ما بين الثرى و الثريا..
الفصل الثالث عشر
تأليف Salwa M
كعادته منذ جاءت فتنة للإقامة في كوخه، غاص عامر في قلب ماء البركة البارد، ليطفئ الشوق لتلك الجميلة النائمة بين أطفاله. حمداً لله أن العمل على إصلاح كوخها يوشك أن ينتهي. سيصاب بمرض عضال إن استمر الحال على هذا المنوال. لا يستطيع الحصول على كفايته من النوم.. يكاد يجن من كثرة التفكير.في طريق عودته للمنزل، تسآءل" لما لا أتزوجها؟ مالضير في زواجي منها؟ ستعتني بأطفالي، و أجد سريراً دافئاً بإنتظاري كل ليلة، و ذراعين مفتوحين حينما أعود من رحلات بحثي عن الرزق. لكن المسألة هنا، هل سيتقبلها أبنائي؟ نعم يحبونها، و لكن أن تكون بديلاً عن أمهم ذلك شيء أخر. و ماذا عنها؟ هل سترضى بي؟ سيكون من الظلم أن أطالبها بالعناية بكل هؤلاء الصغار.. و لكن أبنائي ليسوا متعبين! كل منهم يعني بنفسه، و يستطيعون الطهي و القيام بأعمال المنزل أفضل منها! ترى ما قصتها؟ من أين جاءت؟ شيء ما فيها لا أستطيع وضع يدي عليه. إن طريقة أكلها، و حديثها، و حركتها، و تصرفاتها تنم عن أصل طيب، و تربية رفيعة المقام. كونها لا تستطيع الطهي و لا العناية بالمنزل خير دليل على أنه كان لديها من يقوم على خدمتها! من هي تلك المرأة؟"
ظلت فتنة تتقلب في فراشها، كأنها تنام على فراش من الأشواك. لماذا تعاود دوماً التفكير فيه؟ ما هذا الإنجذاب الحسي نحوه؟ هل هي مجرد نزوة؟ شهوة؟ إشتياق لعناق الجسد؟ و لكن لا! إن الأمر أكبر من هذا! لقد رأت فيه صورة مخالفة لنعمان؟ فمن تربى في الرفاهية ليس كمن ذاق أهوال الحياة و صعابها.. عامر خير تجسيد لمعنى كلمة رجل قلباً و قالباً. . كم هائل من التناقضات، فبنفس اليد التي يقتل بها طرائده، يحنو بها على وجنتي صغيرته.. بنفس الشفاه الواجمة القاسية التي يحدثها بها، يبتسم لأطفاله، فيكشف عن أسنان في بياض اللؤلؤ.
تخيلته في مكان نعمان يوم أتهمتها زوجته بالقتل، و كادت ترى رد فعله دفاعاً عنها.. إن عامر صاحب القرار، لن يكون لعبة في يد الملك. لكم تمنت لو كان هو زوجها بدلاً من نعمان، و لكن ما بالها، ما الذي حدث لها؟! إنه يتقبل وجودها ممتعضاً لأجل خاطر أطفاله، فما بالها بالزواج؟! ترى إن صارحته بماضيها، هل سيقبل بها زوجة له؟ أن يكون زوجها! أن تنام كل ليلة بين ذراعيه.. أن يحميها من غدر الدهر، و تقلب الزمان.. أن يصبح أطفاله بمثابة عوض لها عن عدم الإنجاب.. أن يشعر نحوها بالإنجذاب.. أن تزداد بينهما العاطفة. شعرت بلهيب في جسدها فقررت الخروج لنسمة الليل الباردة.. علها تطفيء ذلك الضجيج المحموم داخل جسدها..
كانت يدها على مقبض الباب تكاد تفتحه حين باغتتها الإجابة عن سؤالها.. و في نفس اللحظة في الجانب الأخر عامر يقف أمام الباب حين داهمته نفس الإجابة.
"إنني أحبه!" " إنني أحبها!"
يقفا أمام بعضهما بدون أي كلمة لبرهة، بعدها تتناثر الكلمات على شط الإدراك الذي لامسته أمواج الدهشة، تلاها مد الشوق الكاسح، فتمحو ذراعاه كل المسافات بينهما، و يقربها من جسده.. فور أن تصبح أسيرة بين أسواره، تنهار حصون قلعتها التى كانت تحمي قلبها الكسير.. قبلها فتاهت و عادت لترتفع و تهبط على أمواج المشاعر. حين أنهى القبلة، لم يقل سوى كلمة واحدة. "تزوجيني!" فردت "حسناً.. و لكن يجب أن تعلم عني كل شيء قبل أن تعاود عرضك." " موافق.. تعالي للخارج، لا أريد التحدث أمام الأطفال حتى لا نزعجهم."تبعته للخارج، جلسا على صخرة بجوارها نار أشعلها عامر لتدفئهما في الليل البارد، و أنتظرها كي تجد الشجاعة و تحكي.. ظلت فتنة تنظر للنار، و هي صامتة، ثم بدأت تروي حكايتها.. كل شيء عنها.. كل شيء. لم تخفي أي شاردة و لا واردة، و كأنها كانت تنتظر من شخص ما أن يطلب منها أن تسرد أحداث حياتها.
حين أنتهت، رفعت بصرها من النار، و رنت إليه، لكنه ظل صامتاً، و لم يقل شيئاً، بعد قليل رأت عظمة في فكه تتحرك، و قال " إذهبي للنوم يا وردة.. أقصد يا فتنة." "ماذا؟!" كادت تصيح فيه، إلا أنها أبت أن تهين نفسها، فنهضت و عادت للكوخ وحدها، أما عامر فكاد الغضب يكتم أنفاسه.. ترى مما هو غاضب؟ و لماذا جعلته مصارحة فتنة شديد الحنق من ناحيتها؟
هذا ما سنعرفه في الفصل القادم
#سلوى
![](https://img.wattpad.com/cover/89946065-288-k566377.jpg)
أنت تقرأ
ما بين الثرى و الثريا
Romansaأن تترك حياة القصور، و رغد العيش، لتبدأ حياة جديدة بحثاً عن نفسها و كيانها الضائع الذي وهبته لمن ظنت أنه يستحق.. ترى هل ستجد سعادتها؟