لأني لا أشبه أيا منكم ، ولأني قد أكون قردا ، ولأنه ليس لي الحق بالعيش بينكم ، ولأنه لا يوجد من يحبني ، ولأنه من المخيف أن تروا وجهي المنفور منه ذو الأنف الكبير والعينان الحمراوتان والشعر الكثيف ونظراتي البريئة التي تبدو بناظركم جرما قد يصيبكم ، مع ابتسامتي الدائمة التي تترجمها أفكاركم لشر أو ابتسامة وحش مخادع، ولأني بدأت أكره نفسي أيضا ،سأكون الأفضل والمتميز منكم جميعا ،هذا يقيني والهدف الذي بات أملي فيه حلما سيتحقق ولم يحن وقته بعد .
لدي عقل يفكر، تماما كعقولكم لكنه يخفي أفكارا غنية عن التعبير لتستوعبها عقول مخمرة، كل ما أعلمه أنني بشر لابد من سبب لوجودي بهذا العالم ، الذي لطالما ألهمتني أوصافه بروح نقية عن أرواحكم .
أراكم تركضون ورائي مرددين كلمة "وحش" وجملة "إبتعد من هنا" هذه الصيحات حقا تعطيني وقودا لأفر بعيدا وربما للأبد رغم أن مكاني هذا هو مزرعة طفولتي، لابد لشبابي أن يزهر فيه ، طفولتي الكلمة التي لا تحمل إلا معاني حزن ووحدة من دون أب أو أم بالنسبة لي عكس طفولة أقراني البشريون التي تحمل معنى أصله ذكريات جميلة رفقة أسرهم ، لكن ما دمت أفهم كلماتكم و أقرأ ملامحكم وأحس بالحزن تجاه نفسي فإني حقا بشر وسأعيش كبشر . أتذكر أنني في تلك اللحظة تساءلت ترى كيف هو شكل أبواي ؟ حينها دمعت عيناي بشدة و بدوت كطفل صغيريحتاج لحنان أمه ، حقا إنني إنسان .
سأرحل من هذه القرية إلى حيث لا أدري ، ربما مكان أتواجد فيه لوحدي لن يبدو هذا غريبا بالنسبة لي فقد تعودت إكراهات الجميع تجاهي ، سأكون أسعد بما يكفي .
أصررت على قراري أخيرا وسلكت طريقا لا أعلم إلى أين هو بي آخد، جسمي على الطريق وتفكيري يبحر في ماضي الذي فارقته آملا أن يكون ما وراء هذا الطريق حياة أرى بها نورا ينير أفكاري ، مضت ثلاث أيام من دون مأوي ولا قوت أشبع به جوعي ، بقيت في أرجاء غابة أنتقل من مكان لمكان باحثا عن مقصد أخلق فيه ذاتي من جديد لحسن حظي ماهر في صيد الأرانب ، هكذا سأعيش إذن!.
في هذه الليلة نمت تحت غار بجبل لا أعلم كيف وصلت إلى هناك ، لكن هذا لا يهم الآن ، كل ما يشغل بالي كيف سيكون يوم غد ، علي العيش كبشر وليس كحيوان متوحش. في هذه اللحظة بالذات سمعت صوتا بل جيش من الأصوات الغريبة وكأنها أصوات تعبر عن الفرح ،أصابتني دهشة ونوع من الفضول، خرجت من الغار وأيقنت أن الصوت آت من أسفل الجبل ، فإذا بي أري بشرا يشبهونني مرتدين ملابس مثيرة للإشمئزاز والقرف ، ويرقصون رقصا مفزعا مع أصوات غريبة تلك التي أيقظتني من سكينتي بالغار .
لم تمنعني هذه المواصفات من النزول إليهم ، ألقوا إلي نظرة لثواني ، وكنت أنتظر أن يسألني أحد منهم من أنا؟ فجأة أسرعوا خطاهم باتجاهي مع تلك الصرخة العجيبة، حينها لم يكن بيدي وقت للهرب . حملوني إلى مكان وقوع قريتهم وألبسوني ملابس فخمة و حلي وقبعة بريش الطاووس وقدموا لي قطط مشوية وحشرات تثير قرفي أكثر،وأجلسوني على كرسي خشبي ثم سجدوا لي جميعا(...).
علمت حينها أنني ملكهم الآن ، سألتهم عن هذا لكن لم أرى منهم سوى نظرات تترجم تعجبهم من حركاتي وحديثي .
إنهم لا يتحدثون من البداية ما يعني أنهم لا يعرفون التحدث لكن من هنا تغيرت حياتي ، إستغلت موضع كوني ملكهم، وكونهم بشر عليهم العيش كما أرادت نفسي العيش، أستطيع الآن تحقيق حلمي الذي كان يكبر كلما رأيت معلم قريتي القديمة يعلم تلاميذه البشر القراءة والكتابة وأنا معزول بعيدا أشاهد وأتعلم من الأستاذ من دون الإقتراب وإلا لقيت منهم الشتم والضرب(...).
علمتهم الحديث ثم القراءة والكتابة ، محوت من عقولهم الجهل والتقاليد الغريبة وتلك الصرخة المزعجة ، تطورت حياتهم من العيش في أكواخ لمنازل ومن أكل اللحوم النيئة إلى محصول الفلاحة والطهي وكونا شعبا متطورا يملأه وعيا وقيم تسامح وأخلاق(...).
كونت أيضا أسرة ملكية رائعة بشعب مزدهر ، رغم كوننا بشر مختلفون فإننا نستحق العيش وقد نتفوق على البشر.
أفتخر بنفسي الآن لكن مازال بعقلي أفكار علي الوصول إليها ولن يمنعني البشر..
أنت تقرأ
*البشري المختلف*
Fantasyشاب بشري لكنه مختلف عن البشر بحيث يتصف بصفات وحش أو قرد مما جعل البشر يكرهونه ، فر من ماضيه المؤلم لبناء حياة جديدة بعيدا عن البشر ليجد في النهاية بشرا مختلفون يشبهونه وطورهم من الأسوء للأفضل وبذلك أصبح ملكهم ، إقرأ لمعرفة النهاية وتفاصيل الرواية كا...