بهذه الكلمات انهى ابراهيم قراءته لمذكرة زوجته، ماكان يدري ماذاك الشعور الي كان يخالجه، كان مزيجا من كل شيء، حرفيا.
فامسك قلمه، و ملأ تقرير بحثه منتهزا فرصة الارتباك قبل عودة الحزن، كتب كل المعلومات اللازمة، و ارسل التقرير مباشرة الى ادارة البحوث في الجامعة المركزية بالعاصمة، لكي لا يجد اي عراقيل في طريقه، و كتب رسالة يطلب فيها تغيير مقر عمله في اقرب الاجال.
ثم خرج من مكتبه بخطى هادئة، يحلل كل كلمة و كل جملة قرأها، ويعيد تمرير شريط ذاكرته بسرعة فائقة. كان عقله في اوج نشاطه خلال تلك اللحظات.
وصل الى غرفة زوجته، و عزم على اجابتها على التساؤلات التي تدور بعقلها. فتح الباب و اذ بملكه نائمة وابتسامة الراحة الهانئة ترتسم على شفتيها.
جلس على الكرسي الذي تعود الجلوس عليه، و انتظر لبرهة لعلها تستيقظ، ثم خطرت بباله فكرة، فحمل قلمه، وفتح المذكرة على صفحة فارغة عشوائية، و بدأ يكتب
"مَلكي و ملاكي و ملكتي و مُلكي و زينة كلامي،
اعجبت بما خطته اناملك، و بلغته رسائلك... و ارى اننا لم نكتب ليعض يوما و الا لكنا اشتركنا فوق هذا بشغف الكتابة، رابط قد يزين حياتنا اكثر...ساختصر الحديث، و اجيبك عن اسئلتك حتى يرتاح ضميرك، الجواب الوحيد و الاشمل هو "كنت اعلم"
انا لم اغضب لاضاعتك الملف، لاني كنت اعلم. رايتك و نحن في المطعم تتركينه على الطاولة و تخرجين، و قد ارسله لي صاحب المطعم في الليلة ذاتها لما وجد اسمي عليه.
لعلك تتسائلين لماذا لم اهتم بالملف، رغم انه لاحد الفيروسات و سيكلفني ذلك اعادة البحث فيه و اعادة نفس التجارب، و الجواب هو انني كنت اعلم، كنت اعلم بان ذلك الملف خاطئ كليا، و اعلم بان هذا الفيروس هو المبتغى لبحثنا.
اما عن كيف عرفت انه هو، فذلك ايضا لانني كنت اعلم انك غيرت الملصقات، و لكني تظاهرت بعدم الانتباه لاي شيء لكي لا اوترك، و اتركك لضميرك، كما اني كنت اعلم بتهديد ابن خالتك لك، و لم ارد ان اجعلك في موقف ضعف اسوأ من الذي كنت فيه.
بقيت اهتم لامرك لاني كنت اعلم بان داخلك جوهرا نقيا وثمينا لا يتغير مهما كانت الظروف، و كنت اعلم بان الحب الطاهر الذي يقبع في قلبك ساكنا منذ سنوات سيتغلب يوما على الخوف و الطمع الذين زاراك، فانت خفت علي ايام مرضي رغم انك كنت تحاولين تنفيذ خطتك.
لا الومك فالانسان يضعف دائما امام رغباته و احلامه، و انت —حسبما اعتقد— كنت تحاولين اجتذابي و تقوية حبي لك كامرأة ناجحة، ولكنك لم تعلمي اني احببتك اكثر لما توجب علي الاعتناء بك، انا احببتك لانك زوجتي رفيقة دربي و التي لن افكر في غيرها حتى لو تفارقنا، و لم افكر يوما في حب ملك المشهورة التي حققت مالم استطع فعله.
أنت تقرأ
انا المذنب
Romanceهذه القصة، هي النسخة الاولية لروايتي "كنت اعلم" التي صدر كتابها بعد التعديل والتغيير... *** باغتتها فجأة نوبة الم رهيبة، فصارت تصرخ بكل ما أوتيت من قوة، كسرت كل ذلك السكون الذي كان يسود المكان. توتر الشاب ابراهيم للحظة، ثم هب و نادى الممرضة لتعطيها...