الجزء السابع

59 3 0
                                    

في الأيام القليلة الماضية ..إعتدت كل صباح أن أشرب القهوة المرة و أدخن سيجارة "مالبورو " و أنا أنظر إليك عبر النافذة .. أريد أن استفزك ..فتنهضين و تعاتبينني .. فانت لطالما كرهت هذه العادة .. و تكرهينها أكثر حين أمارسها أمامك .. تقولين دائما مثلك الشعبي الشهير " سيدي مليح زادولو لهوا و الريح " و انا أرد عليك باستفزاز " إختاري .. دفئ السيجارة أو دفئ أحضانك ..." .... لكنني اليوم لم أستطع المحافظة على تلك العادة ... ها أنا أدخن نفس السيجارة .. و اشرب نفس القهوة .. لكن وراء احدى الجدران .. أراقب بخلسة عائلتك .. لقد جاءوا مبكرا اليوم .. أمك و أبوك و جدتك و أخوك ... كلهم ينظرون إليك من وراء النافذة .. و الدموع لا تفارقهم ... و انا هنا مختبئ وراء هذا الجدار ...اعترف بجبني .. فانا لا استطيع أن أواجههم بعد الذي حدث ... ففي آخر مرة التقيت بهم
.. كنت قد دعوتني لأتناول عندكم العشاء بمناسبة المولد النبوي الشريف ... و أمك لم تقصر ابدا ... لم تترك طبقا تقليديا إلا و طبخته .. من كسكس و رشتة و تشخشوخة ... أطباق لم أتذوقها منذ أن تركت عائلتي ... بعد العشاء .. ذهبت و أخاك لتلعبو بمختلف انواع المفرقعات .. و أنا انضممت لأبيك في جلسة الشاي ... أذكر انه حينها قال لي و هو يرتشف من كوب الشاي : " هل حقا ستعطي القلب لصغيرتي ملك ؟ .." .أجبته " إن وافقت أن توقع على الورقة !..نعم "
-هل تحب ابنتي ؟
لم أعرف بماذا أجيبه .. فهناك حرمة قد ارتبطت بعاداتنا منذ زمن بعيد تمنعني من أن أناقش معه مشاعري اتجاهك ...لكنه عفاني من تلك الإجابة و خاطبني مباشرة :
- أعرف أنك تحبها .. فما من جنون يدفع بالشخص للتخلي عن حياته من أجل شخص آخر غير جنون الحب .. و أنا أقدر ذلك كثيرا ..بل انا ممتن لك لهذا .. لكن اعذر انانيتي ..فأنا كأي أب أريد أن أرى ابنتي سعيدة .. أريد ها أن تحقق أحلامها .. و تتزوج و تنجب لي أحفادا .. لذ لك لا أريدها أن تقع في حبك ...فهي إبنتي و أنا أعرفها جيدا إن وقعت في حبك فهي لن تقبل بهذا القلب أبدا فهي إن أحبت شيئا فستضحي بكل شيء من أجله .. و حتى إن أخذت القلب .. فهي لن تستطيع أن تكمل حياتها بعدك .. ستظل عالقة فيك إلى الأبد .. لذلك أريدك أن تجعلها توقع في أسرع ما يمكن .. ثم تذهب و تتركها و لن تعود أبدا ... أعرف أنني أبدو كشخص سيئ .. لكنك ان كنت تحب ملك كفاية .. فستهمك سعادتها أكثر من سعادتك ... فهل أنت موافق ؟
مد يده لمصافحتي .. لم ادرك ما الذي أريد أن أفعله .. ففعلت ما توجب علي فعله ... نظرت إليك من النافذة .. و رأيتك تبتسمين و تضحكين .. لم أكن لأستطيع أن أحرم العالم من تلك الابتسامة ... مددت يدي و صافحت أباك .. رغم أن قلبي تراجاني أن لا أفعل... و عقلي منعني من أن أفعل .. لكنني فعلت .. لأنه توجب علي أن أفعل ... وعدت أباك حينها لكنني نقضت هذا الوعد اليوم ...فكيف يا ترى سأواجهه ؟.. بأي وجه سأنظر في عينيه .. و نحن ننتمي لمجتمع غلب عليه مبدأ أن الرجل يقاس بكلمته ... لن استطيع .. دعيني .. سأدخن سيجارة أخرى ..

إعزفي على اوتار قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن