استمرا فى سيرهما بينما تشيعمها ريم بنظراتها الذاهلة ..على الاخص تشيعه هو ..حتى وصلا الى مكتب المدير ؛عندئذ وكأن التعويذة التى الصقت قدمها بالارض قد اختفت ..سارت بتثاقل حتى مكتبها وهى ترجو ان يكون بالفعل قد نسيها . والا تضطرها الظروف الى العمل معه ولكن كيف ..من الواضح ان لديه عملا ضروريا مع المؤسسة .كانت تعرف انه كرجل اعمال قوى لا يحتاج الى الحضور بنفسه الى مؤسستهم المتواضعة...فيكفى منه مكالمة تليفونية واحده ليحصل على ما يريد ..
اذن لماذا حضر؟؟
دخل احمد الى مكتبها وهو يتحدث بتلقائية عن الصفقة الجديدة التى ستبرمها المؤسسة مع مؤسسة الريم ..مسهبا فى وصف رئيسها قائلا :" من الواضح ان محمود فريد هذا ليس سهلا ".
اذن فلقد كان حقيقة ...لم تتخيل ..محمود هنا ..
فى ذات المبنى معها.
تفصلهما امتار قليلة .كان شحوب وجهها من خوفها ان يتقابلا ثانية ملفتا ..سألها احمد :" ريم ...ريم ..ما بك ؟؟هل انت مريضة؟".
كان احمد خطيبها او فى عداد المخطوبين ..فلقد سألها الزواج ووافقت ولكنها اخرت مقابلته لوالدها قدر استطاعتها ..فى كل مرة تخترع سببا حتى تؤجل المقابلة .
كان احمد مطلقا مثلها وتم الطلاق بينه وبين زوجته لكونه لا ينجب ..وهو مناسب لها عقليا كما تمنت فهو ذكى ومرح وعاقل ..يفكر بعقله لا بقلبه ..
والميزة الافضل بالنسبة لها انه لن يبحث يوما عن الانجاب ..
هو صديق وفيا ومميزا ..والصداقة افضل بكثير من الحب فى بناء زواج ناجح ..فهى جربت الحب من قبل وفشلت وآن الاوان ان تجرب العقل ..
كرر احمد سؤاله :" ما بك؟"
تعللت بالصداع..فاقتنع وتركها ..
وبمجرد خروجه ،عادت الذكريات تلح عليها ..الى اكثر من عشرين عاما عندما تم الطلاق بين والديها وهى بعد اقل من خمس سنوات ..
ولكن برغم صغر السن الا انها تتذكر تلك الفترة جيدا..فلقد رفضتها والدتها ..تركتها مع ابيها حتى تستطيع ان تتزوج ثانية دون عائق ..
و تزوجت الام ..
لا تنكر فضل ابيها .او حبه القوى لها ....
وكيف بذل من مجهودات عظام ليعوضها غياب الام وكيف كان يقضي جل وقته معاها يذاكر لها دروسها او يطعمها ..لا تنكر ابدا عطفه او حبه او تفانيه فى اسعادها .. وبرغم صغر سنها الا انها فهمت ووعت جيدا ما حدث ..لذلك لم تغضب عندما صارحها برغبته بالزواج من اخرى عندما اتمت العاشرة ..بالعكس شعرت بالسعادة لاجله . فهو لاول مرة تراه سعيدا ..و تزوج والدها ..وهنا بدأ عذاب قلبها ..
كانت ماما سميحه نعم العوض لها ولوالدها ..
ملاك
لا يمكن ان توصف ماما سميحه باقل من كلمة ملاك ..تدخل القلب من اول مرة تراها فيها ..فلم تجد حرجا فى ان تناديها ماما ..ولما لا ..فهى احق من والدتها بذلك اللقب .
دون مقدمات وجدت اما ..تقبلتها واحبتها ...اما بكل ما تحمل الكلمة من معنى ..
وكان اجمل ما فى ماما سميحة ..محمود .
ابنها .
الذى يكبر ريم بعشر سنوات كاملة ..
والذى مات والده عندما كان فى العاشرة من عمره ..
كان محمود احد اهم الاشياء التى جعلتها تشعر بالسعادة فى حياتها الجدبدة ..لم تعرف متى او كيف بدا حبها لمحمود الذى كان يدرس فى نهائي هندسة الاسكندرية حيث كانوا يقطنون هو ووالدته والتى انتقلت وحدها الى القاهرة بعد زواجها من والد ريم وبقي محمود فى الاسكندرية .
كانت اجمل شهور السنة هى شهور الصيف حيث كانوا يقضونها فى الاسكندرية ..والسبب لجمال تلك الشهور بالنسبة لها ..كان هو ..
نعم كانت تحبه ..والكل كان يعلم ...لم تخجل وهى تسير وراؤه كظله تلبي له كل طلباته البسيطة ..تهتم بكل تفاصيله وبما يحب ويكره ..
كانت دوما مبهورة بكلامه واراؤه ..ترددها كالبغبغان ..لكم تشعر بالحرج الان عندما تتذكر كيف كانت ..
لقد احبته بقلبها الطفولى ..وظلت تحبه طيلة مراهقتها ..والى الان ..لم تتوقف ثانية عن حبه.
وعندما تقدم لوالدها ليخطبها، فرحت ..لا ..بل طارت من الفرحة ...فلقد تحقق حلمها ...لقد تحققت دعواتها ..وستتزوج حبيب العمر .. من تمنت ودعت الله دوما ان يكون لها ..ذلك الحبيب الرائع والمثالى ..
كانت فرحتها عارمة حتى انها لم تلاحظ ان حبيب العمر طيلة فترة الخطوبة او زواج عامين لم يصرح لها يوما بشوق او بحب ..
كانت ترى فى حبها له الكفاية ..فيكفى ان تحبه هى كل ذلك الحب ..تحبه بالنيابة عنه وعنها ..
كانت ساذجه لتعتقد ان القصص الخرافية والخيالية لها مكان على ارض الواقع ..
انها عندما تحب شخصا ما سيبادلها الحبيب الحب ويعيشون فى سعادة الى الابد ..ولكن لا ياريم ..الواقع شيء والخيال شيء اخر...
أنت تقرأ
حبيب العمر
Romanceدوما كان حبيبها ..لم تعرف حبيبا سواه ..ولن تفعل .. حتى عندما قررت الزواج من غيره ..كان قرار العقل ..فلقد كبدها قلبها من قبل الكثير من الاوجاع .. واليوم عاد .. يعيدها اليه .. ولكن ايضا دون حب .. وستعود .. فهى له برغم كل شيء ...