ذهبيتان

1.6K 105 13
                                    

اصبحت قابعة في زنزانة قذره .. يا للسخرية اشعر انني بدأت اعتاد القذارة .. كان يبدو على وجه الكابتن غضب عارم ربما لخيانة سكار له او لربما لان طير يعشق الحرية اصبح داخل قفص حديدي .. جلست على الارض وانا اضم قدماي واتمتم " تبا ، متى سأستيقظ "
التفت الي رفيقي في الزنزانة بعد ان ترك قضبانها الصدأه ليقابلني في جلستي ويقول وهو يتأملني " تستيقظين من ماذا ؟ " نظرت له بيأس لاقول " عندما استيقظ في عالمي سأختفي من هنا .. لكن لااضنني سأستيقظ بسرعه " اتسعت عيناه ليقول " تختفين حقا ؟ " لما دهشته يا ترى ؟ هل لان هذا امر يفوق المنطق .. اجبته بصراحة " اجل اعتقد ان هذا هو المفترض .. لااعلم حقا لم يحصل هذا من قبل .. اقصد رؤيتك لي .. كان يجب ان ابقى في داخل الفتى وبعدها اعود الى حيث انتمي ، لكنك اخرجتني " قطبت قليلا وقلت بهمس " هذا بسببك " ضحك عاليا ليقول " اسف لمعاناتك .. لكنني لست نادما على مافعلته فقد تعرفت عليكِ " شعرت بالدم يسخن في وجنتي ويحرقني مما جعله يضحك مجددا لرؤية احمرار وجهي ليقول " الان لدينا الكثير من الوقت للتكلم .. مارأيك بأخباري قصتك السحرية " اخبرته كل شيء لااعلم لما فعلت هذا بأريحية لكن حقا شعرت ان حملاً انزاح عن صدري عندما شاركته بالغموض الذي يلف حياتي وتصديقه لي عنى لي الكثير .. قد يكون شخصية رواية لكن وجوده اشعرني بالامان اكثر مما قد يفعل الاشخاص الحقيقيين .. لربما هذا هو سبب لجوئي لقراءة الروايات .. قابليتي على العيش من خلالهم وفهم احزانهم وافراحهم حتى انني اكاد اقتل الكاتب عندما يحصل شيء لشخصياتي المفضلة والتي كانت كالعائلة لي وليس مجرد حبر على ورق بل جسد ينبض .. انه ذلك الشعور الذي يتخللني ويجعلني ابتسم لاارادياً وانا اتمعن بالسطور واقرأها مرارا وتكرارا حتى اكاد اخترقها بعيناي .. اذكر انني عشقت شخصية وقد ماتت في نهاية المطاف وجلست ابكي لساعات حتى ان ابي قلق كثيرا وفعل كل ما بأستطاعته لمواساتي .. بينما انا لم اكتفي بهذا بل لشدة غضبي كتبت رسالة للكاتبه اخبرها انها وحش شرير قام بقتل الطف انسان على وجه الارض وقتل قلبي معه .. لايمكنني تخيل ان احد يتحكم بحياتي ويسيرني كما يريد فأنا بشر مثله تماما لدي شخصية وذات خاصة بي وكل منا لديه حياة واحدة فلماذا يعيش عن طريقي ويفعل مايحلو له بحياتي بينما هو يعجز عن فعل مايريد بحياته الخاصه التي ستصبح اكثر متعة لو انه عاش كل مايكتبه او يفكر به .. انتشلني صوت الكابتن من افكاري ليقول وهو ينظر خارج الزنزانة " هذا يعني انني شخصية في رواية قرأتها من قبل اليس كذلك ؟ " اجبته بتردد لانني لازلت لااتذكر من هو مانوع روايته والاهم ماذا سيحدث له بالنهاية .. لما دائما ما اركز على النهاية فقط واتجاهل كل ما في الوسط .. مابين البداية والنهاية .. هذا من عجائب البشر دائما ما يفكرون بنهايتهم لدرجة فقدانهم لذة مايحدث حاليا لانهم يترقبون - النهاية - وهذا يجعلهم يعيشون نهايتهم قبل بدأها او انتهائها " ربما او شخص حقيقي من القرون السابقه " سألني بجدية " ألم تعرفي لما يحدث معكِ هذا ؟ او كيف توقفينه ؟! "
" لا ، عندما احاول يظهر لي الشخص المحترق كما اخبرتك .. انه يمنعني من فعل شيء لايقاف الاحلام "
وضع سبابته على شفتيه يهمهم وهو يفكر بشيء ما ليقول " ربما يحاول اخباركِ شيء " قطبت جبيني لعلمي ان هذا مستحيل لأقول " انت لم تره من قبل ، انه مخيف ويؤذيني " اجابني بصوت حليم واثق " لاشيء يحدث دون سبب .. عليكِ اكتشاف السبب لتتصرفي على وفقه "
تنهدت وانا ابسط قدماي واشد معطف الكابتن حول جسدي .. استدرت برأسي لأتفحص شيء لمحته يتحرك بقربي .. ارتجفت شفتاي وانا ارى جرذاً كبيراً يقترب مني فقفزت صارخة لاقف فوق صندوق خشبي اسود وانا ابحث عنه بنظري بعد ان ارعبني وهرب لأحد الجحور .. ضحك الكابتن قائلا " لقد هرب .. اخفته بصراخك " اجبت بحده ولاازال خائفه " انا اخفته ؟! هو من اخافني " ابتسم ليقول " هل ستبقين هكذا طوال الليل .. اجلسي لن يعود مجددا " نزلت متردده ولم استطع العودة لمكاني لذا جلست بسرعه بجانب الكابتن وانا اجيل النظر بالارضية الخشبيه بتوتر .. قلت لاخفف من توتري واتناسى خوفي " لا اعرف اسمك حتى الان .. انا ستيفاني وانت ؟ " مال برأسه ليضرب رأسي بخفه ويقول " سأخبرك عندما نلتقي مجددا " قطبت جبيني وانا مستغربة من امره وقلت " لكننا لن نلتقي مجددا .. انت تعلم هذا " هز كتفيه متجاهلا كلامي ليقول " لاتكوني واثقة كثيراً .. من يعلم ماذا قد يحدث " زفرت بهدوء وقلت " حسنا وماذا أناديك ؟" زم شفتيه ليقول " كما ترغبين .. الجميع هنا ينادونني ملك البحار " تمتمت بصوت لايكاد يُسمع " أُفضل لقب الكابتن " اجابني يهمس بأذني " اذن ليكن الكابتن " احمررت خجلا لانه سمع حديثي مع نفسي مما جعله يضحك ..
فتحت عينيّ بفزح من صوت باب الزنزانة الحديدية وهو يُفتح بقوه سحبت قدميّ الممدودتين وانا اشد على قميص الكابتن بعد ان رفعت رأسي عن كتفه .. قال الرجل بصوت عالي اشبه بالصراخ " استيقظا ايها العاشقين الزعيم يريد رؤيتكما " ابعد الكابتن يده التي كانت تحيط كتفي ووقف ليوقفني معه .. حدق بالرجل الاسود امامنا وقال ساخرا " هل اصبح لدى سكار الشجاعة اخيرا ليتحدث معي " زمجر الرجل الاخر قائلا " لاتتحدث عن الزعيم بسوء " خرج الكابتن وانا برفقته وهو غير مكترث لما قاله السجان .. كان سكار جالسا خلف مكتبه وامامه خريطة كبيره غطت سطح المكتب باكمله .. نظر الى الكابتن بجدية ليقول " انت تعلم ما اريد " اجابه الاخير وكأنه سمع هذه السؤال الف مرة من قبل " لن افعل .. اخبرتك انني لست متأكد من مكانه " وقف سكار وسار الى حيث مكاننا عاقدا يديه الى الخلف وقال بهدوء وبطريقة آمرة بدى على الكابتن انها لم تعجبه " ستذهب الى جزيرة كولروز وتحظر ما اريد .. سنصل اليها بعد ثلاث ساعات " اردف بعد ملاحظته ان الكابتن لم يستسغ كلماته مطلقا " لاباس ان لم ترغب بذلك لكن الفتاة ستنزل من السفينة حين نصل الى الجزيرة " مد يده اليسرى ليلمس وجنتي بأنامله .. اعادتها صفعة من الكابتن الى مكانها ليقول بغضب ظاهر على تقاسيم وجهه وفي عينيه ونبرة صوته " الفتاة ستكون معي اينما اكون " ابتسم سكار منتصرا ليقول " جيد انك اقتنعت .. ستذهبان مع خمس رجال وتعودون قبل حلول الظلام " رفع حاجبيه بسخرية " هل تدرك خطورة الامر ؟ .. احتاج لكتيبة كامله حتى اجلب لك ماتريده " اخذ سكار احدى الخرائط الملفوفة واعطاها له قائلا " خمس رجال .. بعد ثلاث ساعات " اعادونا الى الزنزانة واعطونا قطعتي خبز اقوى من الصخر لكن تحت مسمى الطعام .. اكلتها رغما عني لأسكت عصافير بطني .. انغمس الكابتن بدراسة الخريطة بينما انا التزمت جانب الصمت حتى رست السفينة على شاطئ جزيرة كولروز .. عند نزولنا كانت الشمس ساطعة والامواج ترتطم بالسفينة .. لاحظت ان جزيرة كولروز مخيفة بعض الشيء وجبالها الخضراء عالية جدا وصخرية والاشجار الشامخة في كل مكان .. لم تكن الجزيرة صغيرة ابدا انما اشبه بالمتاهة .. بينما كنت اتأمل المكان بشرود واسير حول المكان ببطئ شعرت بذراع تسحبني لاكون بجانب الكابتن وهمس لي بجدية " لاتبتعدي عني .. هناك قبائل همجية هنا .. ابقي بقربي طوال الوقت " سألته بنفس الصوت الهامس " لم تخبرني مالذي تبحث عنه هنا ؟ " اجابني وقد اصبح وجهه جاداً " يقال ان ساحرة قد هامت بأحد البحارة عشقاً وفعلت كل شيء لاجله لكنه لم يبادلها الحب قط وعندما حان وقت تركه للجزيرة لم تتحمل وقامت بقتله .. كان البحار قرصان مشهور وقد سرق صندوق ذهب ايكزالد النفيس لذلك لعنت الذهب لانه احبه ولم يفعل معها .. انتحرت بعد ان ملئت القطع الذهبيه بدمها الملعون ولااحد يعلم ماذا تفعل اللعنة لانهم لم يجدو الصندوق ابدا مع ان الجميع يعلم ان مكانه في هذه الجزيرة " وانا اتسلق الصخور الكبيرة بمساعدته قلت مستخفة بهذه القصة " من المجنون الذي يقتل نفسه او يفعل شيء يعذبه لاجل من يحب ؟ " ضحك وهو يحملني ليضعني على ارض منبسطة وقال" قد تتعجبين لما يفعله الاخرين لاجل الحب " سألته بسرعه " وانت هل ستفعل عندما تحب ؟ " تصلبت يداه حول خصري وانا لاازال في الهواء وبدت علامة الحزن في عينيه لكن سرعان ماذهبت لتعود ابتسامته اللطيفة ليقول " سنعرف ذلك عندما اقع في الحب " هل لديه ماضي حزين بهذا الشأن ياترى ؟ .. سرنا طويلا وتسلقنا صخورا جبلية .. توقفنا قليلا بفترات متقطعة حتى التقط انفاسي .. قدرت ان الساعه حوالي الثالثه ظهرا حينما وصلنا الى مايشبه الكهف .. حيث ان الشمس تتوسط السماء والجو حار جدا .. بدأت اتصبب عرقاً مما جعلني اخلع معطف الكابتن واحمله بيدي .. ترددت قليلا قبل ان اخطو خطوتي داخل الكهف .. اشعلوا مشعلين ليضيئو طريقهم .. سرنا داخله وازددت خوفاً من الصمت المطبق الذي لايكسره سوى صوت الانفاس الثقيلة .. اراحني قرب الكابتن مني وعدم تركه ليدي .. وصلنا الى  مكان يحتوي ثلاث فتحات متشابهة الشكل والحجم .. صمت الجميع مفكراً ثم قال احدهم وبدى انه قائد هذه المجموعة الصغيره " سننقسم الى ثلاث مجموعات انتما الاثنان ادخلا الى الفتحة على اليمين والآخريّن على اليسار وانا ساذهب مع من تبقى الى الوسط " كان من تبقى انا والكابتن لذا ذهبنا مع الرجل الآمر ضخم الجثة وخشن اليدين مفتول العضلات بشكل مقزز ورأسه الاصلع يلمع تحت ضوء نار المشعل وجهه الاسمر بشده متجهم دائما ويبدو انه ولد هكذا وليزيد من بشاعة وجهه جرح عميق رسم طريقه تحت عينه اليمنى ليصل الى فمه دون ان يمسه .. سرنا لنصف ساعه تقريبا والمكان ليس سهلاً ابداً السير فيه .. وقفنا لنكتشف ان النهاية مسدوده ولا مخرج فيها .. شتم الكابتن بصوت منخفض اما الرجل الاخر فلم يخفي غضبه حيث انه ضرب الجدار بضع مرات بقدمه واطلق شتائم بصوت عالي .. وقفا الاثنان ينظران حولهما ولايعلمان ماذا سيفعلان او بماذا يفكران .. تنهدت وانا اتجه لجدار اتكئ عليه من التعب .. اختل توازني وانا اشعر بتحرك او الاصح انهيار الجدار خلف ظهري .. ابتعدت بسرعه ليتقدم الكابتن والرجل لاستطلاع الامر بعد ان تبين لهما انه طريق سري .. سرنا قليلا لنجد غرفة كبيره مبنية من الاحجار و ذهب اكثر من الغبار الذي بدى انه تجمع منذ الف عام .. اطلق الرجل ضحكة عالية بنشاز وهو يجمع الذهب بين يديه ليحدق به بجشع ظاهر .. انحنى الكابتن على شيء لم الحظه لذا تجاهلت الامر وجلت بعينيّ بأعجاب بكل هذا الذهب والمجوهرات والقطع النفيسه التي لم ارى مثلها بحياتي .. تجولت مذهولة وشد انظاري صندوق خشبي بالي وقذر لايناسب هذا المكان مطلقا كما فكرت .. وضعت يدي عليه لارفع غطاءه الا ان يد الكابتن امسكتني على فورها قائلا بحدة " لاتفتحيه " اخذه ليقول بعصبيه " لقد وجدنا ما اتينا لاجله لنذهب " امتعض الرجل لكنه وافق على مضض ونظرات الحسره بادية على وجهه لتركه هذا النعيم خلفه .. خرجنا من طريق بجانب الغرفه كان يؤدي الى الساحل .. وضع الكابتن الصندوق على الارض وقال للرجل بهدوء " خذ الصندوق واذهب .. انتهى دورنا هنا " لم يستدر له الرجل بل وقف على بعد خمسة امتار منه .. ادرت وجهي لانظر الى المكان الذي خرجنا منه .. نحن في الجزء الاخر من الجزيرة .. رفعت بصري للجبل ثم السماء الزرقاء الجميله .. اعدت نظري بسرعة على صوت طلق ناري .. شخصت عيناي وكأنهما جمدتا وانا ارى قطرات الدماء تتطاير من الكابتن .. اردت ان اصرخ واركض اليه لكن شيئا ما عقد لساني وابقى فمي مغلقاً وكأنه كان كذلك منذ الازل .. شعرت انه قد اصبح لقدماي جذورا ليثبتاهما في الارض دون حراك .. اعتصر قلبي الماً لم اشعر به من قبل وزادت نبضاته وكأنه حصان ريح .. كانت لحظه لكنني شعرت بأنها سنة كامله من المشاعر .. استعدت وعيي وتركيزي قبل انتهاء هذه اللحظه لأرى ذراع الكابتن تنزف والرجل البشع يحمل مسدسا طويلا ادركت انه يتسع لرصاصتين وانه لن يتوانى بأطلاق الثانية .. افزعتني الفكره لكنها تحولت لحقيقة وانا اركز انظاري على اصبعه الذي يدفع بالزناد .. كان كل شيء بحركة بطيئه كأنني في فيلم سينمائي الا ان افكاري ومشاعري اصبحت بسرعة الضوء .. اغلقت عينيّ لاسمع صوت الاطلاق للمرة الثانية .. امسكتني ذراع كنت قد بدأت اعتاد لمستها ولم تكن سوى ذراع الكابتن الذي كان خلفي دون ادراك مني .. استغربت شحوب وجهه وقزحية عينيه المرتجفتين .. فقدت قواي لأسقط وقد امسكني ليجلس معي ويضع رأسي في حجره .. تلمست شيء دافئ يغمر جسدي .. انها دمائي .. استقرت الرصاصة داخل جوفي لتكون جزء مني .. بحثت عن الرجل بعينيّ لاجده على الارض صريعا وهو يعانق خنجر غرز بقلبه .. تذكرت الكابتن وهو ينحني لالتقاط شيئا ما في غرفة الذهب .. كان خنجراً اذن ..اعدت عينيّ لتقابل عينيه اللتان تصرخان بي وتلومانني مع انني نفسي لاافهم ماذا حدث وكيف ؟! .. لابد ان قدماي تحركتا دون ان اعي ذلك لأتلقى الرصاصة بدلا عنه .. ابتسمت بوجهه سعيدة لانه لايزال معي ولم اخسره لابأس ان تكون حياتي هي الثمن .. تمردت جفوني واعلنت موعد اسدال الستار عن هذا العالم لكن مقلتاي ابتى الرضوخ لأمرهما وتمنتا التحديق بالوجه البرونزي الى الابد .. لم انطق شيء ولم اسمع كذلك .. كانت عيناه تحدثاني فقط لأجيبه بلغة العيون .. وضع احدهم ثقل كبير على جفوني ليعجزني عن ابقائهما مفتوحتان وبدأ العد التنازلي لمفارقة تلك العينين الذهبيتين .. انحنى علي وانا اودع نظراته واطبق عينيّ .. احسست بنار تحرق شفتيّ وكأنها آتيه من الجحيم بذاته .. انتصبت واقفه امام عتبة منزلي وانا انظر الى كوب القهوة الذي سكبته اثناء وقوفي المرتعش .. التفت يمنةً ويساراً وانفقت عدة دقائق لكي استوعب انني في منزلي وللمرة الاولى كرهت استيقاظي .. كرهته من اعماقي .. تفجرت الدموع لتنساب على وجنتي رغماً عني وتلسعني بألم يصرخ بصمت فاق قوة الصوت .. نظرت الى الشمس لأتأملها فاقدة الروح .. لايزال الوقت ظهيره مع انني امضيت اكثر من نصف يوم مع .. مع .. تحشرجت الكلمات داخلي وأقسَمت الا تخرج ابداً .. سأعذب نفسي اذا بقيت افكر واتذكر ذلك الحلم .. صرخت بداخلي لأنفي ماهو مستحيل نفيه والحقيقة المريرة .. ان هذا ليس مجرد حلم على الاقل بالنسبة لمشاعري .. ليس كذلك .
