-الفصل السابــع(النّـسخَـة المُـعدّلـة)

8.6K 438 100
                                    


*
*
*
*

"دعينا نتفق، سنتزوج وتصبحين أنت أميرة المملكة، وزوجة ولي العهد، وأعدك أنني لن أقترب منك، إلا إن شئت أنت ذلك، أعلم أنه اتفاق غريب، لكنِّي اريدك زوجتي، فكري جيدا رزان، أعلم أنك لا تريدين الزواج، لا بي ولا بأي أحد.."

تذكرت كلماته الأخيرة منذ يومين، عندما قالها ونهض سريعا منهيا الحديث، لم يبدُ أنه كلام أميرٍ عاقل؛ لكن هذا ليس أول فعل مجنون تراه منه على أي حال..

في تلك اللحظة استعادت كل كلماته مجددا إلى ذاكرتها"أريدك زوجتي.."شعرت بالقشعريرة تنتقل إلى أوصالها فجأة، ويا لذلك الشعور الغبي!

عقدت حاجبيها بضيق وهي تهز رأسها مبعثرة أفكارها، بعد أن حسمت قرارها أخيرا، هي لن تخاطر أبدا بالمزيد من عمرها..

ما أدراها؟ لعلها عندما ترفض هذا الزواج الغامض، يتزوجها من هو أفضل منه، ومن هو أفضل منهم جميعا ..

"حُسم الأمر"
همست وهي تمسح على شعرها برفق، نقلت نظراتها إلى عائلتها التي كانت تراقبها بفضول، في محاولة لتخمين قرارها..

لم يعلموا بإتفاق الأمير، الذي لن توافق عليه، لكنهم كانوا يفكرون بنفس طريقته، هل ستقبل إكمال حياتها معه؟ أم ستنتهز الفرصة التي أعطاها لها والدها؟!

"ماذا؟"
سألت بضيق و هي تراقب نظراتهم الفضولية..

"آه..في الحقيقة أنتِ شاردة منذ الصباح، نحاول فقط معرفة ما يجول بخاطِرك"
قال خالد بسخرية لتدير عينيها، ثم توقفت فجأة لتبتسم بجانبية:
"لا تقلقوا، لازلت عند رأيي، ولا أظن أنني سأغيره في أي وقت قريبٍ"
وما أن أنهت حديثها حتى ظهرت تعابير خيبة الأمل على وجوههم.

قرروا أن تكون الخطبة في نهاية الأسبوع، والعرس في نهاية الشهر، لذا، أدركت أنه تبقى أربعة أيام بالتمام لتخطب لأمير بلادها..

الجمعة..
لم تظن أبدا انها ستملك ذكريات سيئة لهذا اليوم، ستكون خطبتها وعرسها فيه، فهل هناك أسوء من هذا؟

كلاهما كانا متعجلان؛ لكن الفارق الوحيد بينهما هو أنه كان متعجلا للزواج بها، لتصبح حرمه..

بينما كانت هي متعجلة للزواج به، لتنقب عن عيوبه، لأنها الوسيلة الوحيدة لتنهي هذا الزواج..

"ألن تذهبي للسوق؟"
سألت والدتها عندما رأت رزان تقترب لمساعدتها في المطبخ..

"لماذا؟ ألم تذهب نهى منذ يومين"
سألت بحاجب مرفوع..

تنهدت السيدة حسناء وحركت رأسها بقلة حيلة:
"غبية .. لن تذهبي للسوق لشراء أغراض المنزل، بل لشراء أغراض زواجك رزان"
شرحت والدتها بنفاذ صبر..

ابتسمت هي بجانبية:
"آها.. أغراض زواجي إذن"
وضعت يدها تحت ذقنها بتفكير مصطنع ثم قالت ببراءة:
"أمي..أرى أنك متحمسة للغاية بشأني، أعني بالتأكيد يجب أن تكوني هكذا، لأني لا أتزوج كل يوم، ولكن حماسك مبالغ به، وأنا أرى أنه بلا فائدة حقا، لأننا لا نعلم هل سيتم هذا الأمر أم لا! "

ثم أكملت عندما رأت نظرة والدتها المستاءة:
"لا يهم!"
هزت رأسها بعجز، ثم قالت سريعًا عندما شعرت أن والدتها على وشك ضربها بنعلها:
"أمي الحبيبة! تلك الأشياء سأشتريها لاحقا، مازال لدي شهر، لذا رجاءا لا تفسدي تمتعي به.."
تعلم أن تفكيرها كان غير منطقي بالمرة، لكنها لم تهتم بالمنطق وغيره وقتها..

"لا يا جميلة، في الحقيقية يجب أن تحضري أغراض الخطبة..آه! "
توقفت لحظة لتكمل بتفكير"لكن لا، أغراض الخطبة يجب أن تشتريها بحضور الأمير زين، لقد نسيت!"

لقد ظنت ذلك، لكنها كانت غبية كفاية لكي لا تتذكر عادات تلك المملكة، تُحضر العروس تجهيزات الخطبة بوجود خطيبها، وأغراض العرس تشتريها وحدها، لذا فقد خدعها الأمير، لم يتوقع أبدا أن تفكر هي في أمر كهذا، لأنها لا تهتم بالزواج برمته..

"أمير ماذا؟! لم علي الذهاب معه في حين أنني لا أرغب في الذهاب أصلا؟!"
سألت بضيق وهي تترجى والدتها..

رفعت السيدة حسناء كفيها بقلة حيلة:
"يجب عليك الذهاب، رزان"

ثم ضربت على جبينها بخفة وهي ترى تعابير رزان الغاضبة، قالت بلُطف:
"الأمر لا يستحق كل هذا الضيق رزان، هو شاب صالح وذو أخلاق سامية، لا يجب عليك النفور منه لخطأ قد اعتذر عنه، وتذكري، إن كنتِ تريدين الانفصال عنه في وقت لاحق، يجب أن تقومي بدورك على أكمل وجه! "
أنهت حديثها بنبرة تحذيرية زائفة..

أخلاق سامية إذا! سخرت داخليا وقد بدأت بكره تلك الكلمة، وكره الأمير أيضا:
"حسنا.."
تمتمت بقلة حيلة..

"والآن، عليك التفكير بما ستشتريه من أقمشة وحليّْ وغيره، سيأتي الأمير لاصطحابك للسوق بعد أن يخبر والدك"

أومئت بنفاذ صبر:
"حسنا أمي..شيئ آخر؟"
قالت بإبتسامة باهتة..

فكرت والدتها:
"في الحقيقة نعم.."
قالت قبل أن تبتسم بخفة مكملة:
"عليك مراضاة والدك، إنه غاضب منك لتصرفاتك الغير لائقة..ولا يجب علي في كل مرة أن أخبرك بأنه غاضب، مع العلم أنك في كل مرة تكونين على معرفة تامة بذلك.."
شيئ جديد أدركته رزان، والدتها أفضل من يلقي محاضرات على وجه الكرة الأرضية..

"حسنا.."
قالت وخرجت سريعا غير راغبة بسماع المزيد من الأمور التي ستزعجها حتما..

توقفت لحظة لتستند على الحائط، وقد كان كل ما يجول بخاطرها في تلك اللحظة هو، كيف عليها مراضاة والدها؟

لا تستهينوا بوالدها فهو شخص صعب المراس..
بدى الأمر محيرا أكثر من كونه صعبا!

**************

"خارج.التّقاليد"_(قيد.التعديل)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن