في الغد، لبس افضل بدلاته، و اخذ سيارته الى محل التنظيف فأصبحت سوداء براقة، كما لو كانت سيارة رئيس الجمهورية، اتصل بكل اصدقائه و زملائه و عائلته لحضور زفافه، و كانوا جميعهم مستعدين لذلك ثم عاد و اخذ والديه معه الى بيت العروس الجميلة التي كانت تنتظره، دخل ابراهيم، و لم ير ملك التي تعود رؤيتها بل رأى فراشة جميلة في ابهى حللها، لقد رأى قمرا وهاجا، و شمسا منيرة، رأى شعرا أشقر مسدلا طويلا كخيوط الشمس، و عينين زرقاوين كسماء صافية صيفية هادئة، و بشرة بيضاء ناعمة كبتلات وردة فتية، شفتان ورديتان كزهور الربيع، و ابتسامة طفل بريء تكشف عن اسنان متلألئة كدرر البحار.
انتظرها دقيقة بعد لتضع حجابها و لم يكف عن تأملها، ثم اخذ بيدها و فستانها الابيض الفاخر زين حلتها دون ان يكشف عن جسدها المتناغم كسمفونية الطبيعة الخلابة. اخذ بيدها و أوصلها الى سيارته وأركبها بجانب امه في الخلف، و ركب هو ووالده في المقاعد الأمامية، و قاد العريس وصولا الى مكان اقامة الزفاف، لم يكن بيتا واسعا، و لا صالة حفلات فاخرة، لم تكن ملك تدري الى اين يذهب، و لا مدعووه، و لكنه طلب من الجميع ان يثقوا به و يتبعوه، كان عشرة اشخاص فقط يعرفون المكان، و لا احد يعلم عنهم شيئا، كل ما كتب في بطاقات الدعوة هو انه يطلب ارتداء الحجاب للمحجبات، كان هؤلاء العشرة هم ابراهيم، والداه، ابن عمه، ابنة خالته، اربعة من اصدقائه ووالد ملك. و لا احد غير هؤلاء يدري.
قاد ابراهيم طويلا وهو يجول في ارجاء المدينة ذهابا و ايابا، الكل صار يعلم ان هناك عريسا في مدينتهم الجميلة، و توقف ابراهيم فجأة، و فوجئ الجميع بمكان اقامة الحفل، كان... الغابة التي طالما كان يذهب لها في صغره مع والدته، و المكان الذي قرر فيه ان يصبح جراحا، كانت مزينة بجميع انواع الاشرطة والبالونات، و صففت فيه الكراسي و الطاولات، و وضعت طاولة الزوجين ووالديهما أمام البحيرة الكبيرة، كان عرسا محتشما على الطريقة الاوروبية لأن كلا العروسين لديه فكرة راسخة بباله استقاها من احد الكتب
"لم ننفق الاموال الكثيرة -و التي سنحتاجها فيما بعد لمصاريف حياتنا- على حفل الزفاف ليحضره مدعوون نحن لا نعرفهم شخصيا و ينتقدوا كل شيء، حتى طريقة طي المناديل الورقية".
وقف الطبيب الشاب و طلب الانتباه ثم اعلن
- اعزائي الحضور الكرام، عائلتي اصدقائي و زملائي. يعلم الجميع اننا قد اتممنا مراسم العقد منذ شهور عديدة، و لكن نزولا عند طلب ابن عمي سنعيد تمثيله مجددا.
انفجر جميع الحضور بضحكات رافقت بعضها الدموع لشدة الضحك و لم يتوقفوا الا بعد ان اعاد ابراهيم الكلام -في الحقيقة لم يتوقفوا و انما قد اخذ ملعقة وصار يضربها بغطاء معدني ليثير الضجة- و استانف ابراهيم
- ابن عمي العزيز، انت ستكون القاضي، اعلم كم تريد هذا. و ستكون شاهدتي ابنة خالتي كاتمة اسراري العزيزة. ملك، اختاري شاهدك.
أنت تقرأ
انا المذنب
Romanceهذه القصة، هي النسخة الاولية لروايتي "كنت اعلم" التي صدر كتابها بعد التعديل والتغيير... *** باغتتها فجأة نوبة الم رهيبة، فصارت تصرخ بكل ما أوتيت من قوة، كسرت كل ذلك السكون الذي كان يسود المكان. توتر الشاب ابراهيم للحظة، ثم هب و نادى الممرضة لتعطيها...