين مع نفسك. .. كعادتك.. كنت تضعين شعرك على الجانب.. تنسفين عليه من حين إلى آخر... أوف يا ملك اوف.. مع كل نفس كنت تفقدينني توازني.. تجننينني!.. تقدمت إليك لأساعدك .. لم أكن أحاول أن أفتعل مشهد من الأفلام.. كنت فقط أريد أن أقترب منك.. أن أراك من وراء مسافة الأمان.. أردت أن أرى أقصى ما يمكنك أن تفعليه بي... كنت تشكرينني كثيرا.. لاتجدين كلماتك.. ثم تشكرينني ثانية.... كنت مضحكة.. لكن بطريقة مرهقة... لم تنظري حتى في عيناي.. فقط خجلت .. بطريقة جميلة.. لو تعرفين كم أتعبتني يومها.. كم تسارعت نبضات قلبي.. كادت تنافس سرعة الضوء.. لكن كان هذالتعب ا ألذ ما تذوقت في حياتي... نهضت مسرعة .. و جلست في إحدى الكراسي.. لاحظت أني وترتك.. فأردت أن أرى أقصى ما يمكنني فعله بك.. جلست في كرسي مقابلك.. أنظر إليك و ابتسم.. كنت تزيحين نظرك في كل مرة.. تلتفتين يمينا و يسارا.. . تحركين رجلك اليمنى بسرعة.. تفركين يديك فيما بينها... كنت راض جدا حينها ... ممتنا جدا.. للآثار التي يفعلها بك حبي لك ...ابتسمت بغرور و أزحت أنظاري عنك.. لترتاحي...
_________

بجوارك.. كان هناك كمانك.. تأخذينه معك أينما ذهبت.. كم أغار منه يا ملك.. كم أكره اقترابه منك أكثر مني.. أحيانا أتمنى لو كنت مكانه.. أرافقك إلى كل مكان.. تمسكين بيدي و كلك اهتمام.. تخافين علي.. تحتضنيني حين تبكين.. حين تفرحين.. حين تتأنقين... ألامس عظمة عنقك الظاهرة... أستمتع بعزفك على أوتار قلبي.. لكن قلبي مريض يا ملك .. لست نوع الكمان الذي يمكن أن تختارينه رفيقا لك... لهذا أردت أن أشفى... لأكون من معاييرك ..
بجانب الكمان.. وضعت أصيص لزهور الياسمين. أراهن أنها زهورك المفضلة .. كان هذا أكثر ما أحبه فيك.. كنت بسيطة كثيرا في اختياراتك.. لم تكوني متطلبة في أذواقك.. أو متكلفة في مظهرك.. لم تحتاجي للمكياج أو الكعب العالي.. كنت أنيقة بالفطرة... أحيانا أحس أنك صرت أجمل بعد أن أحببتك .بعد فترة خرجت الممرضة.. نادت على إسمك.. " ملك ياسين"... لم أفرح أبدا لسماع اسم أحدهم كما فرحت باسمك يومها.. و صدقيني يا ملك.. سمعت أسماء كثيرة في حياتي. . فماضي ليس بفترة يفتخر بها.. أعترف.. كنت رجلا لعوبا قبلك.. لكني صرت وفي جدا خلالك... لم أكن أؤمن بالزواج و الالتزام.. كنت أؤمن بمقولة أنيس محفوظ " محظوظ من أحب مرأة جميلة.. لكن تعيس هو من تزوجها " لكن ليس بعدك يا ملك.. فأنت لم تكوني مثل باقي النساء.. كنت قدري.. أحسست بعد أن عرفتك انك هدفي في الحياة.. أن لا حياة لي قبلك... و لا بعدك.. و كأنني خلقت فقط لأتعرف عليك.. ثم لن أتركك أبدا... لكنك تريدين أن تتركيني يا ملك.. أرجوك لا تفعلي هذا بي.. لا تتركيني.. فلا حياة لي بعدك... استيقظي من أجل القليل الذي حدث بيننا... من أجل الكثير الذي لم يحدث بيننا.. "و ما أجمل الذي حدث.. ما أجمل الذي لم يحدث... ما أجمل الذي لن يحدث "
__________

خرجت بعد دقائق.. كنت انتظرك بشوق.. و يا ليتني ما انتظرت.. يا ليتني ما رأيتك.. توجهت إلي بغضب. .كنت تبكين ..خاطبتني "هل انت جواد ناظم ؟ " لم أجبك.. أنأت برأسي فدموعك كانت قد أخذتني لعالم أخر.. بدأت تصفيقين و تصيحين " برافو برافو..لقد تمت عملية تدميرك حياتي بنجاح " و دموعك تتساقط.. " ارجوك لا تبكي يا عزيزتي... دموعك غالية جدا... أفديك و لا تبكي يا ملك... يا ليتني لم أحيا لأرى عيونك تدمع... تبالهذا الإسم الذي جعلك تبكين.. تبا ليي.. تبا للممرضة التي كتبت هذا الإسم. . تبا للذي اخترع هذا الإسم... " كم كنت أريد أن أقول لك هذ ه كلمات.. لو تعرفين كم صرخت روحي بهاته الكلمات... لكنها لم تتعدى أبواب حنجرتي ... أحسست بالعجز .. بالشلل... رأيتك تبتعدي.. و يديك الجميلتين البورجوازيتن.. تمسح دموعك.. لم استطع أن أوقفك.. كم أردت أن اسحبك لأحضاني.. و احتسي دموعك كماء مبروك... لكني لم استطع يا ملك..

إعزفي على اوتار قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن