| وبدأَ مِن كِتاب |

9.4K 509 302
                                    



شظايا نارٍ ترتفع ..

دماءٌ قانية تنبثق ..

والقمرُ فوقه أخذ وبنوره ينقشع ..

بدأ يَلهث، يلهث وبشدة ! فمَا كان عليه الدخول، ما كانَ عليه التجربة، والاهم؛ ما كانَ عليه السرقة !

تغلغلت مَسامعه ومن كل مكانٍ صَيحاتْ، ضِحكات، شَهقاتٌ وصَرخات !

أرنبٌ مسودٌ يجري وتفاحةٌ تنفجر، حذاءٌ زجاجي ينكسر وبَتلات وردةٍ بيضاء حوله أخذت تنتشر ! تُراه يحلم؟ أو علَّه فقط بدأ يتَوهم؟

لكن أناَّ لهذا أن يكون وهماً وهو يتذوق الطَعم القذر لدِمائه المُتنازلة من رأسه الذي سبق وانفتح !

هاجَ وماج وبقدمه رَاح يضرب الكتاب المرمي ببرميل المَعدن بجانبه المُشتعل، مدركاً أن لا فائدة قد تُستحضر مِن ذلك، فأبعد انتباهه عَنه واضعاً يديه بأذنيه بعدما اكتفى صائحاً :" فلتوقفهم ! أوقفهم عَن التسلل داخلِي ! فلتحترق عليكَ اللعنة فحسب وترحَمني !! " غير أن ذلك وكما توقع لَم ينفع ..

تحولت الأصوات حَوله بذاك الزقاق القديم المُتهالك لهَمسات، تدعوه ببطءٍ للانضمام مَع أصحابها للمجهول .. عقله يكاد ينفجر ومِن هذه الأرواح الغريبة الظاهرة تمَنى التحلل ! أصواتهم تخيفه وأشكالهم المُريبة التي تقترب كل دقيقة تربكه .. تطلب وبهدوء:" ألَن تتنازل وتأتي يا صَغيرنا المَحبوب؟ "

وكل هذا من ذاك الكِتاب .. كِتاب أرضِ العَجائب .

فجأة ، توقف كل هذا ..

كل أصوات العالَم اختفت، تاركةً سِيادة الجو للصَمت ..

بعينيه البندقيتين الزائغتين رَاح ينظر حوله، وقُشعريرة تملكته فجأة مِن برودة في الحال انتشرت بالمَكان، نيرانُ برميل المعدن تبددت وكل مشهدٍ كان يراه تضبب..

شيءٌ فجأة لَمسه !

يدٌ مجعدة باردة .. تتصَاعد بهدوءٍ من موقع اللمس بالرقبة مروراً بعينيه وشَعره البني الناعم، أنفاس صاحبتها ترن بقلبه إنذاراً وبعقله طلبَ السكون والتجمد، ولَم تمر ثوانٍ من صَمت؛ حتى قطعته بصوتٍ مبحوح خلفه:" أنتَ لستَ بطفلٍ يا ولد، فألَم يعلمك أهلك أن السرقة خطأ؟ عجوزٌ في المِئة تطلب السَكينة والتكتم، وفوق تلصصك عليها تسرقُ تعب عُمرها ورغم ما فعلت لا تتصرف سِوى بهكذا تهكم؟ " دبَّ الرعب بكل أوصاله مَع همهمتها عند آخر ما قالت، عاجزاً عن الإقدام بأي حركة كما لو كان مخدراً حتى آخر إصبع من سَاقه وكذا ذِراعه ..

أرضُ العجائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن