أستنفد الصدام بين جيردا وجوردان قواها , وتركها مرتجفة كما لو كانت تعاني مرضا حادا , وجدت نفسها خارج غرفتها دون أن تذكر كيف وصلت هناك , وشعرت بحاجة ملحة للعودة الى فراشها لتسترخي وتتناول شرابا يبلل حلقها , إلا أنها لم تجد في نفسها القوة على العودة الى الطابق الأرضي للحصول على الشراب , فركنت الى الحاجة الأخرى الى الوحدة.
فتحت باب الغرفة نصف المفتوح , لكنها تراجعت أمام سوزان لاموند .
" أسرع مما توقعت , ظننت أنك ستبقين فترة أطول مع جوردان".
نظرت بعناد الى وجه جيردا الشاحب وقالت بهدوء:
" أريد أن أتحدث معك".
" فيما بعد رجاء".
ولم تستطع للحظة إيجاد عذر تبعد به نظرات الفتاة القاسية عن وجهها , ثم قالت:
" أنني مصابة بصداع فظيع".
وأذ قالت ذلك أدركت بأنه كان صحيحا وشعرت بالبرودة والمرض.
توجهت نحو حوض الماء الصغير وبللت وجها بالماء البارد ثم جففته بالمنشفة دون أن تهتم بمكياجها.
" أنك في حالة سيئة , هل سيغمى عليك؟".
" كلا".
أجابت جيردا ببلادة ثم جلست على المنضدة الصغيرة وتناولت منديلها , لتمسح به ماكياجها وتحاشت في الوقت نفسه نظرات سوزان المتفحصة من خلال المرآة.
" ماذا تريدين؟".
" أن أعرف ما هي لعبتك بالضبط؟".
لعبة , وتنهدت جيردا , لا بد أن العراك مع سوزان سيكون آخر إهانة لها , قالت بصوت أنهكه التعب :
" قولي ما تريدينه رجاء ثم أتركيني , إذ أشعر بأنني مريضة ".
" هل تعرفين ما أشعر به؟ لماذ عدت الى هنا؟".
" لأنني دعيت للمجيء".
" ليس ذلك صحيحا , جئت لأن جوردان يريد أنهاء علاقتي بستيوارت , أو هو يعتقد بأنك قادرة على ذلك , ليس بمستطاعك ذلك , وإذا كنت عاقلة فلا تحاوليه أيضا , لم تريدي ستيوارت منذ ثلاث سنوات ولا أعتقد بأنك تريدينه الآن".
ثم نهضت عن الفراش وقالت بغضب:
" إبتعدي وأتركينا وحدنا".
" أصغي الي , حاولي تصديقي , ما أريده هو سعادة ستيوارت ومستقبله".
" أستطيع أنا القيام بذلك لأنني أحبه".
" أعرف وأنا أيضا أحبه برغم شكي في قدرتك على فهمي".
" أفهم جيدا , أنك تشبهين البقية , أن الجميع يرغب براحة ستيوارت وليس هذا ما يريده , أنكم جميعا عميان لا ترون ما أراه".
وكان لكلمات سوزان وقع الحقيقة , حقيقة لا يراها أحد عداها , ثم أضافت بنعومة:
" ليس هناك شك ولا غموض فيما هو الأحسن لستيوارت , الحل الوحيد والأفضل هو أن يستطيع المشي على قدميه من جديد".
" نعم , لكن هذا لن يحدث ما دمت أنت وجوردان وكل شخص آخر تحاولون جميعا دفعه للمخاطرة بحياته".
" لن يموت ستيوارت , إنه شاب قوي وشجاع".
" هذا ما يقوله الجميع".
ودفعت نفسها في الفراش أكثر ثم قالت بقوة:
" ألا تستطيعين الأحساس بخوفه ؟ إنه بحاجة الى التفهم وإلى شيء قوي ما فيه الكفاية لينتصر على خوفه".
" أعتقد أن الرغبة في المشي ثانية كافية لتخليصه من خوفه".
وأبتعدت جيردا عن المرآة واضعة يديها على عينيها.
" هل تعتقدين حقا بأنك ستنجحين حيث فشل الآخرون؟".
" نعم , لو تركني الناس أقوم بما أريده بطريقتي الخاصة".
تنهدت جيردا وقالت:
" أليس القرار خاصا بستيوارت في الدرجة الأولى ؟ لا أعتقد أنه بمستطاع أي منا إجباره , أمه مثلا ضد الفكرة وإذا ما أثرت عليه......".
وصرخت سوزان بلا إرادة قائلة:
" ذلك شيء آخر , لو أنك لم تأتي لتتدخلي لأختلف الأمر تماما".
" آه يا ربي ! كيف أن قضائي عدة أيام في هذا البيت يدفعك للأعتقاد بتغيير ستيوارت؟".
" أن السيدة بلاك تقضي عطلتها بعيدا , وأقنعت ستيوارت بعدم الذهاب معها والبقاء معي , وهكذا تتاح لنا فرصة البقاء شهرا كاملا وحدنا , ولولا عودتك وأثارتك للأضطراب لكنا متزوجين الآن".
" زواج ؟ هل تظنين أن جوردان كان سيسمح بذلك؟".
" أعرف تماما ما يفكر به جوردان وسأنتصر عليه , إذ أنجزت أنا وستيوارت كل شيء".
" نعم , لنفترض ذلك , ثم ماذا؟ كيف ستهتمين بستيوارت ؟ أين ستعيشان ؟ هل لديك فكرة عن العيش مع مقعد؟ أنك مجنونة لمجرد التفكير بذلك".
ونظرت الفتاة الى جيردا بهدوء وقالت بلهجة واثقة:
" كلا لست مجنونة , لو أنني أخبرتك التفاصيل لنقلت الخبر الى جوردان , سيكون كل شيء على ما يرام , لا تقلقي".
حدقت جيردا في وجهها بمرارة وقالت:
" جوردان هو آخر شخص أرغب في أخباره أي شيء , ولكن لا تخبريني إذا لم ترغبي بذلك".
" أريد أخبارك لأنني أريد منك أن تفهمي , أريد من ستيوارت الزواج مني سرا , كلانا في سن الرشد ولن يستطيع أحد منعنا , أعتقد أن ليون سيساعدنا عمليا من ناحية أخذ ستيوارت الى إيست بورن للأحتفال , ولكن إذا رفض فسأجد شخصا آخر يقوم بذلك , ثم نعود بعد أجراء المراسيم ولن نخبر أحدا".
" نعم , لكن المسألة ليست سهلة الى هذا الحد".
![](https://img.wattpad.com/cover/104016837-288-k87098.jpg)
أنت تقرأ
"لحظات الجمر "
Romanceمنقول/ مكتملة للكاتبة : مارجي غيلتون الحقيقة عندما لاتقال تخلق في الضمير حالة كابوس تنمو وتنمو كالأخطبوط الشرس, وتروح تعبث بالحالة النفسية وتؤثر على التصرفات, حتى تصل لحظات الجمر, لحظات قول الحقيقة ...فكيف اذا كان الحب مختبئا وراءها , ينتظر بفارغ...