4

397 53 18
                                    

فتح لنا باب الكُوخ المتواضع المستقر فوق البحر بأعمدة مشيدة. ليضع الموظف الحقائب عند المدخل وينصرف سريعًا فوق الجسر الخشبي عائدًا للجزيرة المُتواضعة.

كانت الشَّمس قد ودعتنا بآخر خيط من أشعتها قبل أن تحل الظُلمة المزينة باللآلىء. دلفت لغرفة المعيشة بينما راح ليام يضع الحقائب في الغرفة الجانبية، والتي هي على حسب ظني غُرفة النَّوم.

وضعت حقيبتي على الأريكة البيضاء وتطلعت للخارج، حيث كان الفناء واسعًا يطل على البَحر، وقد احتوى في منتصفه مسبحًا وأرائك للاسترخاء. بقيتُ أتأمل المنظر الطبيعي الخارجي.. حيث لا أضواء مدن بعد الآن تحجب الجمال الكوني الذي يلمع بخجل في الأعالي.

إتجهتُ يمينًا حيث المطبخ. كان مزينًا بمنضدة خشبية اللون وقد إكتسى سطحها الأملس اللَّون الأبيض. كان متواضعًا وبسيطًا..لكنه كان جميلًا. الفُرن كان كهربائي.. وفي الجهة الأُخرى حيث النافذة المغسلة.

بقيتُ ألقي بنظري للخارج.. حيث تهادى الى مسامعي صوت البَحر اللَّطيف. المكان حقًا جميل وخلَّاب على الرَّغم من بساطته.. يكفيني أن أعيش هنا ولن أتذمر.

خلال لحظة وجدتُ ليام بسروال السِّباحة الأزرق يقف خارجًا، ولاني ظهره.. إستقرت عينايَّ على عضلات كتفيه، وإستدارتهما..ظهره ووضوح خط العَمود الفقري في منتصفه.

تحرك ليام للأمام ليتحرك كتفيه وقد بان عظمي الكتف فيهما. نزل للمسبح وجلس هناك وهُو لا زال يواجهني بظهره. ما حدث اليوم في الطَّائرة كان جميلًا.. أو كما ظننت أنهُ سيذوب قليلًا من الحائط الجليدي الذي بيننا.. لكن، أستطيع أن أرى أنه ليس هناك أي تقدم.

تنهدتُ بمرارة وتوجهت لغرفة النَّوم. لا نية لديَّ في تناول وجبة العشاء مع جدار جليدي لا يتحدث معي إلا للضَّرورة. غيرتُ ثيابي وإرتديتُ منامتي لأستلقي على السَّرير وقد أطفأتُ مصباح المنضدة التي بجانب الفراش الواسع. إتجهتُ ببصري تلقاء النافذة التي تُطل على البحر ومن البَعيد لمحتُ خيالًا لجزيرة وقد تزينت بالأضواء التي بدت شحيحة بالنسبة لي.. المالديف تعتبر أرخبيل جزر وهذا جميل بحد ذاته، فكل جزيرة لها تألقها وتميزها.

دسستُ وجهي في الوسادة الوثيرة وأغمضتُ عينيَّ وقد عانق مسامعي صوتُ البحر وتلاطم أمواجه بفعل النَّسيم الربيعي. إنها جنة دنيوية بحد ذاتها.

صوت خطوات تقترب من الغرفة.. كنتُ ما بين النَّوم واليقظة ولكن إقترابه ودخوله الغرفة قد جعل النَّوم يطير من عينيَّ. لم أتلفت للجهة الأُخرى حيث ستلتقي عيناه بعينيَّ.. لا أريد رؤيته، لا اريد التَّعامل معه.. ليس الآن. لأن ركوبي الطائرة وذلك الحُلم الرهيب قد أخذا كل طاقاتي اللازمة للتحمُّل.

ألوَان الشَّفق || L.Pحيث تعيش القصص. اكتشف الآن