تجربة الطاعة

258 16 1
                                    

تبدأ إحدى التجارب من صندوق  مولد صدمات كهربائية، وضع بإحكام  في أحد  معامل جامعة Yale  ليقيس بدقة مقدار طاعة الأفراد للأوامر من ممثلي السلطة، خاصة إذا تضمنت الأوامر إلحاق الضرر بالآخرين، وتعذيبهم أو حتى قتلهم. ففي أوائل الستينيات  أثار ادعاء القيادات النازية المُخضرمة أثناء المُحاكمات قيامها بالإبادات الجماعية بناء على أوامر قادتهم فقط، فضول  أستاذ علم النفس بجامعة Yale، ستانلي ميليجرام، الذي بدأ الإعداد لأحد أكثر التجارب النفسية  إثارة للجدل في القرن العشرين.

أعلن «ميلجرام» في يوليو عام 1962 عن حاجته لمشاركين في تجربة عن التعلم، واختار  40 مشترك ما بين 20 – 50 عام، شُرحت لهم التجربة وكأنها تستهدف معرفة مدى تأثر عملية «التعلم» بالعقاب، عن طريق زوج من المشاركين أحدهم يتبنى دور المُعلم والآخر يتبنى دور الطالب، حيث تجري التجربة بتواجد كل طرف في غرفة منفصله، حيث يجلس المُتعلم في غرفة مقيد إلى كرسي ومتصل بجهاز صدمات كهربائية، بينما المعلم في غرفة أخرى تحوي جهاز التحكم بالصدمات، ويطرح أسئلة على المتعلم عن طريق جهاز صوتي، وكلما أجاب المُتعلم خطأ أصبح على المعلم صدمه كهربائيا بشحنة  تزيد قوتها مع كل خطأ على مقياس يتراوح بين 15إلى 450 فولت تم تحديد تأثيرها على الجهاز بداية من صدمة خفيفة نهاية مع صدمة عنيفة.

لم يعرف أي من  المشاركين  أن الجهاز «ميلجرام» المرعب لم يعمل طوال التجربة، كما أن زملائهم من المُتعلمين لم يكونوا سوى أفراد من فريق العمل يفتعلون الألم ويتعمدون الخطأ لإتمام تجربة أوسع، استهدفت  بالأساس معرفة إلى اي مدى سيتبع المٌعلم تعليمات الباحث «رمز السلطة» ويمضي في صعق زميله المُزيف بالكهرباء مع تعالي آلامه المصطنعة المُسجلة بالأساس على أسطوانات تبث من الغرفة الأخرى،  كما  لم يغفل «ميلجرام» احتمال مقاومة المُعلم للأوامر والإنحساب، فأعد بدوره وسائل ضغط يستخدمها الباحث المُزيف للضغط على المُشارك لإكمال التجربة، وتمثلت العوامل المُساعدة قي 4 جمل لإقناع المشارك بالاستمرار تبدأ مع «رجاء أكمل التجربة» وتنتهى بحسم سلطوي«لا يوجد خيار آخر، عليك إكمال التجربة».

غير أن المشهد المُفزع لجهاز الصدمات الكهربائية ودوي صراخ المُتعلم المتعرض للصدمات الكاذبة لم يكن صادم بقدر النتائج التي خلص إليها «ميلجرام»، حيث قام 65% من المشاركين بإكمال التجربة إلى نهايتها في طاعة ملحوظة للسلطة الممثلة في الباحث المرافق في غرفة التحكم، وعلى الرغم من غضب بعض المشاركين وقلقهم حيال سلامة  الطرف الآخر للتجربة، إلا أنهم أكملوا طريق 450 فولت إلى نهايته،  في نتائج مازالت محل جدل ونقاش إلى اليوم.

الديستوبيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن