بغير ضوابط أو مراقبة من خبير نفسي، ولدت تجربة «الإيقاع رقم صفر» من رحم الفن وليس العلوم النظرية، حيث قررت فنانة العروض الصربية، مارينا أبراموفيتش، عام 1974 أن تأخذ عروضها إلى منحى جديد لاكتشاف الذات والجماهير، في ظل العديد من الانتقادات الموجهة لفن الأداء الذي اعتمد على التفاعل بين الفنان والجمهور، حيث وصفه المُنتفدين محاولة لجذب الاهتمام، فقررت إقامة عرضها «إيقاع صفر» بطريقة مختلفة تحث المشاهدين على التفاعل وتختبر حدود قدراتها الجسدية وحدود خيال العامة.
حددت «مارينا» البالغة من العمر أنذاك 28 عاماً، زمن عرضها بـ6 ساعات متتالية، وحددت دورها الذي قامت به بأحد المعارض بحاجز «السلبية» حيث قررت ألا تُقدم على أي حركة أو فعل طوال العرض بينما تترك مساحة الإبداع لجمهورها الذي تركت له طاولة عريضة بالقرب منها تحمل ما يقارب 72 أداة دعت الجمهور لاستخدامهم عليها على النحو الذي يفضلونه، وتنوعت الأدوات ما بين الخبز والريش والسلاسل الحديدية والعسل وشراب العنب والمقصات والورد والساكين والمياة إضافة إلى مُسدس بطلقة وحيدة.
مع الساعات الأولى لتجربتها تمتع الجمهور بهدوء النسبي يشوبه الحذر حاولوا فيه الإقتراب من «ماريا» أو تقبيلها، غير أن بقائها في الحالة السلبية بدأ في مداعبة عقول الجمهير من حاضري المعرض الذين بدأوا في تحريكها من مكانها كالدمية، وضعها على الطاولة ووضع سكين بين قدميها، ثم تقيديها بالسلاسل وصولا إلى تمزيق ملابسها وتمزيق جسدها بأشواك الورود وجرحها بالسكاكين ثم تذوق دمائها السائلة، ضمن سلسه من ألوان العنف الصادم التي استخدمها جمهور عشوائي من حضور المعرض.
غير ان التجربة العنيفة لم تتوقف عند ذلك الحد، بل كادت «مارينا» تفقد حياتها في لحظة استسلام تام لبني جنسها، حيث أقدم أحدهم على حشو المسدس برصاصته الوحيدة و وجهه إلى رأسها غير أن بعض الحضور منعوه، ليستمر اللعب بالدُمية «مارينا» طوال الساعات الستة، حتى أعلن مسؤل المعرض عن نهاية العرض، لتبدأ الفنانة الباكية الجريحة في القيام بالحركات الإرادية الأولى لها من ساعات غير أن مواجهة حقيقية بينها وبين جمهور مُعذبيها لم تحدث أبدا، حيث فر الجميع هاربين من أمامها بمجرد خروجها من حالة الاستسلام الاختيارية.
أنت تقرأ
الديستوبيا
Non-Fictionالسلطة المطلقة، السوداوية، الهيمنة تقبع كلها داخل الجانب الخفي لمثالية الانسان. فالبشر مرعبون! اكثر حتي من الوحوش و الجن و الحيوانات المفترسة.. لا تصدقون هذا صحيح حسنا هل تعرفون إلي اي مدي يصبح البشر مرعبين اذا اتيحت لهم الفرصة? لا، او ربما بعض الت...