استيقظ من نومه واتجه نحو المرآه لينظر الى عينيه المنتفختين من بكاء ليلة الامس ونومه المتأخر
غسل وجهه وارتدى ملابسه واتجه نحو الشركة بما انه يوم عطلة من الجامعة وما ان دخل مكتبه حتى وجدها بانتظاره
انهيوك : انت هنا !
سوجي : اليوم هو موعد مناقشة المشروع الجديد
انهيوك وهو يجلس على الطاولة : أريني أوراق المشروع
جلست بجانبه واخرجت الاوراق وبدأ العمل ، وضعا كل خلافاتهما جانباً وانسجما بالعمل
كان مركزاً على كلامها وحركات يديها وهي تشرح فكرة المشروع ولوهله غفل عن كلامها وهو يتأمل ملامح وجهها وأسلوبها بالحديث وحماسها بشأن المشروع الجديد
الفتاة التي ملكت قلبه وحواسه ، لازال ذلك اللمعان بعينيها كما هو منذ قابلها للمرة الاولى
شعر بيدها الناعمة وهي تمسك يده لتشير على الاوراق ، ذات الدفء وذات الرقة والنعومة التي اشتاق لها
حتى تلك الابتسامة التي ترتسم على شفتيها فتذيب قلبه عشقاً بها ، شعرت بشروده وهو يحدق بها وبسرعة خطفت قبلة ناعمة من شفتيه
فتح عينيه بذهول بعد ان استيقظ من شروده على ملمس شفتيها الرقيقتين ونهض بسرعة من مكانه وهو يحدق بها
لم يتمكن من النطق ولو بكلمة ، كأن المفاجأة عقدت لسانه ، لكنه تدارك نفسه وعاد الى مقعده واكمل العمل كأن شيئاً لم يكن مما أشعرها بالسعادة لانه لم يغضب من قبلتها
رغم تظاهره باللامبالاه الا ان قلبه لم يتوقف عن الرقص طرباً لقربها منه ولملامسة شفتيها التي عاش سنتين من الحرمان والابتعاد عنهما
كانها بكل شيء تفعله تخرج مشاعره من قبورها حيث حاول دفنها ، بل تجعلها تنمو أكثر وتغرقه اكثر بحبها
عند كيونا وجي آه ، كان يستلقي على السرير بملل وهي في الحمام عندما لفت انتباهه البوم الصور الموجود بجانب ناحيتها من السرير
امسكه وبدأ يقلب بين الصفحات ورغماً عنه يضحك على صورها وهي صغيرة حتى خرجت من الحمام ووقفت تنظر اليه متعجبة ضحكه حتى لاحظت البوم صورها معه
شهقت بقوة مما جعله يلتفت اليها وبدأت تصرخ بوجهه وهو يضحك على منظرها
جي آه : دعه لماذا تنظر الى صوري
كيونا بعناد : لا اريد انها مضحكة هذا ممتع !
انقضت عليه بسرعة وحاولت سحب الصور من بين يديه لكنه عاندها بقوة حتى سقطت لتجد نفسها فوقه
صمت خيم على المكان للحظات ، فقط عينيها تحدق بعينيه وهي تشعر بعضلات صدره ترتفع وتهبط تحت يديها وأنفاسهما التي تتداخلت ببعضها
استغرق الامر عدة دقائق حتى استيقظا من ذهولهما ونهضت من فوقه بسرعة وجلست بخجل على جانب السرير بينما اعتدل هو الاخر بجلسته
أراد ان يبعد التوتر الذي سيطر على الموقف فعاد ينظر الى الصور ويضحك بهستيرية لم تعهدها من قبل أجبرتها على الضحك معه أيضاً
كيونا : انت مضحكة بالفعل !
جي آه تمط شفتيها بانزعاج : من الجيد انني أضحكتك
ضحك اكثر على وجهها الطفولي ومد يده ليبعثر شعرها مما جعل خديها يتوردين وهي تحدق بعينيه
ارتفعت يدها الى يده التي على رأسها وامسكتها ثم انزلتها للاسفل وظلت متمسكة بها مما جعله يتعجب حركتها وهي تسرح عينيها بالمكان
كيونا : ما بك ؟
جي آه : ممممم لنخرج معاً
كيونا : بوو ؟
جي آه : أشعر بالملل في المنزل واليوم عطلة ، لنخرج معاً
كيونا : الى اين ؟
جي آه : ما رأيك ان تأتي معي الى السوق الشعبي ؟
كيونا : ما هذا ؟
جي آه : انه السوق الذي يذهب اليه الناس غير الاغنياء وفيه اشياء جميلة غير تلك التي تراها في المحلات الثمينة التي تذهب اليها
كيونا : كما تشائين !
جي آه : رائع ، لنذهب لكن عليك ارتداء ملابس عادية
اسرعت الى خزانته واختارت له قميصاً عادياً قصير الاكمام مع بنطال بسيط وارتدت من ملابسها القديمة التي أحضرتها معها وخرجا معاً
في مكان اخر ، حاولت الخادمات حثها على الخروج من غرفتها لكنها تحبس نفسها منذ الامس
أشار لهم دونغهي بتركها تفعل ما تريده فوضعوا لها الطعام امام الباب علها تأخذه ولكن بلا فائدة
لم يستطع تحمل صوت بكائها الذي يسمعه من غرفته القريبة من غرفتها اكثر ففضل الخروج الى العمل بدلاً من الاختناق على هذه الحال ...
كانت جي آه تتمسك بذراع كيونا الذي يمشي مذهولاً من الازدحام الذي لم يعتد عليه وأجواء المجتمع المتوسط الذي لم ينخرط فيه من قبل
لكنه تمكن من الاحساس بسعادتها الغامرة وهي تتجول هنا وهناك برفقته ، أخذته بعد ان تعبا من المشي الى مطعم قديم وتناولا الغداء فيه
كيونا : ما هذا الطعام ؟
جي آه : انه جاجانجمييون ( معكرونة بصلصة الفول السوداء )
كيونا : لم اكل شيئاً كهذا من قبل !
جي آه : جربه انه لذيذ خاصة من هذا المكان
كيونا : تبدين سعيدة !!
جي آه : دييه ماذا عنك ؟
كيونا : مولا ، انه ليس سيئاً
جي آه : ^_^
في اعماق قلبها كانت تشعر بالسعادة منه اكثر من سعادتها بهذه الجولة ، تشعر انها الان أقرب منه
كما انه خرج نوعاً ما من هدوئه القاتل وبروده وبدأ يتفاعل مع الاجواء المحيطة به ، كانها تمكنت أخيراً من اخراجه من الظلام الذي كان منغمساً فيه لسنوات وفتحت قلبه الموصد منذ الأزل ...
في الصباح ، استيقظت وارتدت من ملابسها القديمة التي أخذتها معها بعد ان استحمت وخرجت في طريقها الى جامعتها عندما قابلته على الدرج المؤدي الى الطابق السفلي
تجنبته بصمت دون ان تنظر اليه حتى مما ازعجه حتى اوقفها
دونغهي : الى اين ؟
كيارا : الى الجامعة بالتأكيد !
دونغهي : لماذا لا ترتدين من ملابسك التي في الخزانة ؟
كيارا : لا شأن لك بما ارتديه
دونغهي : وهل تناولتي فطورك ؟
كيارا بعناد : لا شأن لك أيضاً
اقترب منها وامسك كتفيها بكلتا قبضتيه وعيناه تصرخان بغضبه من عنادها ورفضها الاستماع له بكل ما يقوله منذ وصولها الى منزله
دونغهي : الى متى ستبقين هكذا ؟؟؟
كيارا : حتى أتخلص منك
دونغهي : لماذا ؟ انا اوفر لك كل ما تحتاجينه من طعام وثياب ، انت تعيشين هنا أفضل من حياتك السابقة بكثير !
كيارا والدموع في عينيها : لانني أكره هذا المكان ، اكره الملابس الثمينة التي تحضرها لي ، واكره الطعام منك وأكره بقائي هنا واكرهك
دونغهي : لا اهتم !
كيارا : لماذا لا تتركني وشأني ؟
دونغهي : لن اتركك حتى اعلم ما فعلتيه بي
كيارا : وما الذي فعلته ؟
دونغهي : لا اعلم لكنك تزعجينني ويجب ان اجد حلاً لما تفعلينه بي !
كيارا : انت مجنون
دونغهي : لقد اصبت بالجنون بسببك ، فقط لماذا لا تستمتعين بحياتك الجديده وتخرجين للتسوق كباقي الفتيات وتفعلين كل ما تريدينه ؟!
كيارا : شخص مثلك لن يفهمني أبداً ، انت فقط تلاحق متعتك لكن انا لدي أشياء اهم من متعتي ، لدي اخوة جياع يحتاجون للطعام والاموال لاكمال دراستهم ، هل تفهم ما اقصده ؟
دونغهي : ربما لم اعاني من اشياء كهذه من قبل لكن لدي مشاكلي أيضاً لست ألاحق خلف متعتي فقط !
كيارا : ما هي هذه المشاكل ؟ ان فتاة رفضتك ؟ ام ان احداهن اكتشفت خداعك لها ؟ هل هذه هي مشاكلك ؟
دونغهي : ما الذي تعرفينه انت ؟
كيارا : اعلم انك لست سوى احمق اناني متعجرف منجرف خلف لذاته ومتحجر القلب خالٍ من المشاعر !!
دونغهي بغضب اكثر : لقد تماديت كثيراً !
كيارا : هل تهددني الان ؟
ابعدها عن طريقه بقوة أسقطتها أرضاً وفضل المغادرة على اكمال هذا النقاش الذي بلا معنى
نظرت اليه وهو يبتعد بغضب ، نهضت عن الارض ومسحت دموعها بطرف كمها ورفعت حقيبتها عن الارض وخرجت الى مقصدها ..
كانت تجلس وحيدة على الشرفة تحتسي القهوة وتراقب غروب الشمس ، تفكر بكل ما حدث لها مؤخراً ، حياتها الجديدة مع كيونا وكيف اعتادت على حياة الرفاهية التي قدمها لها
كيف نسيت حياتها السابقة ، وعائلتها التي لم ترها منذ رحيلها ، حياتها القديمة كلها تبدلت
دون ان تشعر هربت دمعة من عينها تحكي شوقها لعائلتها ولحياتها بل ولنفسها مسحتها بسرعة عندما شعرت بدخول احدهم
كيونا : ماذا تفعلين وحيدة هنا ؟
جي آه : لا شيء فقط اراقب غروب الشمس ، متى عدت ؟
كيونا : عدت للتو
جي آه : اوبا ، لقد بدأت الاجازة كما تعلم ، وانا حقاً أفتقد عائلتي أريد الذهاب لزيارتهم
كيونا : متى ؟
جي آه : صباح الغد ، وأريد المبيت هناك أيضاً
كيونا : ستبقين هناك يومين كاملين ؟؟!
جي آه : لم أرهم منذ اتينا الى هذا المنزل ، اريد قضاء بعض الوقت معهم
كيونا : اراسو ، كما تشائين
جي آه بسعادة : كوماوايو
نهضت بسرعة الى غرفتها وبدأت تحزم اغراضها وتجهز ثيابها بينما يراقبها بمشاعر لا يعلم معناها لكنه يدرك تماماً انه ليس سعيداً بذهابها ..!
في اليوم التالي أوصلها الى منزل عائلتها واكمل طريقه الى عمله ، في المساء عاد الى غرفته ولم تكن بانتظاره كعادتها
ألقى بسترة البدلة على الاريكة ودخل ليأخذ حماماً دافئاً يخرجه من جو هذا اليوم المزعج
بعد الانتهاء من الاستحمام استلقى على سريره الذي يبدو اكبر من العادة ووضع يديه تحت راسه وهو يحدق بالسقف
بالكاد يستطيع تفسير هذه المشاعر التي تخالجه منذ الامس ، وبالتحديد منذ سمح لها بالذهاب !
يعلم جيداً انها ستعود في الغد ، لكنه لا يستطيع التوقف عن التفكير بها وانتظار الغد لرؤيتها من جديد
أدار نفسه ليستلقي على جانبه وهو ينظر الى جانبها الفارغ من السرير ، وبسرعة ظهرت صورتها وهي تبتسم له
مد يده ببطء نحو خيالها عله يلمسها لكن بلا فائدة فليست سوى صورة رسمها عقله المشغول بها
تنهد بضيق ، غريبة هي هذه المشاعر التي تسيطر عليه منذ ظهورها في حياته ، أيعقل ان ما قاله انهيوك صحيح ؟ هل هو الحب !!
بعثر شعره بغجرية ليبعد هذه الافكار ثم نهض الى مكتبه ليشغل نفسه بالعمل ، اي شيء أفضل من التفكير الذي لا نهاية له ..
جلس على مائدة الغداء الكبيرة وحده كالعادة ، نظر الى احدى الخادمات وهي تضع الاطباق على الطاولة امامه فقط له
دونغهي : ألن تأتي ؟
الخادمة : لقد رفضت سيدي .
تنهد بانزعاج وهو يقلب عينيه في الصالة الواسعة ، ألقى الملعقة جانباً وخرج بعد ان اخذ هاتفه ومحفظته ومفتاح سيارته دون ان يتناول طعامه
اتصل على صديقيه واتجه الى المكان الذي اتفقوا على الالتقاء به ، جلس في الغرفة التي حجزها بانتظارهما
لم يمض الكثير من الوقت حتى كان الثلاثة مجتمعين هناك وامامهم زجاجات السوجو وكل واحد ضيقه مكتوب على وجهه
انهيوك : اذن لماذا أحضرتنا الان ؟
دونغهي : مولا فقط كنت منزعجاً
كيونا : ألم تذهب الى الشركة اليوم ؟؟
دونغهي : لا ، لست في مزاج للعمل
انهيوك : يا انت اصبحت مهملا بعملك ، قد تخسر كل شيء !
دونغهي : انا فقط اشعر بالملل ، ماذا عنكما لا تبدوان بخير ؟
كيونا : انا أشعر بالضيق ! انه بسببها
انهيوك : ما بها ؟
كيونا : مولا ، انا حقاً لا أعلم سبب ما يحدث معي لكنني لا استطيع فعل شيء منذ ذهابها
دونغهي : الى اين ذهبت ؟ هل هربت منك ؟؟؟
كيونا : انياا بابوو ، لقد ذهبت لزيارة عائلتها منذ الامس ، لا اعلم لماذا لكنني كنت انتظر اليوم لتعود ، لكنها اتصلت بي وأخبرتني انها ستبقى هناك اكثر
انهيوك : انت تفتقدها !
كيونا : اشعر بالفراغ بغيابها لا اعلم لماذا !
انهيوك : لانك تحبها ببساطة !!
دونغهي : لا ربما هو فقط اعتاد عليها
كيونا : لا استطيع التوقف عن التفكير بها ، هذا مزعج !
دونغهي : هيوونغ انا اعرف هذه الشعور ، فتلك الكيارا لا تغادر افكاري ابداً رغم ان علاقتنا متوترة
انهيوك : احمقان ، هذا لانكما مغرمين بهما
كيونا : لم اتخيل يوما انني سأنجذب لفتاة ما !
انهيوك : المعجزات قد تحدث ، خذ دوني كمثال فقد ظهرت الفتاة التي توقع به اخيراً !
دونغهي : ياااا هي لم توقع بي ><
انهيوك : انت تحبها ، توقف عن معاندة نفسك واستمع لقلبك
دونغهي : لا وجود للحب
انهيوك : انه موجود هنا ( يشير الى قلب دونغهي ) لكنك تتجاهل ذلك
دونغهي يتهرب : لماذا لا تخبرنا عن اخبارك مع سوجي ؟
صمت للحظات ، انزل عينيه أرضاً بعد ان لمعت بهما اشباه دموع اخفاها قبل ظهورها بوضوح
انهيوك : كل شيء سيء
كيونا : وييه ؟
انهيوك : لقد ظننت انني سأتمكن من نسيانها ، ظننت انه يمكنني العمل معها دون ان توقظ شيئاً بداخلي
دونغهي : اذن ..؟
انهيوك : يبدو انني أقع اكثر من قبل ، بدأت أحب العمل اكثر لوجودها فيه ، واكون مستمتعاً عندما نكون معاً حتى لو كان حديثنا عن العمل فقط
كيونا : انت تحبها حقاً !
انهيوك : لقد سببت لي الالم ، ظننت ان هذا الالم سيكون كافياً لمنعي من التفكير بها من جديد ، لقد عاد الارق لعيناي ، لازالت رؤيتها في مقدمة اولوياتي كل يوم ..!
عندما أراها لا استطيع التوقف عن التحديق بها ، استيقظ كل صباح على صورتها وانام على تردد صوتها في اذني ...
كيونا : هذا ... ما اشعر به ..
انهيوك : كل ما تريده ان تراها تبتسم ، وسيسعدك اكثر ان كنت انت سبب هذه الابتسامة صحيح ؟
كيونا : وعندما تقترب مني ، عندما تلامسني حتى لو عن طريق الخطأ ، قلبي يقفز الى المالانهاية !
دونغهي : وتريد ان تكون معك دائماً فقط لتوقف تلك النبضات التي لا تهدأ بداخلك !
انهيوك : انت .. هل تعترف بحبك لها ؟
كيونا : يبدو انني وقعت بها !
دونغهي : مولا ، لا يمكن !!
خرج مسرعاً خوفاً من ان تؤثر عليه كلمات اصدقائه تلك ، لا يمكنه تخيل فكرة انه وقع في الحب
لو كان الحب موجوداً حقاً لما وجدت القلوب المكسورة ، لانقرضت الخيانه ، وعاش الناس بعالم زمردي مليء بألوان السعادة ...
لو وجد الحب ، لكانت الدموع نادرة ، لو وجد الحب الحقيقي ، لما بكينا ندماً وألماً وحسرة على أيام قضيناها غارقين في بحر من الاوهام
لما عشنا في سعادة تبدو أبديه رغم انها تفوح برائحة الحزن والألم والفراق ، الحب والموت متشابهان ، يسلباننا السعادة والامل والثقة لنبقى جثثاً خاوية صدأة تنام في حفرة من رمال الوهم الى الابد ..
الحب كالموت ، نخشاه ونتجنبه رغم اننا بكل خطوة نسير نحوه ، رغم يقيننا انه لا مفر منه في النهاية ، عندما نقع بالحب فلا مخرج سوى ذوبان الروح وجفاف الدموع وصمت القلب الابدي ......
الحب كذبة خلقناها بأنفسنا وهمنا في الطرقات نغنيها ونتراقص طرباً على ألحانها حتى سقطنا منهكين ، وأكملنا رقصنا على تراب الواقع ونحن ننسحب منها افلين كالسراب ...
عاد الى منزله مسرعاً واتجه نحو غرفتها مباشرة وبدأ يطرق الباب الذي أقفلته على نفسها بهدوء
دونغهي : كيارا ، افتحي الباب ودعينا نتحدث ، توقفي عن هذه الحماقة لن تستفيدي شيئاً من بقائك هكذا ...
انتظر كثيراً دون ان يسمع اي اجابة منها ، عاد يطرق الباب مراراً وتكراراً بلا فائدة حتى اوقفته الخادمة المسؤولة عنها
الخادمة : دونغهي – شي ، ان الانسه لم تتناول طعامها منذ يومين !
دونغهي : بووو ؟؟ لم تأكل شيئاً ؟
اشارت له الخادمة بالنفي مما جعله يفقد أعصابه ويطرق الباب بقوة أكبر وهو يصرخ بهستيرية
دونغهي : يااا افتحي الباب حالاً ، هل تسمعينني ؟ قلت لك افتحي هذا الباب اللعين والا حطمته وتندمين بعدها
مهما صرخ عليها لم يسمع اي اجابة منها ، التفت حوله بغضب حيث اجتمع معظم الخدم هناك اثر سماعهم صوت صراخه
دونغهي بغضب : هل يوجد مفتاح احطياطي للباب ؟
الخادمة : اجل سأحضره حالاً
وقف بنفاذ صبر ينتظر احضار المفتاح الاحتياطي لكنه تفاجئ عندما فتحت الباب أخيراً وأطلت بجسدها الهزيل ووجهها الشاحب
لوهلة ظن انه لا يعرفها ، كيف تغير حالها هكذا ! ، ظل بضع لحظات مذهولاً في مكانه وهو يراقب مشيتها الواهنة وهي تسير باتجاه السرير
اقترب منها بخطوات كانت أبطأ من خطواتها حتى وصل اليها ووقف يحدق بوجهها الشاحب وعينيها المنتفختين من البكاء
امتدت يده بهدوء لتلمس وجنتها لكنها اشاحت بوجهها عنه كأن سهاماً اخترقت قلبه لتجاهلها له بهذه الطريقة ، تجاهل مشاعره تلك ونظر الى الخدم
دونغهي : احضرو الطبيب حالاً انها ليست بخير ..
في مكان اخر ، استلقت على سريرها وهي تحاول استجماع انفاسها بعد ان ضحكت كثيراً في هذين اليومين
اخيراً اختفت نوبة الضحك تلك ، وحان موعد النوم الذي يجافيها لسبب تجهله ، عاد طيفه امام ناظريها
هدوءه وبروده الذي يتلاشى تدريجياً أمامها ، ابتسامته التي تجعل قلبها يتراقص طرباً وفرحاً بها ..
لم يمض سوى يومين لكنهما دهر بالنسبة لها ، هي لا تستطيع التوقف عن التفكير به مهما فعلت
تنهدت بضيق ، ما الذي ستفعله فيما بعد ، بقي أقل من شهر وبعدها قد لا تراه مجدداً ابداً .. اعتادت على وجوده بجانبها فكيف ستمضي الان !
وهل عليها حقاً ان تعود الى ما كانت عليه ، هي حتى لا تستطيع تذكر كيف كانت حياتها قبل ان تعرفه !
مع كل هذه الافكار التي تتزاحم في عقلها ، تمكنت ابتسامة صغيرة من ان تتسلل الى شفتيها ..
كان معجزة حدثت لهما ، او ان جنية ما القت بسحرها عليهما ، كان بالنسبة لها مشكلة كبيرة ، وتنفيذها لطلبه كان شيئاً أكرهت عليه فقط بسبب قلة المال ..
والان تحول كل شيء ، هي لا تريد الابتعاد عنه ، أيقنت انها تحبه حد الجنون بعد هذا الشوق له الذي يسيطر عليها
كيف لا وهو من سلب روحها بابتسامة من شفتيه ، عيناه التي تملكها بنظرة ، وانفاسه التي تذيب قلبها بدفئها ..