دخلت المنزل بخطى متهادية وانا اتوسل اللجوء لشيء ما يستحوذ على تفكيري ويخلصني من هذا الحزن الذي اجتاح صدري واستفرد بقلبي ليذيقه اقسى انواع الالم .. شعرت ان افكاري خانتني وتخلت عني هي ايضا وأبت ان تبتدع فكرة ملهية لانسى او اتناسى كل ماحدث .. ارتميت على سريري وانا العن نفسي وقدري التعيس لجعلي في هذه السلسلة غير المتناهية من الخيال المؤلم بشتى الطرق بينما انا في عالم احزاني الاشبه بمتاهة دائرية لا بداية ولا نهاية لها .. تجرأت اناملي على لمس شفتيّ بتردد وتخبط قلبي بين سجن صدري وهو يضرب نفسه بأضلاعي لكسر هذه القضبان العظمية والتحرر ليغرد طائراً الى البعيد حيث .. حيث ذاك الأبعد .. استدرت برأسي لاحدق بساعة المنبه .. اراقب عقرب الثواني وهو يتكتك على مهل ليعزف اغنية هادئه تُصمت ضجيج افكاري وتنتظم ضربات قلبي على اثره .. راقبت عقرب الساعه الاحمر وهو يسير بمهل لأتخيله راقصة باليه تدور حول نفسها بأستمتاع وهي ترقص على اطراف اصابعها ثم تعانق شريكها الابيض تراقصه لثواني وتتجاوزه لتعانق شريكها الثاني المتمثل بعقرب الدقائق وتتركه ايضاً متابعة سيرها وهما متجمدين في مكانهما لتعاود الكره وتراقصهما مجددا .. ياترى هل سألتقيه مجددا في يوم ما ؟! .. اغلقت عينيّ المتعبتين لأزفر الاسى على امنية صعبة او مستحيلة المنال واتجه كعادتي السيئه الى المكتبه لانغمس في قراءة احد كتبها وكأنه ادمان لاعلاج له او مرض ينخر العقل والروح معاً لكنه مرض ممتع ومسلي .. تارةً مرير لحزنه وتارةً اخرى حلو وعذب .. اعلنت الساعة 10:15 عن انهاء جلستي في القراءة لكن لم اكن اشعر بالنعاس او الرغبة بالنوم .. كنت اجلس على السرير متربعة في جلستي وانا افكر وانتظر رجلي المحترق .. يالسخرية القدر اخسر من ارغب به ومن اريد مغادرته يقبع في واقعي وامام ناظري .. اغلقت عينيّ لاتذكر الذهب .. ليس الذهب المعروف انما عيناه اللتان اغلى علي من ذهب الدنيا .. ذهبيتان كشروق الشمس دافئتان .. ملاذي الآمن .. سجني المصنوع من الحرية .. اه لو ان هذا العالم يسقيني بنظرة منه ليرتوي عطش عينيّ لرؤيته .. لقد وقعت بحبه بل غرقت وامتلئت رئتاي بشهقات تخيله .. مر الوقت على هذه الامنيات والتخيلات المريرة بحلاوتها والحزينه بسعادتها .. استلقيت انتظر غريمي وعدوي لأفجر بركان غضبي عليه لما يحدث معي .. ربما كان السبب بكل هذا .. ماذا يريد مني ؟ انه يعذبني يريد الانتقام لشيء اجهله .. لكن هذا المنتقم لن ينال مراده مني ساواجهك يا من اتيت من عالم اخر ..

منتقم من عالم اخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن