*البشري المختلف2*

8 1 0
                                    


بعد انتقالي للعالم الثاني ، العالم الذي وجدت فيه ما أريد ، العالم الذي لم أحس فيه يوما بالوحدة أو الإختلاف ، العالم الذي تكمن فيه "الأنا" الحقيقية ، العالم الذي قرأت فيه حقيقتي الباطنية ، لست وحشا!.

بين أفراد شعبي ، لم يعد هناك مستحيل ، حقا إني لمندهش من البشر المختلف الذي لطالما كان بذهن البشر صنف متوحش وحيواني ، مخيف ومثير للقرف ، ذي القيمة المنحطة ، وجدت بشعبي طاقات وقدرات هائلة لم أراها لدى البشر مطلقا، اكتشفت به عباقرة ، مقاتلون ، فنانون ، محاربون ، صناعون ، وإبداع مذهل...

كل هذا جعلني أستغرب من قدرتي على تغيير ذلك الشعب الذي كان قد أثار قرفي إلى شعب أعطاني الأمل والثقة في قوة نوعنا ، وفي أمل ازدهار لمملكتنا، ويزداد أملي كل صباح عندما أنظرللناس يعملون بكل جد و حماس ، بكل تسامح و تعاطف ، يمسكون بأيدي صغارهم إلى المعلم وأراهم يركضون إلى مدرسِّهم بكل نشاط وثقة كي يتعلموا المزيد ، هذا لأن شعبي وثقوا بي بعد أن وعدتهم بالنجاح والتفوق على البشر ، وعلي أن أتثبت بوعدي كل التثبت ، كي نصل للقمة (...).

هكذا أصبحت ، أعيش كملك دون أوصاف الملك الذي كنت أستعجب لمنصبه عند البشر ، أستطيع القول لحد الآن ، أثمن شيئ جنيته من حياتي كلها ، زوجتي وطفلي الذي أتمنى أن يتمم ما أفكر به بعدي وهذا الشعب الفائق الروعة(...).

في إحدى اللحظات التي غرست بذاكرتي المتعودة السعادة ،تلك كانت أول مرة أسمع فيها صراخا يعم قريتي كلها ، أول مرة أرى في وجه شعبي الخوف والهلع ، لم تمرإلى ثواني قليلة فإذا بحراسي مقبلين لي بطفل بشري يبدو على هيئته العياء والتعب ،وجهه شاحب ومتسخ ، عيناه منتفختان ، يكاد يسقط أرضا ، تعجبت حينها كيف استطاع الوصول إلينا وأنا الذي كنت أظن أنه لا أحد من البشر باستطاعته معرفة مكان وقوع مملكتنا (...).

تجنبت الحديث إليه إلى حين أخده قسطا من الراحة ، خرجت من قصري وألقيت خطابا إلى شعبي لأني أعلم علم اليقين أن هذه أول مرة يرون فيها بشري عادي ، أخبرتهم أن كل ما علينا فعله هو الإهتمام بهذا الصغير إلى أن نعيده لمكانه الأصلي بطريقة ما .

بعد أن استيقظ الطفل وسألته عن سبب مجيئه إلى هنا ، أيقنت أنه فاقد ذاكرته،و كل ما يعلمه أنه استيقظ فوجد نفسه أمام واد ليس بعيد عن هنا وبدأ بالركض إلى حين التقائه بأحد أفراد شعبي .

لم يبدو على هذا الطفل الخوف من شكلنا ،لأنه وببساطة فاقد ذاكرته ، قد يبدو هذا بالنسبة إليه أمر عادي ، لكني أردت التفكير بالطريقة التي ستعيده للملكته فأنا نفسي لا أعلم أين تقع (...) .

عاش الطفل البشري معنا ، لاحظت انسجامه الغير المتوقع بيننا ، وكيفية تعامله ، طريقة كلامه ومدى ثقافته ، يبدو مختلفا تماما عن البشر الذين عشت معهم سابقا ، لربما سيبقى معنا فقد إعتدنا لمساته اللطيفة على حياتنا ، ويبدو مختلفا أيضا عن طفلي الذي ليست له إمكانات أخلاقية ولا سلوكه ، يعيش لأجل الأكل والنوم واللعب ،لكم أردت تغييره لأنه ملك المستقبل.

*البشري المختلف*حيث تعيش القصص. اكتشف الآن