عرفت معنى الحب من نبرات صوته ، من دفئ لمسته ومن جنون يسارها بقربه ، شاهدت الدنيا من عينيه كأنها طفلة لا تدرك معنى الحياة ..
لم تدري أعليها ان تفرح بهذه المشاعر التي يفيض قلبها بها ، ام تحزن لقرب فراقه ، هي حتى لا تعلم ان كان يبادلها ذات المشاعر ام انها ستفقد حبها الاول قبل حتى ان تصل اليه !
أسدلت عينيها بحزن لتمنع الدموع التي تشكلت بمقلتيها من ان تفضحها ، خبأت رأسها تحت الغطاء وألقت نظرة أخيره على الهاتف ترجو ان تجد منه رسالة يطمأن بها عليها او اي شيء لكن .. لا شيء ... !
في الوقت ذاته كان كيونا يحدق بهاتفه ، يتمنى ان يضيء باسمها ، اشتاق لها حد الهلوسة بها ، مل الانتظار فالتقط هاتفه وكتبها بلحظة حنين " افتقدك .. "
كاد ان يرسلها لكن يديه ترجفان بشكل مريب ، التقط انفاسه ومسحها بسرعة ثم ألقى الهاتف بعيداً ودفن رأسه بوسادته يرتجي النوم ، او ربما يرتجي نسيانها ولو للحظات ..
خرج الطبيب من غرفتها ليشهد نظرات الخوف والفزع في عيني دونغهي الذي ينتظره بقلق واضح وهو متجه نحوه
دونغهي : كيف حالها ؟؟
الطبيب : ستكون بخير ، فقط تعاني من سوء التغذية ، يجب ان تهتمو اكثر بطعامها وراحتها ، وعلى ما يبدو ان المشكلة التي تعاني منها نفسية وليست جسدية !
دونغهي : ماذا عن العلاج ؟
الطبيب : لقد كتبت لك بعض الادوية التي قد تفيدها على هذه الورقة ، وأيضاً اهتمو بها جيداً
دونغهي : اراسو ، كامساميدا ..
دخل غرفتها الممتلئة بالصمت الحزين الا من أنفاسها المرهقة وجلس على الكرسي بجانب سريرها وهو يحدق بوجهها ..
شعر بغصة في قلبه ، أحضرها الى منزله لتشاركه حياته وتقتل الوحدة التي تثقل عليه ، أراد حمايتها من الفقر الذي تعاني منه عائلتها لكن حالتها ازدادت سوءاً !
فتحت عينيها بتعب على صوت ندائهم لها ، وجدته بجانبها يحدق بها وعينيه تنطقان بألم غريب بداخله جعلها تطاوعه بصمت بعيداً عن عنادها المعتاد وهو يساعدها باسناد ظهرها
دونغهي : يجب ان تتناولي عشاءك
كيارا : لا رغبة لدي
دونغهي : شيبال .. انت بحاجة للغذاء
ألجمها بحبل من الصمت بكلماته ، هذا الذي أمامها ليس دونغهي الذي عتادت عليه ، هدوءه بالحديث واسلوبه المهذب الذي يفضح قلقه عليها
أومأت رأسها بالموافقة فارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه جعلت عيناها تتسعان وهي تراقبه يساعد الخدم بوضع الطعام امامها على السرير
لقد زاد الامر عن المعقول ، أيقنت ان الذي أمامها ليس دونغهي نفسه عندما امسك الملعقة وأراد اطعامها بنفسه
دونغهي : افتحي فمك
كيارا : من انت ؟
دونغهي بتعجب : بوو ؟؟
كيارا : من انت ؟
دونغهي وهو يلمس جبينها : هل اثر المرض عليك وبدأت تهلوسين ؟!
شعرت بشيء غريب عندما لامست يده الباردة جبينها المحموم ، وكأنه لمس قلبها ، بل وهذه المره الاولى التي تراه عن قرب هكذا وتلاحظ ذلك البريق في عينيه
دونغهي : ايقوو حرارتك مرتفعة حقاً !
ابعدت يده عن جبينها بسرعة وأنزلت رأسها لتتجنب ذلك البريق الذي سحرها للحظة ، تجاهل حركتها تلك وبدأ يطعمها رغماً عنها حتى استسلمت له ..
بعد الانتهاء من الطعام نظفت الخادمة المكان بينما ساعدها دونغهي على الاستلقاء من جديد ووضع الغطاء عليها وهي لازالت مصدومة من تصرفاته غير المتوقعة عاجزة حتى عن رفض ما يفعله لها
ازدادت دهشتها اكثر عندما أغلق الانوار الا ضوء خافت وعاد ليجلس بجانبها
كيارا : ألن تذهب ؟
دونغهي : سأبقى بجانبك هذه الليلة
كيارا : هل تمازحني ؟ هل تظن انك تستطيع الاقتراب مني فقط لانني مريضة ؟ لازلت استطيع الدفاع عن نفسي ..
دونغهي : توقفي عن حماقتك ، لا افكر بالاقتراب منك لكن يجب ان يبقى احد بجانبك فقد تحتاجين شيئاً
كيارا : ولماذا انت ؟ ألا توجد خادمة هنا ؟
دونغهي : أولاً انتهى وقت عمل الخادمات كما تعلمين ولا يوجد غيرنا في المنزل ، وثانياً أريد أن أعتني بك .. هل تسمحين لي ؟!
قال كلماته الاخيره بهدوء يجذبها ، سيطر الصمت عليهما للحظات فقط أعينهما لم تغادر بعضها
تمكنت من قراءة الصدق في عينيه ، شعور ما بداخلها يخبرها انه لن يؤذيها وانه عند كلامه ، هو فقط يريد حمايتها ، جعلها شعورها هذا تلتزم الصمت وتغلق عينيها المتعبتين لتنام
لم يمض وقت طويل حتى غلبها النوم ، وذلك القابع بجانبها يراقب انفاسها الهادئة ، بشرتها البيضاء الناعمة ورموشها الطويلة المنحنية
لم يدقق في تفاصيل فتاة من قبل كما يفعل معها ، لم يكن لجسدها اي تأثير عليه كما تفعل ملامحها لكن رغبة في احتضان يدها بيده اجتاحت صدره وفعلها ..
لمس ظهر يدها باطراف اصابعه ليشعر بنعومة جلدها يحتك بجلده بطريقة جعلته يبتسم رغما عنه ، ثم اغرق يده بيدها وسمح لاصابعه ان تتخلخل بين اصابعها الرفيعة واكتفى بالابتسام وهو ينظر الى وجهها
كل شيء فيها يجذبه حتى نومها الهادئ ، شيئاً فشيئاً تلاشت تلك الابتسامة عن وجهه بعد ان ذكرته براءتها باخته المسكينة
أدرك أخيراً انه قد وقع بحبها ، شيء بداخله يدفعه لان يهتم بها كانها اخته فيفعل لها كل ما اراد ان يفعله لاخته ويعوضها عن كل الالم الذي عانته
لا يريد لها ان تتألم كما حدث لاخته ، فهي الفتاة الوحيدة التي أحبها بعد اخته لكنه سيحميها من اي شيء ولن يقف عاجزاً هذه المره ...

أنت تقرأ
فوضى المشاعر
Короткий рассказرواية مصغرة من اكتر رواياتي التي احبها ❤ تتحدث عن صعوبات الماضي واثارها التي لازالت تعيق تقدم الانسان في حياته.. ومن ثم ياتي الحب ليساعدك على تخطي عثرات ماضيك المؤلم ويطوف بك في عالم تستحقة حيث السعادة الابدية...